بين الترحيل القسري والكرامة الإنسانية.. وزير الداخلية الليبي يكشف تطورات أزمة المهاجرين

بين الترحيل القسري والكرامة الإنسانية.. وزير الداخلية الليبي يكشف تطورات أزمة المهاجرين
مهاجرون في ليبيا

أكد وزير الداخلية المكلف في حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة عماد الطرابلسي أن الوزارة تنفذ برنامج ترحيل المهاجرين غير النظاميين وفق معايير تراعي الكرامة الإنسانية، موضحاً أن الوزارة تعمل على تسهيل إجراءات تأشيرات الخروج، وإعفاء المهاجرين من رسوم المخالفات، وتوفير إقامة مؤقتة في مراكز التجميع قبل إعادة المغادرة.

جاءت تصريحات الطرابلسي الثلاثاء خلال مؤتمر صحفي مخصص لاستعراض نتائج البرنامج الوطني لترحيل المهاجرين غير الشرعيين خلال شهري أكتوبر ونوفمبر، والذي حضره ممثلون عن سفارات ومنظمات دولية لمتابعة سير العملية وضمان احترام حقوق الإنسان وفق وكالة الأنباء الألمانية.

أعداد المهاجرين في ليبيا

كشف الطرابلسي في المؤتمر نفسه أن عدد المهاجرين غير القانونيين داخل ليبيا يقترب من ثلاثة ملايين شخص، وهو رقم يتجاوز التقديرات الأوروبية التي تشير إلى نحو مليون ونصف المليون مهاجر فقط.

وأوضح أن هذه الفجوة في الأرقام تعكس حجم التحديات التي تواجهها ليبيا بسبب موقعها الجغرافي وحدودها المفتوحة، لافتاً إلى أن الوزارة تعمل بالتنسيق مع المجتمع الدولي لتقاسم الأعباء، وفق آليات تضمن المعايير الإنسانية وعدم اللجوء إلى الترحيل القسري.

وقال الطرابلسي، إن الوزارة لم تنفذ أي عملية ترحيل قسري للمهاجرين السودانيين، وإن جميع من غادروا البلاد فعلوا ذلك بناءً على طلب رسمي من دولتهم، مؤكداً أن ليبيا تقف على مسافة واحدة من الجميع وتتعامل مع كافة الجنسيات وفق القانون والاتفاقيات الدولية.

رفض التوطين 

وأوضح وزير الداخلية أن ملف الهجرة بات يشكل عبئاً كبيراً على البنية الاقتصادية والاجتماعية في ليبيا، مضيفاً أن نسبة المهاجرين الذين يشكلون عائلات تصل إلى نحو 70 في المئة، وأكد أن وجود هذه الأعداد الكبيرة من العائلات يفتح الباب أمام خطر التوطين، وهو أمر يرفضه الشعب الليبي بصورة قاطعة، على حد قوله، وأشار إلى أن ليبيا ليست مؤهلة لتحمل مسؤولية تكديس ملايين المهاجرين داخل حدودها، خصوصاً مع غياب الدعم الكافي من الاتحاد الأوروبي.

وقال الطرابلسي إن ليبيا منفتحة على التعاون مع الاتحاد الأوروبي في ملف الهجرة، لكنها لن تقبل دور الشرطي الذي يرعى حدود أوروبا على حساب الأمن الوطني الليبي، وأكد أن رفضه إعادة المهاجرين الذين يتم اعتراضهم في البحر إلى الأراضي الليبية ينبع من رفض تحويل البلاد إلى مركز احتجاز دائم، مضيفاً أن أوروبا مطالبة بتحمل جزء من المسؤولية بدل الاعتماد على ليبيا وحدها.

وعرض الطرابلسي تفاصيل البرنامج الوطني للترحيل منذ يوليو 2024 حتى سبتمبر 2025، مشيراً إلى أن آلاف المهاجرين غادروا البلاد بشكل منظم ووفق إجراءات قانونية كاملة، بالتنسيق مع سفارات دول مثل مصر وتشاد ونيجيريا وبنغلاديش، وقال إن عمليات الترحيل تجري عبر رحلات جوية مباشرة، مع توثيق كل خطوة وتسجيلها بحضور جهات رقابية لضمان عدم حدوث تجاوزات.

وذكر الطرابلسي أن الوزارة تعمل حالياً على تنظيم رحلات جديدة خلال الشهر الجاري لإعادة مهاجرين من دول أخرى تشمل سورية والصومال ومالي وتشاد، مؤكداً أن كل عمليات الترحيل تتم بعد التنسيق الكامل مع الدول المعنية، ومع توفير دعم لوجستي وإنساني للمهاجرين قبل مغادرتهم.

التأثيرات الاقتصادية للهجرة

وتحدث وزير الداخلية عن الأعباء الاقتصادية الكبيرة التي تتحملها الدولة الليبية بسبب تضخم عدد المهاجرين، موضحاً أن جزءاً كبيراً من تحويلاتهم المالية يتم عبر السوق السوداء. وقال إن تقديرات الوزارة تشير إلى أن المهاجرين يرسلون شهرياً ما يقارب 600 مليون دولار إلى ذويهم في الخارج، وهو ما يتجاوز سبعة مليارات دولار سنوياً، معتبراً أن هذا النزيف المالي ينعكس مباشرة على الاقتصاد الوطني ويستنزف احتياطي النقد الأجنبي.

تعد ليبيا أحد أهم ممرات العبور غير النظامي نحو أوروبا منذ العام 2011، حيث استغلت شبكات التهريب حالة الانفلات الأمني وضعف إدارة الحدود لتوسيع نشاطها. 

وتتعامل الأمم المتحدة مع ملف الهجرة في ليبيا من خلال برامج متعددة يشرف عليها كل من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة، وتشمل دعم مراكز الإيواء، وتقديم مساعدات إنسانية طارئة، وإعادة التوطين في دول ثالثة أو العودة الطوعية إلى دول الأصل.

وتواجه هذه الجهود عقبات كبيرة أبرزها محدودية التمويل، وتضارب السياسات بين الدول الأوروبية، وغياب إطار وطني ليبي ثابت لإدارة الملف، إلى جانب المخاطر التي يتعرض لها المهاجرون في مناطق الساحل والجنوب ومراكز الاحتجاز.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية