مخلفات الموت في غزة.. تحذير أممي من خطورة الذخائر غير المنفجرة

مخلفات الموت في غزة.. تحذير أممي من خطورة الذخائر غير المنفجرة
الذخائر غير المنفجرة في غزة- أرشيف

ذكَّر واقعٌ خطيرٌ يعيشه قطاع غزة العالم بحجم الكارثة الكامنة تحت الأرض وفوقها، بعدما أكد مسؤول أممي أن مستوى التلوث بالذخائر المتفجرة أصبح "هائلًا للغاية"، في أعقاب عامين من القتال العنيف واستخدام الأسلحة المتفجرة من مختلف أطراف النزاع. 

وبيّن رئيس برنامج الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام (أونماس) في الأرض الفلسطينية المحتلة، جوليوس فان دير فولت، أن مخلفات الحرب غير المنفجرة لم تعد تمثل تهديدًا نظريًا، بل تحولت إلى خطر يومي مباشر يحيط بحياة أكثر من 2.1 مليون فلسطيني في القطاع، ويشل قدرتهم على الحركة والبقاء بأمان، بحسب ما ذكر موقع أخبار الأمم المتحدة، اليوم الخميس.

وأشار المسؤول الأممي، في حديثه للصحفيين بجنيف، إلى أن التلوث بالذخائر غير المنفجرة يقيّد وصول المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة، ويعرقل افتتاح المدارس والمستشفيات والملاجئ، ويجعل أي محاولة لإزالة الركام أو إعادة البناء مغامرة محفوفة بالموت. 

وحذّر من أن ما يسمى بـ"الإعمار المبكر" يظل شبه مستحيل في ظل هذا الواقع، إذ قد تتحول أي خطوة لإعادة الحياة إلى الأحياء المدمرة إلى كارثة جديدة إذا لم يتم تطهيرها بشكل كامل من المتفجرات الكامنة.

خطورة النزوح القسري 

نبَّه تقرير أونماس إلى أن الظروف المعيشية القاسية، وغياب البدائل الآمنة، يجبران آلاف العائلات على النزوح إلى مناطق يُشتبه في احتوائها على ذخائر متفجرة، ما يضاعف حجم التهديد اليومي، ويضع الأطفال في قلب الخطر بشكل خاص. 

وأوضح فان دير فولت أن الأطفال غالبًا ما ينجذبون إلى الأجسام المعدنية الغريبة أو بقايا الصواريخ بدافع الفضول أو الجهل بالخطر، مما يجعلهم من أكثر الفئات عرضة لحوادث الانفجار والإصابات المميتة أو التشوهات الدائمة.

وأفاد المسؤول الأممي بأن نحو 400 شخص تأثروا بالفعل بحوادث مرتبطة بالذخائر غير المنفجرة في قطاع غزة، ورغم أن الرقم قد يبدو منخفضًا مقارنة بدول أخرى عاشت تجارب صراعات طويلة مثل سوريا أو العراق، فإن نسبته إلى عدد السكان في غزة تبقى مرتفعة ومقلقة للغاية، لا سيما مع استمرار تقييد الوصول إلى المناطق الملوثة وصعوبة رصد جميع المتفجرات المنتشرة تحت الأنقاض وفي الشوارع والحقول والمخيمات.

جهود أممية وتحديات 

وسّعت أونماس، بحسب فان دير فولت، نطاق وصول فرقها إلى المجتمعات المدنية في غزة، ونجحت في التفاعل مع السكان المحليين وتوعيتهم بالمخاطر، إضافة إلى إزالة بعض المواد المعدنية الخردة والأجسام التي قد تشبه الذخائر المتفجرة، ضمن محاولة أولية للحد من الرعب والارتباك اليومي في أوساط السكان. 

وأوضح فان دير فولت، أن البرنامج يسعى مستقبلًا إلى معالجة التأثير النفسي العميق لهذه المخلفات، عبر تنظيف البيئة المحيطة بالمنازل ومرافق الإيواء من أي مواد تهدد الحياة.

وأكّد في الوقت نفسه أن التقدم في هذا المسار لا يزال محدودًا للغاية بسبب نقص المعدات المتخصصة، خاصة تلك ذات الاستخدام المزدوج، التي تُعد ضرورية لرصد المتفجرات وإبطال مفعولها دون تعريض حياة الفرق الإنسانية للخطر. 

وأشار فان دير فولت إلى أن غياب هذه المعدات يعطّل عمليات التطهير الشاملة، ويؤخر بشكل كبير عودة الحياة الطبيعية إلى المناطق المدمرة.

مخاطر في الضفة الغربية

امتدّ التحذير أيضًا إلى الضفة الغربية، حيث حذّر فان دير فولت من أن تصاعد أعمال العنف والاشتباكات يزيد من احتمالية انتشار الذخائر المتفجرة في المناطق المكتظة بالسكان ومخيمات اللاجئين والأحياء السكنية والريفية على حد سواء. 

ولفت المسؤول الأممي، إلى أن المدنيين في هذه المناطق باتوا مجبرين على التعايش اليومي مع مخلفات حرب قاتلة، دون امتلاك الحد الأدنى من أدوات الحماية أو الوعي بخطورتها.

وأوضح فان دير فولت أن أونماس تعمل بشكل وثيق مع السلطات الفلسطينية ومركز مكافحة الألغام والمنظمات غير الحكومية المحلية من أجل بناء قدرات وطنية مستدامة، تُمكّن المجتمع الفلسطيني من التصدي طويل الأمد لهذا الخطر. 

واعتبر أن نجاح أي خطة مستقبلية لإعادة الإعمار أو الاستقرار في الأراضي الفلسطينية يرتبط ارتباطًا مباشرًا بمدى القدرة على تطهير الأرض أولًا من الذخائر القاتلة التي ما زالت تفتك بصمت.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية