وسط مستقبل مجهول.. الأمم المتحدة تحذّر من اختبارات صعبة لوقف إطلاق النار بغزة

وسط مستقبل مجهول.. الأمم المتحدة تحذّر من اختبارات صعبة لوقف إطلاق النار بغزة
مجلس الأمن الدولي

وسط حالة من الترقب المشوب بالقلق التي تخيم على قطاع غزة والمنطقة بأكملها، شددت الأمم المتحدة على ضرورة اغتنام ما وصفته بلحظة الأمل المتجدد من أجل فتح الطريق نحو مستقبل أكثر استقرارا للفلسطينيين والإسرائيليين.

جاء ذلك خلال الإحاطة التي قدمها رامز الأكبروف نائب المنسق الخاص لعملية السلام ومنسق الشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة أمام مجلس الأمن الدولي يوم الاثنين، وهي إحاطة حافلة بالملاحظات والتحذيرات والدعوات العاجلة، وفق موقع أخبار الأمم المتحدة.

وقف هش لإطلاق النار

أوضح المسؤول الأممي أن وقف إطلاق النار، رغم استمراره نسبيا منذ دخوله حيز التنفيذ الشهر الماضي، يتعرض لاهتزازات خطيرة جراء استمرار الغارات الإسرائيلية على مناطق مأهولة بالسكان داخل قطاع غزة وما تخلفه من ضحايا ودمار، كما أشار إلى استمرار الهجمات المتفرقة التي يشنها مسلحون فلسطينيون ضد قوات الجيش الإسرائيلي وما نتج عنها من قتلى وجرحى. 

وشدد الأكبروف على أن هذه التطورات يمكن أن تدفع وقف إطلاق النار إلى حافة الانهيار ما لم تلتزم الأطراف بضبط النفس وتنفيذ التعهدات الواردة في الاتفاق.

أعرب الأكبروف عن تقديره للجهود المتواصلة التي تبذلها دول المنطقة والولايات المتحدة للحفاظ على وقف إطلاق النار قائلا إن ما قامت به مصر وقطر وتركيا والولايات المتحدة كان عاملا محوريا في صمود الاتفاق حتى الآن، كما أثنى على التحرك الأخير لمجلس الأمن الذي اعتمد القرار رقم 2803 والذي يفتح الباب لإنشاء قوة دولية مؤقتة لتحقيق الاستقرار في قطاع غزة إضافة إلى تشكيل مجلس السلام الذي ستكون مهمته قيادة إطار إعادة التنمية وتنسيق التمويل المخصص لإعادة الإعمار.

احتياجات إنسانية تتضاعف

خلال زيارته الأخيرة إلى قطاع غزة وقف الأكبروف على أوضاع صعبة يعيشها النازحون والعاملون في المجال الإنساني. وعلى الرغم من بعض التحسن النسبي في توفر المواد الغذائية الأساسية فإن العديد من العائلات لا تزال غير قادرة على الحصول على البروتين الحيواني مثل الدجاج والبيض واللحوم بسبب ارتفاع الأسعار أو انعدام توفرها.

كما أكد أن الأمم المتحدة وشركاءها يواجهون صعوبات ملحة في توفير مواد الإيواء من خيام وغطاء ووسائل تدفئة قبيل حلول فصل الشتاء، مشيرا إلى ضرورة معالجة هذه التحديات دون تأخير.

قال المسؤول الأممي إن الأمم المتحدة ضاعفت جهودها خلال الأسابيع الأخيرة لتوسيع نطاق المساعدات، إلا أن هذه الجهود تحتاج إلى مساحة أكبر للعمل عبر المعابر، وطالب إسرائيل بتوسيع قدرات الدخول والتعجيل في الموافقة على قوافل الإمدادات الإنسانية خاصة تلك المتعلقة بالمأوى والمياه والصحة والمواد الغذائية سريعة النفاد، وأكد أن تدفق المساعدات بمستوى كاف يمثل شرطا أساسيا لثبات وقف إطلاق النار وتعزيز الثقة.

تقييم واسع لإعادة الإعمار

وأشار الأكبروف إلى تعاون وثيق بين الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي من أجل تحديث التقييم السريع للأضرار والاحتياجات الذي صدر في شهر مارس الماضي وقدر تكلفة إعادة بناء قطاع غزة بنحو ثلاثة وخمسين مليار دولار، وأضاف أن التحضيرات تجري حاليا لعقد مؤتمر القاهرة لإعادة إعمار غزة وأن هذا المؤتمر يمثل فرصة لتوحيد الجهود وبناء رؤية مشتركة تربط بين الاحتياجات الآنية وخطط التعافي طويل المدى، ورحب بالدور المصري المتواصل في الدفع نحو هذا المسار.

