الأمم المتحدة تحذر: المساعدات وحدها لا تكفي لإنقاذ غزة من المجاعة
الأمم المتحدة تحذر: المساعدات وحدها لا تكفي لإنقاذ غزة من المجاعة
أكدت مسؤولة في برنامج الأغذية العالمي أن وقف إطلاق النار في قطاع غزة قد سمح بإدخال أكثر من 6700 طن متري من المواد الغذائية، وهي كمية تكفي نحو نصف مليون شخص لمدة أسبوعين فقط.
وقالت عبير عطيفة، المتحدثة الإقليمية باسم البرنامج، في مؤتمر صحفي عقدته وكالات الأمم المتحدة في جنيف، إن متوسط عمليات التسليم اليومية يبلغ حاليا نحو 750 طناً، مشيرة إلى أن هذا الرقم أفضل بكثير مما كان قبل وقف إطلاق النار، لكنه لا يزال بعيدا عن الهدف المنشود الذي يقدره البرنامج بنحو ألفي طن يومياً.
المعابر المغلقة تعوق الوصول إلى الشمال
أوضحت عطيفة أن تحقيق الهدف الإنساني الكامل يكاد يكون مستحيلاً في ظل استمرار إغلاق معظم المعابر، مشيرة إلى أن معبري كرم أبو سالم وكيسوفيم هما الوحيدان المفتوحان حالياً، وأكدت أن الدمار الواسع يعوق أيضا الوصول إلى شمال القطاع حيث أعلنت المجاعة في أغسطس الماضي، مطالبة بفتح معبري إيريز وزيكيم لتسهيل حركة القوافل الإنسانية.
وأضافت أن الوصول إلى شمال غزة بقوافل كبيرة يمثل أولوية عاجلة، مؤكدة أن البرنامج تمكن من فتح الطرق المؤدية إلى الشمال بعد إزالة الأنقاض من المعابر الحدودية، لكنه يحتاج إلى معابر إضافية لاستقبال مزيد من الشاحنات.
توزيع المساعدات بكرامة
يعمل برنامج الأغذية العالمي حاليا على استعادة نظام توزيع الغذاء في مختلف مناطق القطاع، حيث أعيد تشغيل 26 نقطة توزيع من أصل 145، في محاولة لتوسيع نطاق المساعدات وضمان وصولها إلى أكبر عدد ممكن من السكان.
وأشادت عطيفة بردود فعل المواطنين الذين أبدوا امتنانهم للطريقة المنظمة والإنسانية التي يحصلون بها على حصصهم الغذائية، وقالت إن هذه الجهود أحدثت أثرا كبيرا لدى الفئات الأكثر هشاشة، خصوصا النساء والأسر التي تعولها نساء وكبار سن.
وأشارت إلى أن كثيرين من متلقي المساعدات يحتفظون بجزء من حصصهم الغذائية تحسبا للطوارئ، نظرا لحالة القلق المستمرة بشأن مستقبل وقف إطلاق النار، واصفة الوضع بأنه "سلام هش".
الأسعار المرتفعة تعمق المعاناة
أوضحت المتحدثة باسم البرنامج أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية داخل غزة يزيد من حجم المعاناة الإنسانية، إذ بات العثور على الطعام ممكنا في الأسواق، لكنه بعيد المنال بسبب الغلاء الشديد.
وبيّنت أن برنامج الأغذية العالمي يقدم مساعدات مالية رقمية لنحو 140 ألف شخص لتمكينهم من شراء الطعام من الأسواق المحلية، مع خطة لمضاعفة العدد في الأسابيع المقبلة، لكنها شددت على أن المساعدات الإنسانية وحدها لن تكون كافية للتغلب على سوء التغذية الحاد، داعية إلى السماح بدخول الإمدادات التجارية لتكمل جهود الإغاثة.
وأكدت عطيفة أن تنفيذ وقف إطلاق النار بشكل كامل في قطاع غزة هو الشرط الأساسي لتمكين البرنامج من العمل بالقدر المطلوب لمواجهة الأزمة الغذائية، قائلة إن الحفاظ على الهدوء هو السبيل الوحيد لإنقاذ الأرواح والتصدي للمجاعة، خاصة في شمال غزة.
توسع إنساني رغم الصعوبات
بدوره، أوضح مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن الشركاء الميدانيين يواصلون توسيع نطاق عملياتهم ضمن خطة الستين يوما لزيادة حجم المساعدات، وأشار إلى أنه تم توزيع الطرود الغذائية في أكثر من عشرين موقعا في دير البلح وخان يونس، استفادت منها أكثر من خمسة عشر ألف أسرة.
كما لفت المكتب إلى أن واحدا وعشرين شريكا إنسانيا أعدوا يوم الأحد نحو تسعمائة وأربعة وأربعين ألف وجبة عبر 178 مطبخا مجتمعيا، في زيادة كبيرة خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة.
دعم صحي واستمرار النزوح
من جانبها، أكدت منظمة الصحة العالمية أنها أرسلت مؤخرا أربع منصات محملة بالإمدادات الطبية إلى المرافق الصحية الرئيسية لدعم استمرارية الخدمات، بما في ذلك أدوية للأمراض المزمنة وعلاجات لسوء التغذية ومسكنات للألم.
وفي السياق ذاته، أفاد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية بأن آلاف العائلات في غزة ما زالت تتحرك نحو مناطق أصبحت متاحة حديثا بعد وقف إطلاق النار، حيث سجلت نحو 13800 حالة نزوح جديدة باتجاه شمال القطاع خلال يوم واحد فقط، في حين تتكدس مواقع الإيواء بالمشردين.
وأضاف المكتب أن الشركاء الإنسانيين وزعوا ثلاثمائة خيمة في خان يونس وأربعة عشر ألفا وسبعمائة بطانية في ستة عشر موقعا بالمواصي، محذرا من أن مخزون مواد الإيواء سينفد قبل حلول الشتاء ما لم يُسمح بدخول كميات أكبر من المساعدات.
جمع الإمدادات وفقا للآلية الأممية
وفي نيويورك، أعلن نائب المتحدث باسم الأمم المتحدة فرحان حق أن عمليات جمع وتفريغ الإمدادات الإنسانية متواصلة عبر معبري كرم أبو سالم وكيسوفيم وفقا لآلية قرار مجلس الأمن رقم 2720.
وأوضح أن فرق الأمم المتحدة تمكنت منذ بدء وقف إطلاق النار وحتى التاسع عشر من أكتوبر من إدخال أكثر من عشرة آلاف طن متري من المساعدات الأساسية، منها ثلثاها مواد غذائية، والباقي مياه ومستلزمات صحية ونظافة.
تعيش غزة منذ أكثر من عام على وقع أزمة إنسانية هي الأشد في تاريخها، إذ يعاني سكانها من انعدام الأمن الغذائي ونقص المياه وتدهور الخدمات الصحية، ويؤكد مسؤولي الأمم المتحدة أن استمرار القيود على المعابر وتدمير البنية التحتية يجعل الوصول إلى شمال القطاع مهمة بالغة الصعوبة، كما أن أي انتكاسة لوقف إطلاق النار قد تعيد الأوضاع إلى نقطة الصفر، ما يجعل الجهود الإنسانية سباقا مع الزمن لإنقاذ الأرواح واستعادة الحد الأدنى من الحياة الآمنة والكرامة.











