اشتباكات بين الشرطة ومئات المتظاهرين في ذكرى مقتل مراهق باليونان

اشتباكات بين الشرطة ومئات المتظاهرين في ذكرى مقتل مراهق باليونان
اشتباكات بين الشرطة ومتظاهرين في اليونان

اشتعلت شوارع العاصمة اليونانية أثينا، بمواجهات عنيفة بين قوات الشرطة ومئات المتظاهرين الذين تجمعوا لإحياء الذكرى السنوية لمقتل المراهق ذي الخمسة عشر عاماً برصاص أحد عناصر الأمن في ديسمبر 2008، وهي حادثة ما زالت تترك أثراً عميقاً في الوعي الجمعي لليونانيين، وتُستحضر كل عام بوصفها رمزاً لمطلب العدالة والمساءلة ورفض الإفلات من العقاب.

وذكرت مصادر محلية، اليوم الأحد، أن الوقفة الاحتجاجية بدأت سلمية في عدد من الساحات الرئيسية وسط أثينا، حيث رفع المشاركون لافتات تطالب بمحاسبة المسؤولين عن العنف الشرطي وتعزيز الرقابة على الأجهزة الأمنية، قبل أن تتصاعد الأوضاع تدريجياً مع حلول المساء، بالتزامن مع توسع رقعة التظاهر واقتراب الحشود من مواقع أمنية حساسة، بحسب ما ذكرت "روسيا اليوم".

واستخدمت الشرطة الهراوات والقنابل المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين بعد أن اعتبرت التجمعات “غير مرخصة”، في حين ردّ المحتجون برشق الحجارة وإطلاق مقذوفات نارية من الألعاب النارية (فاير ووركس) باتجاه القوات المنتشرة في محيط البرلمان وعدد من الشوارع التجارية، ما أدى إلى حالة من الفوضى وتعطّل حركة المرور وإغلاق متاجر عدة أبوابها خشية الأضرار.

غياب الأرقام الرسمية

أشارت تقارير أولية إلى وقوع عدد من الإصابات في صفوف المتظاهرين والشرطة، إلا أن الجهات الرسمية حتى لحظة إعداد هذا التقرير لم تُعلن حصيلة مؤكدة للاعتقالات أو الإصابات، مكتفية بتأكيد أن الوضع “قيد السيطرة”، في حين تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تُظهر إصابات بين المشاركين وحرائق محدودة في بعض الممتلكات العامة.

وتعود الحادثة التي أشعلت هذه المواجهات إلى ديسمبر 2008، عندما أطلق أحد أفراد الشرطة النار على المراهق ألكسندروس غريغوروبولوس وأرداه قتيلاً، ما أثار آنذاك موجة غضب عارمة تحولت إلى أعمال شغب واسعة في مختلف المدن اليونانية، واستمرت لأسابيع، وفتحت نقاشاً وطنياً طويلاً حول عنف الشرطة وحدود استخدام القوة.

تُجدد هذه الذكرى، عاماً بعد عام، مشاعر الغضب والاحتقان لدى قطاعات واسعة من الشباب والطلاب والنشطاء في اليونان، حيث يعد كثيرون العدالة لم تتحقق بالشكل الكافي، وأن إصلاحات الأجهزة الأمنية ما زالت محدودة أو شكلية، وهو ما يُبقي هذه المناسبة نقطة اشتعال متوقعة للتوترات والنزول إلى الشارع.

تأثير سياسي واجتماعي

تضع الأحداث الحكومة اليونانية في مواجهة مباشرة مع أسئلة تتعلق بإدارة الاحتجاجات واحترام الحق في التظاهر، وفي الوقت ذاته الحفاظ على الأمن العام، حيث تتعالى أصوات تطالب بمراجعة قواعد الاشتباك وتدريب الشرطة على أساليب أكثر سلمية في التعامل مع الحشود، خاصة مع تزايد الانتقادات الحقوقية الداخلية والدولية.

ويحاول المتظاهرون من خلال هذه المسيرات السنوية إيصال رسالة واضحة مفادها أن الجريمة التي وقعت عام 2008 ليست مجرد حادث عابر في الذاكرة، بل جرح مفتوح يستدعي اعترافاً ومحاسبة وإصلاحاً جذرياً، حتى لا يتكرر مع ضحايا جدد في المستقبل.

ويتوقع مراقبون أن تستمر حالة التوتر خلال الأيام المقبلة، خاصة مع دعوات جديدة للتظاهر في مدن أخرى مثل سالونيك وباتراس، في ظل تحذيرات أمنية من اتساع رقعة المواجهات إذا لم يتم احتواء المشهد بحكمة وتواصل فعال مع المتظاهرين وممثلي المجتمع المدني.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية