لمواجهة العنف الرقمي.. حقوقيات لبنانيات يطالبن بتعزيز الأمن الإنساني

لمواجهة العنف الرقمي.. حقوقيات لبنانيات يطالبن بتعزيز الأمن الإنساني
ندوة حقوقية في بيروت

شدّدت المشاركات في الندوة الحقوقية التي نُظّمت في بيروت، على أهمية تمكين النساء في مواقع القرار، وتعزيز المساواة في التشريعات والسياسات العامة، بالتزامن مع إطلاق مبادرات تدريبية وتوعوية تستهدف الأجيال الشابة.

وجاءت الندوة بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، وضمن حملة 16 يوماً لمناهضة العنف ضد المرأة، واحتفاءً بمرور 25 عاماً على قرار مجلس الأمن 1325 حول المرأة والسلام والأمن، حيث اجتمعت بلدية بيروت والجمعية اللبنانية للدفاع عن المساواة والحقوق «لاودر»، ومركز «سمارت» للإعلام والتنمية الرقمية تحت عنوان: «سلام آمن وفضاءات رقمية خالية من العنف»، بحسب ما ذكرت وكالة أنباء المرأة.

وناقشت المشاركات التحديات المتنامية التي تواجه النساء والفتيات في الفضاء الرقمي، في ظل تصاعد ظواهر مثل الابتزاز الإلكتروني، التنمر، التحرش، وانتهاك الخصوصية، وهي سلوكيات تنعكس مباشرة على الأمن الإنساني والنفسي والاجتماعي للنساء.

وبحثت الندوة سبل بناء شراكات بين مؤسسات الدولة والمجتمع المدني، ووضع سياسات وطنية شاملة تستجيب لهذه التهديدات من خلال حماية فعّالة، وآليات تبليغ، وأطر قانونية تردع الانتهاكات وتدعم حقوق النساء والفتيات.

عرض فيديوهات توعوية 

عرضت الجلسات فيديوهات توعوية تشرح آليات التبليغ عن الجرائم الإلكترونية، في حين تناولت النقاشات محاور أساسية مثل العنف الرقمي ضد النساء، إنفاذ القانون وحقوق الإنسان، وتمكين النساء في الحوكمة والمشاركة السياسية.

وتأتي هذه المحاور في لحظة حرجة يعيش فيها لبنان تصاعداً ملحوظاً في الجرائم الرقمية، وسط غياب تشريعي واضح يحمي النساء، وواقع اقتصادي يزيد هشاشتهن، ما يجعل العنف الرقمي امتداداً للعنف البنيوي والاجتماعي القائم أصلاً.

وأكدت عضو الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية جومانا سليلاتي أن الهيئة تعمل على ترسيخ رفض العنف ضد النساء، وضمان توفير الحماية والدعم للناجيات على المستويات القضائية والأمنية والنفسية والمادية.

وأوضحت أن مبدأ المساواة قائم نظرياً في التشريعات، لكن النساء يواجهن حتى اليوم أشكالاً من الإجحاف القانوني، خصوصاً في قوانين الأحوال الشخصية، حيث تتفاوت الحقوق بين الطوائف ويتعرض عدد كبير من النساء لتمييز كبير خلال الزواج والطلاق وحضانة الأطفال.

التعاون مع المجتمع المدني

بدورها، أكّدت عضو مجلس بلدية بيروت ورئيسة لجنة الشؤون الاجتماعية جمانة الحلبي أن البلدية تعمل بصورة مستمرة على دعم النساء والفئات الأكثر هشاشة، عبر تعاون وثيق مع الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني.

وأشارت إلى أن لجان البلدية تسعى لتعزيز مشاريع اجتماعية وقانونية تستهدف النساء والأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة، بهدف سد الثغرات القائمة وتحسين فرص المساندة والحماية، خصوصاً في ظل الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي يمر بها لبنان منذ سنوات.

ومن جهتها، أوضحت المديرة التنفيذية لمنظمة SMART والمستشارة الدولية رندى يسير أن المنصة الجديدة التي أُطلقت خلال الندوة تشكّل خارطة طريق استراتيجية لتوحيد جهود المجتمع المدني في مواجهة التهديدات الرقمية.

وأكدت أن الأمن الرقمي بات جزءاً لا يتجزأ من الأمن الاجتماعي والسياسي والاقتصادي في البلاد، وأن حماية الفضاء الرقمي تتطلب فهماً شاملاً لنقاط القوة والضعف، بالإضافة إلى برامج تدريبية تستهدف الشباب والطلاب.

وشددت على أن المرحلة المقبلة تتجه نحو إعداد برامج تدريب متخصصة للشابات، بهدف تعزيز مهارات التصدّي للعنف الرقمي وإرساء منظومة حماية مستدامة.

إطار وطني للحماية الرقمية

شدّدت المديرة التنفيذية لمنظمة LOUDER وخبيرة حقوق الإنسان الدكتورة خلود الخطيب على أن الأمن الرقمي يُشكّل جزءاً أساسياً من منظومة الأمن والسلام، محذّرة من تزايد التعديات الإلكترونية التي تفرض مخاطر كبيرة على النساء.

وأكدت الخطيب أن مواجهة هذه الظاهرة لا يمكن أن تتم إلا عبر إطار وطني شامل يضم الأسرة والمدارس والمجتمع المدني ومؤسسات الدولة، مؤكدة أن حماية الخصوصية الرقمية باتت من صميم العدالة وسيادة القانون.

ونبّهت إلى أن تصاعد الجرائم الرقمية يجب أن يدفع نحو إعلان «حالة طوارئ رقمية» تفرض اتخاذ تدابير عاجلة، تشمل الوقاية، والمحاسبة، والتوعية، وبناء بيئة آمنة تحمي النساء والفتيات من التهديدات المتفاقمة.

مبادرة وطنية للتمكين الإلكتروني

في ختام الندوة، أعلنت الجهات المنظمة عن إطلاق مبادرة وطنية جديدة عنوانها: «شراكة من أجل تمكين النساء إلكترونياً»، وهي مبادرة تهدف إلى دعم النساء، خصوصاً ذوات الاحتياجات الخاصة، وتمكينهن من مواجهة العنف الرقمي عبر تدريب تقني يمتد لستة أشهر، يتيح لاحقاً دمجهن في سوق العمل العام والخاص.

وخلصت الندوة إلى ضرورة صياغة سياسات وطنية شاملة تضمن مساحات رقمية آمنة تُصان فيها كرامة النساء، وتُدعم حقوقهن في الحرية والمساواة والعدالة، مع تحويل التحديات الرقمية الحالية إلى فرص للتمكين والمشاركة في الحياة العامة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية