أزمة في قلب صناعة الموضة.. اتهامات لبيوت الأزياء الإيطالية باستغلال المهاجرين

أزمة في قلب صناعة الموضة.. اتهامات لبيوت الأزياء الإيطالية باستغلال المهاجرين
أحد عروض الأزياء في إيطاليا

تواجه مجموعة من أبرز دور الأزياء الإيطالية والأوروبية اتهامات ثقيلة بالاستفادة من شبكات تشغيل تستغل العمال المهاجرين في ورش صغيرة تعمل لحسابها ضمن سلاسل التوريد، وتتحرك السلطات القضائية في ميلانو للتحقيق في ظروف العمل القاسية داخل هذه الورش، بعد عمليات تفتيش واسعة خلال نوفمبر الماضي كشفت عن ممارسات وصفت بأنها تنتهك بشكل صارخ معايير العمل والحقوق الإنسانية.

تحقيقات موسعة في ميلانو

أعلنت وزارة العدل الإيطالية، الخميس، أن النيابة العامة في ميلانو فتحت تحقيقا لإلزام الشركات الكبرى بفرض رقابة مشددة على مورديها، في ظل الاشتباه في أن العديد من هذه الورش تعتمد على عمال مهاجرين في وضعية غير قانونية، يعملون ساعات طويلة دون عقود أو حماية اجتماعية، وتشمل لائحة العلامات المستهدفة أسماء بارزة في عالم الفخامة مثل فيرساتشي ودولتشي آند غابانا وغوتشي وفيراغامو، إضافة إلى دور فرنسية مثل سان لوران وجيفنشي، وهو ما يعكس امتداد المشكلة عبر حدود صناعة الموضة الأوروبية، وفق إذاعة فرنسا الدولية.

ظروف عمل مرهقة وأجور زهيدة

تشير الشهادات التي جمعتها منظمات حقوق العمل إلى أن عددا من المقاولين الفرعيين يوظفون مهاجرين غير موثقين في ورش مغلقة تفتقر إلى المعايير الأساسية للسلامة أشبه بالعبودية الحديثة، وتقول منسقة حملة الملابس النظيفة في إيطاليا ديبورا لوشيتي إن هؤلاء العمال يعملون عشر أو اثنتي عشرة ساعة يوميا، بما في ذلك أيام العطل الأسبوعية، مقابل أجور لا تتجاوز اثنين أو ثلاثة يوروهات في الساعة، وعلى الرغم من أن المنتجات التي يصنعونها تباع أحيانا بآلاف اليوروهات، فإن نصيبهم من هذه الأرباح يبقى ضئيلا إلى حد الفقر.

وتؤكد منظمات المتابعة أن هذه الممارسات لا ترتبط بشركة واحدة، بل تمثل جزءا من نظام إنتاج قائم على خفض التكاليف بأقصى درجة عبر تشغيل اليد العاملة غير الموثقة، ويجري ذلك غالبا في ضواحي ميلانو وتوسكانا حيث تنتشر ورش صغيرة تعمل لحساب علامات كبرى دون أن تخضع لرقابة حقيقية من الشركات الأم.

ضغط متزايد على علامات الفخامة

يتوقع أن يفتح التحقيق الباب أمام إجراءات أكثر صرامة تلزم دور الأزياء بمتابعة سلاسل الإنتاج كاملة وليس الاكتفاء بالتعاقد مع وسطاء، وتشير تقديرات غير رسمية إلى أن مئات المهاجرين يعملون في هذه الورش في ظروف تفتقر إلى أي شكل من أشكال الحماية القانونية، ما قد يدفع القضاء الإيطالي إلى فرض عقوبات مالية وإدارية على الشركات التي يثبت تقصيرها في مراقبة سلاسل التوريد.

تعد صناعة الموضة في إيطاليا إحدى الركائز الاقتصادية الكبرى في البلاد، ويشتهر قطاعها الحرفي بإنتاج الملابس الفاخرة التي تصدر إلى مختلف أنحاء العالم، غير أن توسع السوق العالمية وزيادة الطلب دفعا العديد من الشركات إلى الاعتماد على مقاولين فرعيين داخل البلاد وخارجها، ما أدى إلى تراجع الرقابة الفعلية على ظروف العمل، وتشير دراسات أوروبية إلى أن استغلال العمال المهاجرين أصبح ظاهرة مقلقة في عدد من الصناعات، خاصة في القطاعات التي تعتمد على الإنتاج السريع بتكاليف منخفضة، وفي السنوات الأخيرة، كثفت منظمات حقوق الإنسان حملات للكشف عن الانتهاكات داخل سلاسل التوريد، داعية إلى تشريعات تلزم الشركات الكبرى بالشفافية الكاملة وتتبع كل مراحل تصنيع منتجاتها لضمان عدم وقوع العمال في دائرة الاستغلال.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية