أزمة إنسانية تتفاقم.. نزوح جماعي جديد في جنوب السودان وسط تراجع الدعم

أزمة إنسانية تتفاقم.. نزوح جماعي جديد في جنوب السودان وسط تراجع الدعم
نزوح جماعي جديد في جنوب السودان

دفع تصاعد القتال والانقسامات السياسية في جنوب السودان منذ مطلع العام الجاري آلاف المدنيين إلى النزوح القسري، في واحدة من أكثر موجات النزوح اتساعاً منذ اندلاع الحرب الأهلية قبل أكثر من عقد.

أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، في بيان لها، الأربعاء، أن أكثر من 445 ألف شخص اضطروا إلى مغادرة منازلهم منذ شهر مارس الماضي، نتيجة احتدام المواجهات بين الفصائل المتصارعة، ما عمّق مأساة بلد يعيش واحدة من أطول وأقسى الأزمات الإنسانية في العالم.

تفاقم المعاناة الإنسانية

أكدت اللجنة أن موجة النزوح الأخيرة تعد من الأكبر في تاريخ الأزمة، مشيرة إلى أن الأوضاع المعيشية تتدهور بوتيرة مقلقة في المخيمات والمناطق المستضيفة.

وأوضحت أن ضعف البنية التحتية الصحية، وانتشار الأمراض المعدية مثل الملاريا والكوليرا، وتراجع التمويل الدولي المخصص لبرامج الإغاثة، كلها عوامل تسهم في تفاقم الأزمة، وتحرم آلاف العائلات من أبسط مقومات البقاء.

وحثت اللجنة الجهات المانحة والمنظمات الدولية على التحرك العاجل لتوفير المساعدات الضرورية، محذّرة من أن استمرار الوضع الحالي دون تدخل فعّال "ينذر بكارثة إنسانية وشيكة"، قد تمتد تداعياتها إلى الدول المجاورة.

تحذيرات من انهيار شامل

شددت اللجنة في بيانها على أن الانخفاض الحاد في تمويل المساعدات، إلى جانب التوتر المتصاعد بين القوى السياسية والعسكرية، يخلق بيئة شديدة الهشاشة.

وقالت إن العائلات التي نزحت حديثاً تواجه ظروفاً مأساوية وسط انعدام الأمن الغذائي ونقص المياه النظيفة، مما يفاقم معاناة النساء والأطفال الذين يشكّلون النسبة الأكبر من النازحين.

وطالبت اللجنة جميع الأطراف المتحاربة في جنوب السودان بوقف فوري لإطلاق النار، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية دون قيود، مؤكدة أن غياب الحل السياسي سيقود إلى مجاعة جديدة شبيهة بتلك التي عرفتها البلاد في عام 2017.

جذور الأزمة وتاريخها

كانت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنوب السودان قد أكدت في تقرير سابق أن النزاع الداخلي المتصاعد دفع أكثر من 300 ألف شخص إلى مغادرة البلاد خلال عام 2025 وحده، ما يعكس حجم التدهور الإنساني في ظل الانقسامات السياسية الحادة.

ويُذكر أن جنوب السودان، التي استقلت عن السودان عام 2011، كانت تُعتبر رمزاً للأمل في القارة الإفريقية، إلا أن هذا الحلم لم يدم طويلاً.

فقد اندلعت حرب أهلية مدمّرة عام 2013 بين قوات الرئيس سلفا كير ونائبه السابق رياك مشار، أودت بحياة نحو 400 ألف شخص خلال خمس سنوات، وخلفت دماراً واسعاً في البنية التحتية وموجات نزوح هائلة.

اتفاق هشّ وسلام مهدّد

ورغم توقيع اتفاق سلام في عام 2018 أرسى ترتيبات لتقاسم السلطة وأعاد بعض الاستقرار النسبي، فإن البلاد لم تخرج من دائرة الاضطرابات.

ففي منتصف سبتمبر الماضي، دعت المعارضة إلى "تغيير النظام" إثر اتهامات بالخيانة وجهتها السلطات إلى زعيمها، الذي كان يشغل منصب النائب الأول للرئيس، ما أعاد التوترات السياسية إلى الواجهة.

ويرى مراقبون أن الأزمة الحالية في جنوب السودان تمثل تجسيداً لفشل المجتمع الدولي في تحقيق تسوية مستدامة، وأن استمرار النزوح بهذا الحجم قد يحوّل البلاد إلى بؤرة جديدة لانعدام الاستقرار في شرق إفريقيا.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية