الأمم المتحدة تطالب بممر آمن لإنقاذ المدنيين في الفاشر بعد سيطرة الدعم السريع
الأمم المتحدة تطالب بممر آمن لإنقاذ المدنيين في الفاشر بعد سيطرة الدعم السريع
دعا مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية توم فليتشر إلى توفير ممر آمن للمدنيين المحاصرين في مدينة الفاشر السودانية، بعد إعلان قوات الدعم السريع سيطرتها الكاملة على المدينة التي تُعد آخر معقل رئيسي للجيش في إقليم دارفور.
وقال فليتشر في بيان يوم الأحد إن مئات الآلاف من المدنيين باتوا محاصرين داخل المدينة، يتعرضون للقصف ويعانون الجوع وانعدام الرعاية الصحية والأمان، مضيفًا أن تقدم المقاتلين وقطع طرق الهروب جعل الوضع الإنساني "كارثيًا بكل المقاييس" وفق فرانس برس.
السيطرة على الفاشر ومعارك متواصلة
أعلنت قوات الدعم السريع الأحد أنها بسطت سيطرتها على مدينة الفاشر "بعد معارك استمرت أكثر من عام"، ووصفت ذلك بأنه "انتصار حاسم على الجيش والميليشيات المتحالفة معه".
ولم يصدر الجيش السوداني أي تأكيد رسمي حول ما جرى، في حين تعذر التحقق المستقل من الوضع بسبب انقطاع الاتصالات واستمرار القتال في بعض المناطق.
وقالت قوات الدعم السريع في بيان إنها سيطرت على المدينة "بعد عمليات نوعية وحصار أنهك العدو ومزّق خطوط دفاعه"، في حين أكدت مجموعات من "المقاومة الشعبية" المتحالفة مع الجيش أن المعارك ما زالت مستمرة، وأن السيطرة على مقر الفرقة العسكرية لا تعني سقوط المدينة بالكامل.
معاناة المدنيين تتفاقم
ذكرت الأمم المتحدة أن أكثر من 260 ألف مدني ما زالوا محاصرين داخل الفاشر في ظل أوضاع إنسانية بالغة القسوة، حيث تعاني المدينة من نقص حاد في الغذاء والمياه والدواء.
وقالت منسقة الشؤون الإنسانية في السودان دنيز براون إن المدنيين يتعرضون أثناء محاولاتهم الفرار من المدينة للقتل والخطف والعنف الجنسي، في انتهاكات مروعة للقانون الدولي الإنساني.
وأشارت تقارير تحليلية من جامعة يال الأمريكية إلى أن قوات الدعم السريع أقامت سواتر ترابية بطول عشرات الكيلومترات حول المدينة، ولم تترك سوى ممر ضيق يخضع للسيطرة المشددة، حيث يتعرض الفارون للابتزاز والمضايقات مقابل العبور.
تحذيرات أممية ودعوات لوقف القتال
حذرت منظمات الأمم المتحدة من "معاناة هائلة" يعيشها سكان دارفور، مشيرة إلى أن مجموعات كاملة من السكان تقيم في ظروف لا تليق بالكرامة الإنسانية.
ودعت وكالات الإغاثة الدولية، منها مفوضية اللاجئين وبرنامج الأغذية العالمي واليونيسف، إلى تحرك دولي عاجل لإنقاذ المدنيين في السودان ووقف الانتهاكات المتصاعدة.
وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك إنه يشعر "بالفزع من استخفاف قوات الدعم السريع المتعمد بحياة المدنيين"، مشددًا على ضرورة احترام القانون الإنساني الدولي وضمان حماية السكان.
أبعاد سياسية وعسكرية
يرى خبراء أن سيطرة قوات الدعم السريع على الفاشر تمثل نقطة تحول في مسار الحرب المستمرة منذ أبريل 2023.
وقال كاميرون هادسون، الخبير في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن، إن السيطرة على دارفور بالكامل تمنح الدعم السريع نفوذًا سياسيًا كبيرًا، وقد تُستخدم ورقة تفاوض في أي تسوية مستقبلية، إذ تسعى هذه القوات لتكريس نفسها سلطة أمر واقع في غرب السودان.
تعيش السودان واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم منذ اندلاع القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع في ربيع عام 2023، وهو صراع تسبب في مقتل عشرات الآلاف وتشريد أكثر من اثني عشر مليون شخص داخل البلاد وخارجها.
ويُتهم الطرفان بارتكاب انتهاكات واسعة ضد المدنيين، في حين فشلت جهود الوساطة الإقليمية والدولية حتى الآن في وقف القتال أو التوصل إلى هدنة إنسانية.
ويمثل سقوط الفاشر، إذا تأكد بشكل كامل، تحولًا استراتيجيًا يعمق الانقسام الجغرافي والسياسي في البلاد، ويهدد بتفككها بين مناطق يسيطر عليها الجيش شرقًا، وأخرى تخضع لسيطرة الدعم السريع غربًا، في وقت يزداد فيه الضغط الدولي لإنقاذ المدنيين من الكارثة الإنسانية المتفاقمة.











