السلطات الإيرانية تعتقل المغنية الكردية أَسمر حميدي وتغلق منصاتها الرقمية
السلطات الإيرانية تعتقل المغنية الكردية أَسمر حميدي وتغلق منصاتها الرقمية
اعتقلت السلطات الإيرانية المغنية الكردية أَسمر حميدي، وأغلقت منصاتها الرقمية، في خطوة أثارت موجة استنكار واسعة بين المدافعين عن حقوق الإنسان وحرية التعبير.
وأقدمت عناصر من أجهزة الأمن على اعتقال أَسمر حميدي، دون توضيح رسمي لطبيعة التهم الموجهة إليها، في مشهد يتكرر بحق النساء الناشطات والفنانات في مختلف المدن الإيرانية، وسط غياب الشفافية القانونية وحرمان المعتقلات من حقوقهن الأساسية في الدفاع والمحاكمة العادلة، بحسب ما ذكرت وكالة أنباء المرأة، الأحد.
تزامن الاعتقال مع إغلاق فوري للحساب الرسمي لحميدي على منصة "إنستغرام"، حيث نُشر إشعار مقتضب يفيد بأن الصفحة أُغلقت بأمر قضائي مباشر، وأن هذا الإجراء تم تنفيذه من قِبل شرطة الأمن العام، بزعم نشر "محتوى مخالف للقانون"، دون تقديم أي تفاصيل إضافية حول طبيعة هذا المحتوى أو آلية المراجعة القانونية المتّبعة.
محو الأثر الرقمي للفنانة
تُظهر الإجراءات التي رافقت إغلاق الحساب حذفًا كاملًا لجميع المنشورات السابقة، ما يُعدّ محاولة واضحة لمحو الأثر الرقمي للفنانة، والقضاء على أي مساحة تواصل كانت تجمعها بجمهورها، في وقت كانت فيه منصات التواصل الاجتماعي تمثل المتنفس الوحيد للعديد من الفنانات في بلد تُفرض فيه قيود صارمة على ظهور النساء في المجال العام، وخاصة في ميدان الموسيقى والغناء.
تُعيد هذه الحادثة إلى الذاكرة سجلّ الاعتقالات السابقة التي تعرضت لها أَسمر حميدي بسبب نشاطها المدني والفني، حيث سبق أن واجهت مضايقات أمنية واستدعاءات متكررة، في سياق أوسع من التضييق المنهجي على الأصوات النسائية الكردية، التي تُعدّ من أكثر الفئات استهدافًا وتهميشًا داخل إيران، سواء على المستوى القومي أو الجندري.
وتُضاف قضية حميدي إلى سلسلة طويلة من الإجراءات القمعية ضد مغنيات أخريات، إذ شهد مطلع الشهر الجاري إغلاق حسابات عدد من الفنانات، من بينهن نيلوفر آوخ وفاطره حميدي وآزاده كبريا وزينب بريماني وماندانا أكبرزاده، ما يؤكد أن هذه الخطوات ليست فردية أو عشوائية، بل تأتي ضمن سياسة منظمة تهدف إلى محاصرة أي حضور نسوي في المشهد الفني المستقل.
استدعاء وتحقيق وترهيب
تُوثّق منظمات وناشطون في المجال الثقافي حالات استدعاء وتحقيق وترهيب طالت مغنيات في مدن مازندران وبهبهان وأصفهان ومدن أخرى خلال الأشهر الماضية، حيث جرى استدعاؤهن للاستجواب بذريعة "نشر الفساد" أو "الدعاية ضد النظام"، وهي تهم فضفاضة تُستخدم كأداة لإخماد أي صوت معارض أو مستقل.
وتُحذّر المدافعات عن حقوق النساء من أن ما يحدث يعكس سياسة منهجية لإقصاء النساء تدريجيًا من الفضاء الثقافي والفني، وتحويل الفن إلى مجال خاضع بالكامل للرقابة الذكورية والدينية الصارمة، الأمر الذي يشكل انتهاكًا واضحًا للمواثيق الدولية، وعلى رأسها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، اللذان يكفلان حرية التعبير والحق في المشاركة بالحياة الثقافية.
وتُؤكد الناشطات أن النساء في إيران، ورغم القيود المفروضة عليهن، نجحن خلال السنوات الماضية في كسر الحواجز التقليدية والتواصل مع جمهورهن عبر الفضاء الرقمي، مستفيدات من منصات التواصل لإيصال أصواتهن وأعمالهن إلى العالم، غير أن هذا المتنفس بدأ بدوره يضيق تحت سطوة المؤسسات الأمنية والرقابية التي تعمل على إغلاق الحسابات واحدة تلو الأخرى.
تُجدد حادثة اعتقال أَسمر حميدي النقاش حول واقع الحريات في إيران، وخصوصًا في ما يتعلق بوضع النساء الفنانات، حيث باتت كل امرأة تمتلك صوتًا أو رسالة أو حضورًا رقميًا عرضة للملاحقة والاعتقال والتشهير والحجب، فقط لأنها كسرت القيد المفروض على جسدها وصوتها وأفكارها.