وبعيدا عن غزة، سلط المسؤول الأممي الضوء على تدهور الوضع في الضفة الغربية المحتلة، ووصف التوسع الاستيطاني وانتشار البؤر الجديدة والعنف الذي يشهده الفلسطينيون بأنه بلغ مستويات طارئة، خصوصا خلال موسم قطف الزيتون الذي شهد أعلى معدل اعتداءات يرتكبها مستوطنون منذ بدء رصد هذه الهجمات بمعدل ثماني هجمات يوميا.

وأشار إلى أن هذه الاعتداءات أسفرت عن إصابات وخسائر اقتصادية واسعة وتدمير مساحات كبيرة من أشجار الزيتون، كما لفت إلى أن القوات الإسرائيلية لم تمنع هذه الاعتداءات في كثير من الحالات بل وقعت حوادث أظهرت فيها تلك القوات ترددا أو تعاونا جزئيا مع المستوطنين، فيما شهدت حالات أخرى مواجهات عنيفة بين المستوطنين أنفسهم والقوات الإسرائيلية.

التزامات تشمل لبنان وسوريا

ذكّر الأكبروف بمواقف الأمين العام للأمم المتحدة الذي دعا مرارا الأطراف في جنوب لبنان إلى الالتزام بتعهداتها والمحافظة على وقف الأعمال العدائية وتطبيق كامل لقرار مجلس الأمن1701، كما جدد الدعوة إلى وقف جميع الانتهاكات التي تستهدف سيادة سوريا وسلامة أراضيها مؤكدا أن الاستقرار الإقليمي لا يمكن أن يتحقق من دون احترام الحدود والقانون الدولي.

قال الأكبروف إن القرارات التي سيتم اتخاذها خلال الأسابيع المقبلة ستحدد ما إذا كان وقف إطلاق النار سيظل قائما أم أنه سينزلق إلى دائرة جديدة من العنف. ودعا الأطراف إلى إتمام المرحلة الأولى من الاتفاق بشكل كامل والاتفاق على آليات تنفيذ مراحل لاحقة.

وأوضح أن مجموعة القرارات الأممية بما فيها قرار مجلس الأمن إضافة إلى خطة النقاط العشرين التي قدمها الرئيس الأمريكي ترامب وإعلان نيويورك والتحالف العالمي من أجل حل الدولتين تمثل جميعها أدوات يمكن البناء عليها إذا توفرت الإرادة السياسية.

رؤية لإنقاذ المسار السياسي

أكد المسؤول الأممي أن الأمم المتحدة ستواصل الوقوف إلى جانب الفلسطينيين والإسرائيليين ودعم كل الجهود الرامية إلى إنهاء الاحتلال والعودة إلى مسار تسوية يقوم على حل الدولتين المتوافق عليه وفق حدود ما قبل عام 1967، على أن تكون القدس عاصمة للدولتين في إطار سلام وأمن متبادل. وشدد على أن الحفاظ على الهدنة الحالية ليس نهاية المطاف بل خطوة أولى في طريق طويل يتطلب جهدا سياسيا واقتصاديا ومجتمعيا شاملا.

شهد ملف غزة خلال السنوات الماضية سلسلة من جولات القتال وما تلاها من اتفاقات تهدئة غالبا ما كانت هشة وقابلة للانهيار في أي لحظة. وتعتمد عملية إعادة الإعمار عادة على مسارات معقدة تشمل توفير التمويل الملائم وتسهيل دخول المواد وإيجاد بيئة سياسية مستقرة تسمح بتنفيذ المشاريع.

ويعد التقييم السريع للأضرار والاحتياجات الأداة الأساسية التي تعتمد عليها المؤسسات الدولية لتقدير حجم الأضرار ووضع تصور مبدئي لخطط التعافي، كما يمثل قرار مجلس الأمن ألف وسبعمئة وواحد الإطار المرجعي الأبرز في جنوب لبنان منذ عام ألفين وستة لتثبيت وقف الأعمال العدائية بين إسرائيل وحزب الله.

أما في الضفة الغربية فإن التوسع الاستيطاني ظل أحد أبرز العقبات أمام أي تقدم سياسي منذ عقود، حيث تواصل الأمم المتحدة التحذير من تأثيره على إمكانية تطبيق حل الدولتين، وتؤكد الأدبيات الأممية أن أي تقدم سياسي حقيقي يتطلب توازنا بين الجهود الإنسانية الفورية وخطوات سياسية ملموسة يمكن البناء عليها، ويمثل وقف إطلاق النار في غزة اختبارا لهذه القاعدة من جديد.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية