67 قتيلاً خلال شهر واحد.. تصاعد حوادث التصفية والانتقام في سوريا
67 قتيلاً خلال شهر واحد.. تصاعد حوادث التصفية والانتقام في سوريا
وثّق المرصد السوري لحقوق الإنسان وقوع سبعةٍ وستين حالة وفاة في مختلف المحافظات السورية منذ مطلع أكتوبر 2025، نتيجة عمليات تصفية وسلوكيات انتقامية ذات طابع طائفي أو سياسي، وأشار المرصد إلى أن بين الضحايا تسعةً وخمسين رجلاً وسبع سيدات وطفلاً واحداً.
وبين المرصد في تقرير له السبت أن محافظة حمص سجلت العدد الأكبر من القتلى بواقع عشرين ضحية، تلتها حلب باثنتي عشرة حالة، ثم حماة بإحدى عشرة حالة، في حين توزعت بقية الحوادث بين ريف دمشق واللاذقية وإدلب وطرطوس ودرعا ودمشق.
دوافع طائفية
وأوضح التقرير أن بعض هذه الجرائم ارتُكب بدوافع طائفية واضحة، شملت ثماني عشرة حالة في حمص وخمساً في ريف دمشق وثلاثاً في كل من حماة واللاذقية، إلى جانب حالات أخرى في إدلب وطرطوس ودرعا ودمشق.
وتنوّعت أشكال العنف بين الاغتيالات المباشرة داخل المنازل أو في الشوارع، وعمليات الخطف تلتها الإعدامات الميدانية، إلى جانب حوادث قتل مرتبطة بخلافات محلية وانتقام شخصي أو سياسي، وشملت الضحايا أكاديميين وأطباءً وتجاراً وعناصر سابقين في القوات النظامية ومواطنين مدنيين من مختلف الطوائف.
في حمص، المدينة الأكثر تضرراً، قُتل مهندسون ومعلمون وأطباء في حوادث متفرقة، منهم الأكاديمي في الهندسة الزراعية حيدر يونس شاهين الذي أطلق عليه مسلحون النار داخل منزله. كما شهدت حلب وحماة وحمص موجة اغتيالات طالت عناصر سابقين في القوات النظامية أو متهمين بالتعاون مع أطراف مختلفة.
الانقسام وغياب المساءلة
وأشار المرصد إلى أن تصاعد هذه الجرائم يعكس حالة الانقسام الحاد التي تعيشها سوريا وغياب المساءلة القانونية، إذ تُرتكب العديد من الحوادث من دون الكشف عن الجناة أو محاسبتهم، ما يزيد من تآكل الثقة المجتمعية وتوسع دوائر الانتقام.
وأكد المرصد أن هذه الجرائم تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، كونها تستهدف مدنيين وأشخاصاً سابقين في الخدمة العسكرية أو العاملين في المجال المدني، وغالباً على أساس الانتماء الطائفي أو الموقف السياسي أو الارتباط المسبق بأطراف النزاع.
تعاني سوريا منذ اندلاع النزاع في عام 2011 من موجات متواصلة من العنف والانقسامات الاجتماعية الحادة التي عمّقتها سنوات الحرب الطويلة وتعدد القوى المسيطرة على الأرض. ومع انحسار العمليات العسكرية الواسعة خلال السنوات الأخيرة، تصاعدت أنماط جديدة من العنف المحلي والانتقامات الفردية والطائفية، خاصة في المناطق التي شهدت تغيّراً في السيطرة الأمنية أو عودة مؤسسات الدولة دون استقرار فعلي.
ويقول مراقبون إن هذه الظاهرة تعكس فشل منظومة العدالة الحالية داخل سوريا في محاسبة مرتكبي الانتهاكات، ما يدفع الأفراد والمجموعات إلى تنفيذ عمليات انتقامية خارج نطاق القانون، كما أن انتشار السلاح وضعف سلطة القضاء يسهمان في استمرار دائرة العنف، في حين يزداد التوتر الطائفي والاجتماعي في المناطق المختلطة.
ويحذر خبراء حقوق الإنسان من أن استمرار هذه السلوكيات يهدد السلم الأهلي في البلاد، ويكرس الانقسام المجتمعي ويقوّض أي جهود لتحقيق مصالحة وطنية أو إعادة إعمار حقيقية، ما لم تُتخذ إجراءات جادة للتحقيق في الجرائم ومحاسبة المسؤولين عنها وإعادة بناء الثقة بين المكونات السورية.










