تقرير أممي يحذر من انفجار إنساني.. مليونا لاجئ فلسطيني في الأردن تحت خط الفقر
تقرير أممي يحذر من انفجار إنساني.. مليونا لاجئ فلسطيني في الأردن تحت خط الفقر
أعلنت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) أن حوالي مليوني لاجئ فلسطيني في الأردن يعيشون تحت خط الفقر، ما يسلّط الضوء على أزمة إنسانية عميقة ضمن واحدة من أقدم تجمعات اللاجئين في المنطقة.
وبحسب ما نشرته الوكالة الأممية على حسابها بمنصة "إكس"، يعتمد كثيرون منهم تقريبًا بالكامل على الخدمات الأساسية التي توفرها الأونروا، مثل التعليم والرعاية الصحية والحماية الاجتماعية، ما يعكس هشاشة غير طبيعية في واقعهم اليومي وقدرتهم على الاعتماد على أنفسهم.
فقر وموارد متراجعة
تعود جذور هذه الأزمة إلى تداخل عوامل اقتصادية وهيكلية. فبموازاة ارتفاع تكاليف المعيشة وضغط التضخم في الأردن، يواجه لاجئو فلسطين صعوبات مضاعفة بسبب محدودية فرص العمل، خاصة أولئك الذين لا يحملون وضعًا رسميًا يمكنهم من الدخول إلى سوق العمل النظامي، وتؤكد بيانات الأونروا أن ما يقرب من سبعة آلاف موظف يعملون داخل وكالة تقدم خدمات في المخيمات ومن خلالها مشاريع صغيرة لدعم البنية التحتية، ولكن تشكّل هذه الجهود بالكاد جزءًا من شبكة أمان كافٍ لتحمل أعداد اللاجئين الكبيرة.
تداعيات إنسانية جسيمة
أزمة الفقر بين اللاجئين لا تقتصر على تردّي المعيشة؛ فالفقر المزمن يؤدي إلى زيادة في معدلات انعدام الأمن الغذائي، وتدهور في الحالة الصحية والأمنية، ويؤثر على التعليم، ففي مخيمات اللاجئين، البنية التحتية مهدّدة كثيرًا، والخدمات تتشبّث بحلّ قصير الأجل. ومع اعتماد كبير جدًا على الأونروا، تصبح أي أزمة تمويل لدى الوكالة بمثابة تهديد مباشر لقدرة الأسر على البقاء والعيش بكرامة.
كما يمكن أن تؤدي الفقر إلى تآكل مستقبل الأجيال الجديدة، فالأطفال الذين يعايشون الفقر داخل المخيمات يقضون جزءًا من حياتهم في المدارس التابعة للأونروا، وقد يضطرون قريبًا إلى العمل أو الهجرة في سبيل تأمين احتياجات عائلاتهم، ما يحد من فرص التعليم النمو والتطوير الذاتي.
لمواجهة هذه الأزمة، أطلقت الأونروا نداء طوارئ بقيمة 27.2 مليون دولار لعام 2025، تشمل مساعدات نقدية متعددة الأغراض وصحة وتعلیم وخدمات حماية وغيرها.
الوكالة ترى أن الدعم الدولي لم يعد كافياً للحفاظ على مستوى الخدمات وعلى قدرة اللاجئين على الصمود، خاصة في ظل الضغوط الاقتصادية المتزايدة على الأردن نفسه.
تنديد حقوقي
منظمات حقوقية دولية نددت بهذا الواقع وتعتبره خرقًا واضحًا لالتزامات الدول والمجتمع الدولي تجاه اللاجئين، فبحسب القانون الدولي –بما في ذلك مبادئ اللجوء وحقوق الإنسان– فإن اللاجئين يستحقّون الحق في الماء والغذاء والتعليم والحماية الأساسية بصورة تضمن كرامتهم. وهي حقوق يصعب تأمينها إذا ظلت المساعدات تعتمد فقط على وكالة غير قادرة على تغطية كامل الاحتياجات.
كما أن المسؤولية الدولية تحمّل المانحين الأثرياء والدول الموقعة على الالتزامات الإنسانية عبئًا إضافيًا لتجديد الدعم المالي للأونروا وعدم ترك اللاجئين في فراغ قد يكون كارثيًا، وتشير بعض التحليلات الحقوقية إلى أن أزمة تمويل الأونروا تجعلها غير قادرة على الوفاء برسالتها الأساسية، وأن هذا الأمر قد يخلق “هشاشة مؤسسية” تهدد مستقبل اللاجئين.
بيانات داعمة
ليس تقرير الأونروا وحده من يكشف معاناة اللاجئين الفلسطينيين، فبيانات مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تشير إلى أن ما يقرب من 64 بالمئة من اللاجئين في الأردن يعيشون على أقل من ثلاثة دنانير يوميًا، وفق تقدير المفوضية السامية للاجئين.
كما أظهر مسح اقتصادي عام 2024 أن نسبة اللاجئين الذين يعيشون تحت خط الفقر ارتفعت من 57 إلى 67 بالمئة خلال عامين فقط.
بالإضافة إلى ذلك، كشف تقرير مشترك للأونروا أن مساعداتها النقدية تعتمد عليها نسبة كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين، ما يجعلهم عرضة بشكل كبير في حال تقليص التمويل أو إيقافه.
تزايد الفقر والتهميش
منذ تأسيس الأونروا عام 1949 بعد النكبة الفلسطينية، تشكّلت شبكة من المخيمات والمساعدات التي مكنت اللاجئين الفلسطينيين من البقاء، لكنها لم تضمن لهم اقتصادًا مستقلًا دائمًا، وفق تقرير أعدته الوكالة منذ سنوات، فإن بعض اللاجئين يعانون من فقر مدقع، خاصة أولئك الذين يعتمدون كليًا على مساعدات الأونروا، ومع مرور الزمن، أيّدت الأونروا جهودًا لتطوير السكن والمساعدة الاقتصادية، لكن التحديات تزداد يومًا بعد يوم مع تراجع الدعم الدولي وضغط الأزمات الإقليمية والاقتصادية.
ما الذي يريده اللاجئون والمجتمع الدولي؟
اللاجئون الفلسطينيون في الأردن يطالبون بإعادة النظر في آليات الدعم، بحيث لا يقتصر فقط على المساعدات العاجلة، بل يشمل استراتيجيات طويلة الأمد تُكفل تمكينهم اقتصاديًا والاجتماعيًا. هم ينشدون فرص عمل قانونية مستقرة، تحسين البنية التحتية في المخيمات، دعم مؤسسات التعليم والتدريب المهني، وخدمات صحية أفضل تشبه تلك الموجودة للمواطنين الأردنيين.
من جهة أخرى، يدعو المجتمع الدولي إلى زيادة التمويل المخصص للأونروا، ووضع آليات تضمن الاستمرارية والتخطيط بعيد المدى، بعض التوصيات الحقوقية تشمل توسيع شراكات بين الأونروا والحكومات المحلية، إضافة إلى تعزيز برامج التنمية المستدامة التي تدمج اللاجئين في الاقتصاد الوطني بدلاً من جعلهم يعتمدون فقط على العون الدولي.










