جيل على حافة الانهيار.. اضطراب التعليم يهدد الصحة النفسية لأطفال كردستان
جيل على حافة الانهيار.. اضطراب التعليم يهدد الصحة النفسية لأطفال كردستان
اشتدت الأزمة التعليمية في إقليم كردستان خلال السنوات الأخيرة، لتتحول من أزمة مالية وإدارية إلى أزمة إنسانية تهدد مستقبل الأجيال، فقد لجأ المعلمون والموظفون وبعض النقابات المهنية منذ أكثر من عقد إلى المقاطعة والإضرابات، احتجاجاً على تأخر صرف الرواتب وتراجع الأوضاع المعيشية.
ورغم مشروعية هذه المطالب، فإن انعكاساتها على العملية التربوية كانت مدمّرة، إذ حُرم آلاف الطلاب من انتظام التعليم وتراجعت مستوياتهم الأكاديمية بشكل حاد، بحسب ما ذكرت وكالة "JINHA"، اليوم الخميس.
وأكدت المعالجة النفسية لاوين كورده توفيق، أن السياسات المتبعة من قبل حكومة الإقليم أسهمت في خلق بيئة تربوية غير مستقرة، وأثرت بشكل مباشر على الحالة النفسية للأطفال.
وأوضحت أن التدهور الاقتصادي المتواصل منذ أكثر من 11 عاماً دفع المعلمين إلى تكرار الإضرابات، لا سيما في قطاع التعليم العالي، مما انعكس سلباً على التلاميذ، الذين وجدوا أنفسهم في حالة ارتباك دائم بين توقف الدروس واستئنافها دون انتظام.
وبيّنت أن الانقطاع المتكرر عن الدراسة جعل الطالب يعيش حالة من التردد والإحباط، بينما أدى غياب التواصل المنتظم مع المدرسة إلى ضعف التحصيل العلمي وغياب الدافع نحو التعلم. كما رأت أن الأطفال بدؤوا يفقدون الثقة بالمؤسسات التعليمية، وأصبحوا أكثر ميلاً إلى العزلة أو اللامبالاة تجاه الدراسة.
بيئة تعليمية مأزومة
أشارت لاوين كورده توفيق إلى أن هذه الاضطرابات النفسية جعلت الأطفال ينظرون إلى المدرسة بوصفها مكاناً خانقاً أو “سجناً”، بدلاً من كونها فضاءً للنمو والتعلم.
ولفتت إلى أن وسائل الإعلام زادت من حدة الأزمة من خلال تغطيتها المستمرة للإضرابات، ما رسّخ صورة سلبية عن المدرسة في ذهن الطلاب.
وأضافت أن الكثير من الأطفال الذين انقطعوا عن التعليم لجؤوا إلى الإنترنت والألعاب الإلكترونية لتعويض فراغهم اليومي، وعندما يُجبرون على العودة المفاجئة إلى الصفوف، يواجهون ضغطاً عائلياً كبيراً لاستعادة التحصيل، ما يولّد لديهم شعوراً متزايداً بالحرمان والنفور من التعليم.
وأكدت أن هذا الوضع يتطلب معالجة نفسية وتربوية متوازنة لحماية مستقبلهم من الانهيار.
ضغوط نفسية بالمراحل الأولى
ركزت لاوين كورده توفيق على أن طلاب المرحلة الابتدائية يواجهون تحديات مضاعفة، إذ يتزامن دخولهم المدرسة مع اضطرابات الإضرابات والانقطاعات، ما يجعل تجربتهم التعليمية الأولى مليئة بالقلق والارتباك.
وأوضحت أن هذا الشعور بعدم الاستقرار يضعف من ارتباط الأطفال بالمكان المدرسي ويجعلهم أقل استعداداً للاندماج في النظام التربوي.
وحذّرت من تأثير بعض الممارسات الرقمية لأولياء الأمور، الذين ينشرون صور أطفالهم في أول يوم دراسي مصحوبة بتعليقات ساخرة أو مبالغ فيها، مشيرة إلى أن هذه المنشورات قد تسبب آثاراً نفسية عميقة وتُعرّض الطفل للتنمر أو الإحراج أمام زملائه.
الحاجة إلى وعي مجتمعي
دعت لاوين كورده توفيق إلى تبنّي سياسات تربوية تراعي الصحة النفسية للأطفال، محذّرة من استمرار الأوضاع الراهنة التي تُغلق أمامهم آفاق المستقبل.
وأشارت إلى أن بعض الطلاب باتوا يرددون عبارات محبطة مثل: “حتى لو درست جيداً، لا مستقبل لي في هذا البلد”، وهي مؤشرات خطيرة على تراجع الأمل وانعدام الثقة بالمؤسسات التعليمية.
وشددت على ضرورة حماية الطفولة من تبعات الأزمات الاقتصادية والسياسية، داعيةً إلى إدماج الدعم النفسي ضمن المناهج الدراسية، وتدريب الكوادر التعليمية على التعامل التربوي الإيجابي مع الطلاب.
وأوصت بإطلاق حملات إعلامية إيجابية ومقاطع تعليمية قصيرة تُعيد للأطفال شغفهم بالتعلّم وتُرمم علاقتهم بالمدرسة، لضمان بيئة تربوية أكثر استقراراً وإنسانية في إقليم كردستان.










