"مطلوبون في وطنهم".. المستشار الألماني يثير الجدل بمطالبته بعدم هجرة الشباب الأوكراني

"مطلوبون في وطنهم".. المستشار الألماني يثير الجدل بمطالبته بعدم هجرة الشباب الأوكراني
المستشار الألماني رفقة الرئيس الأوكراني

تشتعل الساحة السياسية الألمانية بنقاش واسع حول هجرة الشبان الأوكرانيين، بعد تصريحات المستشار الألماني فريدريش ميرتس التي أثارت موجة جدل غير مسبوقة داخل الائتلاف الحاكم وفي أوساط المهاجرين والمجتمع المدني. 

ويأتي الجدل في ظل استمرار الحرب الروسية على أوكرانيا، وارتفاع أعداد الوافدين، وتزايد الضغوط الاقتصادية والاجتماعية داخل ألمانيا، بحسب ما ذكرت "دويتشه فيله"، الأربعاء.

وأشارت "دويتشه فيله" إلى أن المستشار الألماني فريدريش ميرتس تدخل للمرة الأولى بشكل مباشر في ملف الهجرة الأوكرانية، مطالباً الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بعدم السماح بتزايد هجرة الشباب، باعتبارهم –وفق رأيه– "مطلوبين في وطنهم"، وهو موقف أثار تحفظات واسعة، خصوصاً لدى الجهات الحقوقية والمنظمات النسوية التي اعتبرت أن النقاش يتجاهل أوضاع النساء والأطفال الأوكرانيين الذين يتحملون العبء الأكبر من الحرب والنزوح.

ويظهر الانقسام واضحاً داخل الائتلاف، إذ يتبنى الحزب الاشتراكي الديمقراطي موقفاً أكثر مرونة، رافضاً الضغط على الشباب الأوكرانيين للعودة إلى بلد يشهد حرباً وضربات يومية

وعبّر النائب رالف شتيغنر –أحد أبرز قيادات الحزب– عن رفضه لأي صيغة تُحمّل الفارين من الحرب مسؤولية عسكرية، مؤكداً أن الأولوية يجب أن تكون "إنهاء الحرب" وليس "مطاردة اللاجئين".

تأثير القرار على النساء

تؤكد منظمات نسوية ألمانية أن أي قيود جديدة على دخول الشباب الأوكرانيين ستنعكس مباشرة على النساء والفتيات، إذ تعتمد كثير من الأسر الأوكرانية على وجود الأبناء الذكور لتأمين انتقال الأسرة أو العمل المؤقت أو توفير الرعاية الصحية. 

ويُخشى أن يؤدي الضغط إلى انفصال العائلات أو بقاء النساء وحدهن في مناطق خطرة داخل أوكرانيا.

تُوضح الإحصاءات الرسمية الألمانية أن أعداد الوافدين من الشباب ارتفعت من 14 ألفاً أسبوعياً إلى 18 ألفاً خلال نهاية أكتوبر، وهو ارتفاع يُرجّح خبراء أنه موسمي بسبب شتاء أوكرانيا القاسي وانهيار البنى التحتية. 

ويعيش في ألمانيا حالياً أكثر من 1.2 مليون أوكراني/ة، وهي كتلة بشرية ضخمة ضمن بيئة اقتصادية تمر بمرحلة ضغط على الخدمات وبنية الرفاه الاجتماعي.

أهداف ميرتس الخفية 

يكشف الخبير السياسي شتيفان مايستر أن ميرتس يسعى –عبر هذا الملف– إلى إثبات التزامه بوعوده الانتخابية حول خفض الهجرة، خصوصاً بعد صعود حزب "البديل من أجل ألمانيا". 

وحذّر مايستر من "الشعبوية" التي قد تحوّل الملف الإنساني إلى ورقة سياسية تتجاهل وضع اللاجئين واحتياجاتهم، وبالذات النساء اللواتي يتحملن عبء الحرب الأكبر.

تتجه الحكومة الألمانية إلى تقليص إعانات الدخل الأساسية للاجئين الأوكرانيين، عبر تخفيض المساعدات من 560 إلى 440 يورو. ويؤثر هذا القرار بشكل خاص على النساء المعيلات اللواتي يعتمدن على الدعم لتأمين السكن والغذاء والرعاية الصحية. 

وحذرت منظمات نسوية من أن هشاشة الوضع المالي ستدفع كثيراً من الأوكرانيات إلى سوق العمل غير النظامي، ما يعرضهن للاستغلال.

مخاوف المجتمع المدني

تشكك الناشطة الأوكرانية إيرينا شوليكينا في جدوى الضغط على الشباب، مشيرة إلى أن كثيراً منهم “أطفال حرب” عاشوا أحد عشر عاماً من النزاع، وأن إجبارهم على العودة –دون ضمانات أمنية– يمثل انتهاكاً لحقوقهم وحقوق أسرهم، كما يهدد النساء اللاتي سيتحملن مسؤولية إعالة الأسر وحدهن في الداخل الأوكراني.

تكشف دراسة لمعهد "إيفو" أن 59% من اللاجئين في ألمانيا لا يرغبون في العودة حالياً، وأن الرغبة في العودة ترتبط بضمانات أمنية لم تتوفر بعد. 

وهذا يعني أن النساء والفتيات سيبقين في دائرة هشاشة ممتدة، ما يفرض على ألمانيا وأوروبا مسؤولية إضافية في توفير الحماية والدعم النفسي والاجتماعي.

ويُبرز الجدل الألماني حول هجرة الشباب الأوكرانيين تعقيد المشهد الإنساني للحرب، ويكشف إغفالاً واضحاً لاحتياجات النساء والفتيات اللواتي يواجهن مخاطر مضاعفة مع كل قرار سياسي جديد. 

وتؤكد المنظمات الحقوقية أن النقاش يجب ألا يتحول إلى صراع أرقام، بل إلى مقاربة إنسانية عادلة تُراعي العائلات، وتضمن ألا تُترَك النساء في مواجهة الحرب وحدهن.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية