أنهت آمالهم وأحلامهم.. تشديد الهجرة في كندا يربك المهاجرين ويدفعهم للمغادرة
أنهت آمالهم وأحلامهم.. تشديد الهجرة في كندا يربك المهاجرين ويدفعهم للمغادرة
بعد قبول وظيفة قرب مونتريال، غادر منصف علوي تونس بحثاً عن حياة أفضل لأطفاله في كندا، إلا أن آماله في الاستقرار اصطدمت بواقع جديد عقب تشديد سياسات الهجرة.
وقال علوي البالغ 50 عاماً، لوكالة فرانس برس، اليوم الخميس، وهو يصف الموقف: "تحطّمت وانقلبت حياتي رأساً على عقب، وابنتي تبكي طوال اليوم" بسبب مغادرة وشيكة لبلد كان يأمل البقاء فيه.
على مدى عقود، اعتُبرت كندا من بين أكثر بلدان العالم جذبا للمهاجرين، خصوصاً القادمين من الدول النامية، لكن رئيس الوزراء الليبرالي مارك كارني قرر الحد من مستويات الهجرة، في خطوة مشابهة لما فعله سلفه جاستن ترودو الذي اعترف العام الماضي بأن البلاد سمحت بدخول أعداد كبيرة لمعالجة نقص العمالة الناتج عن جائحة كوفيد-19.
وجاء في موازنة كارني: "سنستعيد السيطرة على نظام الهجرة لدينا ونضع كندا على المسار باتجاه إعادة الهجرة إلى مستويات مستدامة".
وقد أدى ذلك إلى إلغاء برنامج العمال المهرة PEQ الذي كان يسمح لمهاجرين مثل علوي التقدم للحصول على إقامة دائمة في كيبيك.
عدد السكان ينخفض
تخطط كندا لمنح 380 ألف إقامة دائمة جديدة في 2026، مقارنة بـ395 ألفاً هذا العام، بعد أن بلغت نصف مليون في 2024، كما سيُخفض عدد تصاريح الإقامة المؤقتة بنسبة تقارب 50%، مع تحديد هدف 2026 بـ385 ألف تصريح، في حين يتم تقييد منح تأشيرات الطلاب الأجانب بشكل كبير.
وأظهرت بيانات وكالة الإحصاءات الوطنية أن عدد سكان كندا تراجع بنسبة 0.2% في الفصل الثالث من 2025 ليصل إلى 41,575,585 نسمة، في أول انخفاض منذ 2020، ويعود السبب أساساً إلى مغادرة الطلاب الأجانب.
وقالت غاوري سرينيفاسان، المديرة التنفيذية المشاركة للمجلس الكندي للاجئين: "لم يحدث أي تحوّل كبير في القيم الكندية الداعمة للهجرة، لكن السياسيين استغلوا موجة عالمية مرتبطة بالهجرة لإلقاء اللوم على المهاجرين بشأن مشكلات مثل نقص السكن وضغوط أنظمة الرعاية الصحية"، محذرة من أن الروايات المعادية للأجانب قد تؤدي إلى تشدد سياسات الهجرة.
وأشارت البيانات إلى تغيّر الرأي العام، إذ ارتفعت نسبة الكنديين الذين يرون أن البلاد تستقبل عدداً مبالغاً فيه من المهاجرين من 27% عام 2022 إلى 56% لاحقاً، وفق "معهد إنفايرونكس".
قصص تعكس الصدمة
قال سرجيو دا سيلفا، مهاجر برازيلي مقيم في كيبيك: "شعرت بالخداع بعد إلغاء برنامج PEQ، درسنا اللغة الفرنسية واستوفينا جميع الشروط للبقاء، والآن نواجه خطر فقدان حق الإقامة".
وأكدت خبيرة الهجرة بجامعة مونتريال، كاثرين شارديس، أن "الاستثنائية الكندية في مجال الهجرة اهتزت، وتآكل الإجماع أصبح واضحاً".
وأضافت أن التحدي يكمن في أن النظام بُني لاستيعاب المرشحين للإقامة الدائمة، لكن التدفق الكبير للمهاجرين المؤقتين، وخصوصاً الطلاب الأجانب، خلق حساسيات اجتماعية وسياسية جديدة.
وقالت شارديس: "الوضع في كندا لا يقارن مع أوروبا أو الولايات المتحدة، حيث أسهمت الرسائل المعادية للهجرة في نجاح سياسي كبير لبعض الأحزاب".











