تنتهك حقوق الإنسان.. الصين تعد العقوبات الأحادية خرقاً لميثاق الأمم المتحدة
تنتهك حقوق الإنسان.. الصين تعد العقوبات الأحادية خرقاً لميثاق الأمم المتحدة
أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، الدبلوماسي لين جيان، أن العقوبات الأحادية التي تفرضها بعض الدول الغربية على دول بعينها تشكل انتهاكاً مباشراً لميثاق الأمم المتحدة، وتقوّض الأسس القانونية التي يقوم عليها النظام الدولي المعاصر.
جاء تصريح المسؤول الصيني رداً على سؤال بشأن تأثير العقوبات المفروضة على كل من الصين وروسيا وإيران، وما تتركه من تداعيات اقتصادية وإنسانية تتجاوز حدود الدول المستهدفة لتطول الاقتصاد العالمي برمّته، بحسب ما ذكرت وكالة “نوفوستي”، اليوم الخميس.
ويشير موقف بكين إلى أن هذه العقوبات لا تستند إلى قرارات دولية صادرة عن مجلس الأمن، بل تعتمد على قرارات أحادية الجانب تفتقر إلى الشرعية القانونية الدولية.
وتعد هذه الممارسات، وفق القانون الدولي، خروجاً عن مبدأ سيادة الدول، ومساساً مباشراً بحقها في تقرير سياساتها الاقتصادية والتجارية دون ضغوط أو إكراه خارجي.
انتهاك الحقوق الأساسية
صرّح لين جيان بأن الإجراءات القسرية الأحادية لا تقتصر آثارها على الحكومات فحسب، بل تمتد لتضرب بشكل مباشر حياة الشعوب، معتبراً أنها تشكل “انتهاكاً جسيماً” للحقوق الأساسية للإنسان، وعلى رأسها الحق في الحياة، والحق في التنمية، والحق في الحصول على الغذاء والدواء والخدمات الأساسية.
وفي السياق الإنساني، تؤدي العقوبات إلى تقييد حركة الأموال، وتعطيل التجارة، وإعاقة وصول المواد الغذائية والأدوية والمستلزمات الطبية، ما ينعكس على الفئات الأشد ضعفاً مثل الأطفال وكبار السن وذوي الأمراض المزمنة.
ويؤكد خبراء حقوق الإنسان أن العقوبات الاقتصادية الواسعة قد تؤدي إلى ارتفاع معدلات الفقر والبطالة وسوء التغذية، وتدهور الأنظمة الصحية، وهو ما يحوّلها من “أداة ضغط سياسية” إلى وسيلة معاقبة جماعية للشعوب.
أهداف التنمية المستدامة
أضاف المسؤول الصيني أن العقوبات الأحادية تعرقل بشكل مباشر تنفيذ أجندة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لعام 2030، والتي تهدف بالأساس إلى القضاء على الفقر، وضمان التعليم الجيد، والمساواة، والأمن الغذائي، والرعاية الصحية الشاملة.
وبدل أن تدعم الدول المتقدمة جهود التنمية في المناطق الأكثر هشاشة، فإن هذه القيود الاقتصادية تُسهم في تعميق الفجوة بين الدول الغنية والفقيرة، وتقوّض فرص الدول النامية في تحقيق التنمية الشاملة.
ومن منظور حقوقي، يتعارض فرض العقوبات مع مبدأ “عدم الإضرار بالشعوب” الذي يُعد أحد المرتكزات الأساسية في القانون الدولي الإنساني. إذ لا يجوز اتخاذ إجراءات سياسية أو اقتصادية من شأنها أن تمسّ الحقوق غير القابلة للتصرف للأفراد، مثل الحق في الحياة والصحة والتعليم.
تصعيد في العقوبات
بالتزامن مع التصريحات الصينية، أعلنت واشنطن فرض عقوبات جديدة طالت مواطنين اثنين وشركتين من روسيا والصين وكوريا الشمالية، في خطوة عدّها مراقبون استمراراً للنهج التصعيدي في استخدام العقوبات بوصفها أداة ضغط سياسي واقتصادي.
كما سبق للاتحاد الأوروبي، في منتصف يوليو، أن أعلن فرض الحزمة الثامنة عشرة من العقوبات ضد روسيا، والتي شملت أيضاً عدداً من المؤسسات الصينية، منها مؤسستان ماليتان.
ويثير هذا التصعيد المتواصل في فرض العقوبات مخاوف حقوقية متزايدة من تأثير “سلسلة العقوبات” في الاقتصاد العالمي، ولا سيما ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء، واضطراب سلاسل الإمداد، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على الدول النامية والمجتمعات الفقيرة التي تعاني أصلاً أزمات معيشية خانقة.
تضامن دولي بديل
دعت الصين المجتمع الدولي إلى “تعزيز التضامن والتعاون” بدل الاعتماد على سياسات العقاب والضغط، مؤكدة أن الحوار والتفاهم والالتزام بالقانون الدولي هي وحدها السبل الكفيلة بحل النزاعات وتعزيز الاستقرار العالمي.
ويؤكد هذا الموقف الحاجة الملحة إلى مراجعة شاملة لاستخدام العقوبات أداة سياسية، واستبدالها بآليات تقوم على الشراكة والتنمية المشتركة وحماية الكرامة الإنسانية.
وفي ظل عالم تتزايد فيه الأزمات الإنسانية وتتصاعد فيه التحديات البيئية والاقتصادية والصحية، تتحول مسألة العقوبات من سياسة خارجية إلى قضية حقوق إنسان كبرى، تستوجب مساءلة قانونية وأخلاقية، وتفرض على المجتمع الدولي البحث عن حلول توازن بين المصالح السياسية والواجبات الإنسانية.










