رصاص الفوضى يخطف صوت الحقيقة.. استشهاد الصحفي صالح الجعفراوي في غزة
رصاص الفوضى يخطف صوت الحقيقة.. استشهاد الصحفي صالح الجعفراوي في غزة
ارتقى الصحفي والمصور الفلسطيني الشاب صالح عامر الجعفراوي، مساء الأحد، خلال تغطيته اشتباكات مسلحة اندلعت في حي الصبرة بمدينة غزة، بعدما أصيب برصاص مسلحين وصفتهم مصادر محلية بأنهم خارجون عن القانون، وأكدت المصادر الطبية وصول جثمانه إلى مستشفى المعمداني، بعد أن فقد الاتصال به أثناء عمله الميداني.
وأفادت وزارة الداخلية في غزة في بيان أن الأجهزة الأمنية حاصرت مجموعة مسلحة داخل المدينة، كانت قد أطلقت النار على مدنيين نازحين أثناء عودتهم من جنوب القطاع. وأعلنت الوزارة فتح باب التوبة والعفو أمام أفراد العصابات الذين لم يتورطوا في جرائم قتل، لتسوية أوضاعهم القانونية بين الثالث عشر والتاسع عشر من أكتوبر 2025.
وأوضح بيان الوزارة أن بعض المجموعات استغلت حالة الفوضى التي سادت خلال الحرب على غزة لارتكاب جرائم بحق المواطنين، من سرقة للمساعدات الإنسانية إلى التعدي على الممتلكات، مشيرة إلى أن الأجهزة الأمنية تلاحق المتورطين في هذه الجرائم.
صحفي بدأ من الميدان
وُلد صالح الجعفراوي في الثاني والعشرين من نوفمبر عام 1998 في قطاع غزة، ومع اندلاع الحرب الأخيرة، تحولت عدسته وهاتفه إلى شاهد يومي على معاناة المدنيين، فوثق مشاهد القصف والدمار والمستشفيات والملاجئ، وأسهم في نقل صورة غزة إلى العالم بلغة بصرية صادقة ومؤثرة.
لم يكن الجعفراوي معروفًا قبل الحرب، لكن حضوره الإنساني وصوره المؤلمة جعلت منه أحد أبرز الأصوات الفلسطينية على المنصات الرقمية. تجاوز عدد متابعيه ثلاثة ملايين شخص على إنستغرام، إضافة إلى جمهور واسع على منصتي "إكس" و"يوتيوب"، حيث تحولت صفحاته إلى مرجع حي لفهم واقع الحياة اليومية في غزة.
كان صالح الجعفراوي بالنسبة لكثيرين رمزًا للشجاعة والإصرار على نقل الحقيقة رغم المخاطر، واجه تهديدات إسرائيلية علنية بعد أن وضعت اسمه على قوائمها الحمراء، لكنه واصل عمله مؤكدًا أنه صحفي حر يجب أن يحظى بالحماية الدولية، وفي المقابل، تعرض لحملات تشويه واتهامات من وسائل إعلام إسرائيلية زعمت أنه ينشر مقاطع مزيفة أو مضللة، لكنه ظل متمسكًا بموقفه ووصف نفسه بأنه شاهد على معاناة شعبه.
النهاية في حي الصبرة
في مساء الأحد الثاني عشر من أكتوبر 2025، وأثناء تغطيته اشتباكات مسلحة في حي الصبرة، تلقى الجعفراوي سبع رصاصات أودت بحياته، لينتهي مشواره المهني وهو يؤدي رسالته الصحفية في الميدان، وشكّل رحيله صدمة واسعة في الأوساط الإعلامية والشعبية الفلسطينية، حيث نعاه زملاؤه ومتابعوه باعتباره صوتًا صادقًا نقل معاناة غزة إلى العالم.
يأتي مقتل الصحفي صالح الجعفراوي في ظل حالة من الفوضى الأمنية التي تشهدها بعض مناطق قطاع غزة، بعد عامين من الحرب المدمرة التي خلفت آلاف الشهداء والجرحى وتسببت في دمار واسع للبنية التحتية، وتعمل وزارة الداخلية في غزة على حملة أمنية تهدف إلى تفكيك المجموعات المسلحة الخارجة عن القانون التي ظهرت في أعقاب الحرب، في حين تؤكد مؤسسات حقوقية أن حماية الصحفيين وضمان حرية عملهم الميداني تبقى ضرورة قصوى في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها القطاع.










