تتجاوز حدود الروبوتات.. متصفحات الإنترنت تتحول إلى ساحة تنافس الذكاء الاصطناعي

تتجاوز حدود الروبوتات.. متصفحات الإنترنت تتحول إلى ساحة تنافس الذكاء الاصطناعي
متصفحات الإنترنت - أرشيف

أشعلت شركات التكنولوجيا الكبرى سباقاً جديداً في عالم الذكاء الاصطناعي، تمثل ساحته هذه المرة متصفحات الإنترنت، بعدما قررت شركات مثل "أوبن إيه آي" و"مايكروسوفت" و"بربليكسيتي" تطوير متصفحات ذكية تُدمج فيها تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي، في محاولة لكسر الهيمنة الطويلة لغوغل ومتصفحها "كروم".

وسعى مطورو الذكاء الاصطناعي إلى تجاوز حدود روبوتات المحادثة التقليدية مثل "تشات جي بي تي"، عبر تقديم أدوات مساعدة قادرة على تنفيذ المهام بشكل مباشر داخل المتصفح.

وأكد رئيس شركة "فيتشوروم غروب" دانيال نيومان أن الخط الأمامي في هذا المجال يتمركز اليوم في المتصفح والهاتف، باعتبارهما أكثر المنصات التصاقاً بحياة المستخدمين اليومية.

وأطلقت "أوبن إيه آي" مؤخراً متصفحها الجديد "أطلس"، الذي يجمع بين خصائص تصفح الإنترنت وقدرات الذكاء الاصطناعي التوليدي، ما يتيح للمستخدم التفاعل مع الصفحات عبر واجهة محادثة ذكية. 

وانضم "أطلس" بذلك إلى قائمة المتصفحات المتطورة مثل "كوميت" من "بربليكسيتي" ونسخة "إيدج" الجديدة المدعّمة ببرنامج "كوبايلوت".

دمج الذكاء الاصطناعي 

أوضح آفي غرينغارت، رئيس شركة "تكسبوننشل" الاستشارية، أن الاتجاه نحو دمج الذكاء الاصطناعي في المتصفح أصبح منطقياً، لأن المستخدمين يعتمدون عليه في أداء أغلب مهامهم الرقمية، من الحجز إلى التسوق.

وأضاف أن المساعد الذكي لم يعد يكتفي بالإجابة عن الأسئلة، بل صار يؤدي مهاماً كاملة مثل حجز المطاعم أو طلب الطعام، ما يجعله أشبه بوكيل رقمي شخصي.

كما أشار إيفان شلوسمان من شركة "سورو كابيتال" إلى أن المستخدمين لم يعودوا يحمّلون البرامج كما في السابق، بل يعتمدون على المتصفح في كل شيء، ما يجعل من الطبيعي أن يتحول المتصفح إلى محور التجربة الرقمية.

الخصوصية والتجربة الجديدة

يرى الخبراء أن فكرة أن يراقب وكيل الذكاء الاصطناعي كل ما يفعله المستخدم قد تثير القلق بشأن الخصوصية، رغم أنها تقدم تجربة أكثر تفاعلاً وسلاسة.

وأشار غرينغارت إلى أن تقسيم متصفح "أطلس" الشاشة بين نافذة التصفح والدردشة "يحدث تغييراً جذرياً في الطريقة التي يتعامل بها المستخدم مع الإنترنت"، لكنه في الوقت نفسه يثير تساؤلات حول مدى استعداد المستخدمين لمشاركة بياناتهم بهذه الدرجة من الانفتاح.

ورغم أن "كروم" ما زال يسيطر على أكثر من 70% من سوق المتصفحات وفق شركة "ستاتكاونتر"، فإن المنافسة الجديدة تضع "غوغل" في موقف دفاعي.

وأوضح نيومان أن غوغل لم تقدم بعد خصائص ذكاء اصطناعي داخل متصفحها نفسه، إذ تقتصر ميزات مثل "AI Overviews" و"AI Mode" على محرك البحث فقط، وهو ما يمنح المنافسين فرصة لكسب أرض جديدة.

أما توماس ثيل من شركة "آرثر دي ليتل"، فيرى أن دمج "أوبن إيه آي" لسجل محادثات المستخدمين مع "تشات جي بي تي" في المتصفح الجديد يمنحها ميزة فريدة لفهم سلوك المستخدمين وتفضيلاتهم بشكل غير مسبوق، وقد يجعلها "غوغل الجديدة" في المستقبل.

العلاقة بين الإنسان والآلة

يتوقع الخبراء أن تمثل هذه المرحلة مجرد بداية لتطور أكبر في العلاقة بين الإنسان والذكاء الاصطناعي.

ويرى نيومان أن السنوات المقبلة ستشهد انتقالاً تدريجياً من المتصفحات إلى واجهات أكثر حضوراً في الحياة اليومية، مثل الأجهزة الصوتية المحمولة أو النظارات الذكية، لكن في المدى القريب سيظل المتصفح ساحة رئيسية لتكريس عادات الاستخدام الجديدة.

واختتم شلوسمان بأن "المعركة الحقيقية ليست فقط حول التصفح، بل في قلب مساعدي الذكاء الاصطناعي أنفسهم"، مشيراً إلى أن نجاح دمج التطبيقات والخدمات داخل روبوتات المحادثة سيُحدث تحولاً جذرياً من البحث التقليدي إلى الاستخدام الذكي المباشر.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية