لمواجهة الهجرة.. بريطانيا والدنمارك تدعوان لتحديث الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان

لمواجهة الهجرة.. بريطانيا والدنمارك تدعوان لتحديث الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان
أزمة الهجرة غير الشرعية في بريطانيا

دعا رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، بالتعاون مع رئيسة الوزراء الدنماركية ميته فريدريكسن، اليوم الأربعاء، قادة أوروبا إلى إعادة النظر في تفسير الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، في ظل ما تواجه الدول الأوروبية من تحديات كبيرة تتعلق بالهجرة غير النظامية، بالإضافة إلى تصاعد نفوذ الأحزاب اليمينية المتطرفة، ما جعل من الضروري، وفق ستارمر وفريدريكسن، تحديث الاتفاقية لضمان استجابة قانونية متوازنة لهذه الظواهر.

وذكرت صحيفة الإندبندنت البريطانية، أن الدعوة الأوروبية تسعى إلى تعديل تفسير الاتفاقية بما يسمح للدول بالتعامل بشكل أكثر فعالية مع المهاجرين غير النظاميين، مع الحفاظ على التزاماتها الدولية.

وتشير المصادر البريطانية إلى أن الاتفاقية التي تشكل أساس قانون حقوق الإنسان في بريطانيا، تمثل أحياناً عقبة أمام ترحيل المهاجرين غير النظاميين، إذ يُستند في الطعون القانونية غالباً إلى المادة 8 المتعلقة بالحق في الحياة العائلية والمادة 3 التي تحظر التعذيب والمعاملة القاسية، وفق ما أفادت وزارة الداخلية البريطانية.

تأتي هذه الدعوة وسط جدل داخلي في بريطانيا حول الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، حيث يعارض حزب المحافظين وحزب الإصلاح هذه الاتفاقية، ويؤكدان أنهما سيخرجان منها إذا وصلوا إلى السلطة، من جهة أخرى، أعلن أكثر من عشرة نواب من حزب العمال دعمهم لمشروع قانون تقدم به الديمقراطيون الأحرار يهدف إلى فتح مفاوضات بشأن اتحاد جمركي جديد بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، ويعد المؤيدون هذا المشروع بمنزلة انتصار تاريخي، في وقت يزيد فيه الضغط على ستارمر لإعادة النظر في سياسات بريكست.

انعكاسات على حقوق الإنسان

تثير الدعوة لمراجعة الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان نقاشاً واسعاً حول التوازن بين حماية الحقوق الأساسية للأفراد، خاصة المهاجرين، وبين حاجة الحكومات لضبط الهجرة غير النظامية، ويشير الخبراء إلى أن أي تعديل في تفسير الاتفاقية يجب أن يراعي التزامات الدول تجاه القانون الدولي وحقوق الإنسان، مع وضع سياسات فعالة تمنع الاستغلال السياسي لهذه الحقوق من قبل القوى اليمينية المتطرفة التي تسعى إلى تقسيم المجتمعات.

ومن المتوقع أن تكون عملية تحديث الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان معقدة، نظراً لاختلاف السياسات الوطنية بين الدول الأعضاء، بالإضافة إلى المعايير القانونية الدولية التي تكفل حماية الحقوق الأساسية، وتشمل المواد الأساسية التي غالباً ما تُستخدم في الطعون القانونية المادة 3 التي تحظر التعذيب والمعاملة القاسية، والمادة 8 المتعلقة بالحق في الحياة العائلية، ما يجعل أي تعديل يتطلب دقة قانونية عالية لضمان عدم المساس بالحقوق الأساسية للمواطنين والمهاجرين على حد سواء.

يأتي هذا النقاش قبل اجتماع وزراء أوروبيين في ستراسبورغ الفرنسية، اليوم الأربعاء، بمشاركة نائب رئيس الوزراء البريطاني ديفيد لامي، حيث من المتوقع أن يتم مناقشة مسألة التحديث بشكل موسع، ويركز المسؤولون الأوروبيون على إيجاد توافق بين حماية الحقوق الأساسية وإدارة تدفقات الهجرة غير النظامية بشكل فعال، ما يقلل من الانقسامات السياسية ويحد من تأثير القوى اليمينية المتطرفة في الدول الأوروبية.

دعم البرلمان البريطاني

في سياق متصل، أبدى نواب حزب العمال دعمهم لمشروع قانون يفتح الطريق لمفاوضات حول اتحاد جمركي جديد مع الاتحاد الأوروبي، ويرى المؤيدون أن هذا التوجه يعزز قدرة بريطانيا على تحقيق التوازن بين مصالحها الاقتصادية والسياسية من جهة، والتزاماتها القانونية تجاه حقوق الإنسان من جهة أخرى، مع الحفاظ على دورها في المنظومة الأوروبية.

الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان التي تم اعتمادها عام 1950، تهدف إلى حماية الحقوق الأساسية للأفراد في الدول الأعضاء في المجلس الأوروبي، وتشمل ضمانات ضد التعذيب والمعاملة اللاإنسانية، وحماية الحق في الحياة الأسرية، وضمان محاكمات عادلة، وتعد هذه الاتفاقية جزءاً من القانون البريطاني منذ اعتماد قانون حقوق الإنسان البريطاني عام 1998، وتشكل أساساً للطعون القانونية المتعلقة بالهجرة والممارسات الحكومية. 

ومع تصاعد الهجرة غير النظامية وانتشار الحركات اليمينية المتطرفة، برزت دعوات لتحديث تفسير المواد الأساسية في الاتفاقية لضمان قدرة الحكومات على حماية حدودها وإدارة السياسات الداخلية بشكل فعال، دون المساس بالحقوق الأساسية للأفراد وفق القانون الدولي.

تشهد بريطانيا ودول أوروبية أخرى منذ السنوات الأخيرة تصاعداً في تبني سياسات هجرة مشددة تهدف إلى الحد من دخول المهاجرين غير النظاميين وتنظيم تدفقات اللاجئين، في ظل تزايد الضغوط الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وتعتمد هذه السياسات على تعزيز الرقابة الحدودية، وتشديد شروط الحصول على الإقامة واللجوء، بالإضافة إلى تسريع عمليات الترحيل والإبعاد، مع التركيز على المواد القانونية التي تحمي الحق في الحياة الأسرية وحقوق الإنسان لضمان عدم خرق الالتزامات الدولية بشكل مباشر.

كما ترافق هذه الإجراءات حملات سياسية تبرز المخاطر المترتبة على الهجرة غير النظامية، وتستهدف تقليل نفوذ الأحزاب اليمينية المتطرفة التي تستغل الموضوع لكسب تأييد شعبي، وبالرغم من ذلك، يواجه المسؤولون تحديات كبيرة في تحقيق التوازن بين السيطرة على الحدود واحترام المعايير الدولية لحقوق الإنسان، حيث تستند العديد من الطعون القانونية ضد الترحيل إلى مواد الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، ما يجعل تطبيق سياسات أكثر صرامة أمراً معقداً ويستلزم مراجعات دقيقة لضمان حماية الحقوق الأساسية للمهاجرين واللاجئين.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية