وسط فوضى أمنية.. تصاعد جرائم القتل في سوريا يهدد الاستقرار المجتمعي
وسط فوضى أمنية.. تصاعد جرائم القتل في سوريا يهدد الاستقرار المجتمعي
تعكس الحوادث الأمنية المتكررة في سوريا حالة متفاقمة من الفوضى وانهيار المنظومة الأمنية، في مشهد ينذر بتحوّل هذه الاضطرابات إلى نمط ممنهج يهدد السلم الأهلي والاستقرار المجتمعي في البلاد.
وشهدت سوريا منذ مطلع أكتوبر الجاري ارتفاعاً خطيراً في وتيرة جرائم القتل والتصفية الجسدية، طالت مدنيين وعناصر سابقين في النظام والمجموعات المسلحة، منهم نساء وأطفال، وسط دوافع متشابكة تجمع بين الطائفية والانتقام والخلافات الشخصية، إلى جانب حالات لا تزال دوافعها مجهولة، بحسب بيان للمرصد السوري لحقوق الإنسان.
وأدّت هذه الجرائم إلى انتشار الذعر والرعب بين السكان، وخلق شعور متزايد بانعدام الأمان في عدد من المدن والبلدات الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة المسلحة شمال البلاد.
إحصاءات مقلقة
كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان في بيان له، أمس الأحد، أن حصيلة الضحايا بلغت 27 شخصاً منذ بداية الشهر، بينهم 25 رجلاً وامرأة وطفل.
وأشار المرصد إلى أن الجرائم توزعت على عدة محافظات هي: حمص (7)، حماة (7)، حلب (5)، طرطوس (2)، اللاذقية (2)، درعا (2)، دمشق (1)، إدلب (1).
وأوضح أن الجرائم ذات الطابع الطائفي كانت الأبرز في محافظات حمص وطرطوس واللاذقية، حيث تم استهداف مدنيين من الطوائف المسيحية والعلوية والشيعية في عمليات وُصفت بأنها مدروسة ومنسّقة.
استهداف شخصيات أكاديمية
تنوّعت أساليب القتل بين إطلاق نار مباشر، والتعذيب، والذبح، واقتحامات ليلية لمنازل الضحايا، في حين استُخدمت في بعضها عبوات ناسفة محلية الصنع، واستُهدفت شخصيات أكاديمية ومهنية، منها أطباء وأساتذة جامعيون، ما يثير القلق من تحوّل العنف إلى أداة لتصفية الحسابات الفكرية والمجتمعية.
كما سُجّلت عمليات تصفية غامضة استهدفت عناصر سابقين في أجهزة النظام، دون تبنٍ واضح من أي جهة، ما يعكس تعدد الفاعلين الأمنيين وتضارب النفوذ في مناطق المعارضة.
ويرى مراقبون أن تصاعد العنف يعكس ضعف الأجهزة الأمنية التابعة للحكومة المؤقتة، وعجزها عن ضبط السلاح المنتشر بكثافة، وسط تنافس بين فصائل متناحرة يفرض كل منها سلطته في مناطق محددة.
ويؤكد محللون أن انعدام سلطة مركزية قادرة على فرض القانون فتح الباب أمام تصاعد الجريمة المنظمة، والاغتيالات السياسية، وعمليات الثأر بين المجموعات المسلحة والعائلات المتخاصمة.
تحذير من تفكك مجتمعي
يحذّر باحثون اجتماعيون من أن استمرار هذه الجرائم سيؤدي إلى تفكك النسيج الاجتماعي الهش، خصوصاً في المناطق التي تضم خليطاً طائفياً ومذهبياً متنوعاً، حيث قد تتحول النزاعات الفردية إلى صراعات جماعية تهدد بإعادة إشعال حرب أهلية مصغّرة.
ويشدّد هؤلاء على ضرورة تحرك دولي وإقليمي عاجل لدعم مبادرات إعادة بناء مؤسسات الأمن والعدالة، وإطلاق برامج مصالحة محلية تضمن محاسبة مرتكبي الجرائم، وتمنع الإفلات من العقاب.
تؤكد منظمات حقوقية سورية أن الإفلات المستمر من العقاب يُعدّ من أبرز أسباب تكرار العنف، إذ لم تُسجَّل حتى الآن أي إجراءات قضائية واضحة أو محاكمات علنية بحق منفذي الاغتيالات الأخيرة، ما يكرّس حالة من اليأس وفقدان الثقة بالمؤسسات القضائية.
ويشير ناشطون ميدانيون إلى أن المواطنين باتوا يعيشون في خوف دائم، بين خطر المداهمات الليلية والانفجارات العشوائية وغياب أي حماية قانونية، ما جعل الحياة اليومية في مناطق المعارضة رهينة الفوضى الأمنية المطلقة.