حقوقيون يناقشون تطوير قوانين الأسرة والمساواة في ورشة إقليمية بالرباط

ناقش حقوقيون خلال ورشة العمل الإقليمية التي نظّمتها منظمة المرأة العربية، بالتعاون مع وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة في المغرب، إصلاح قوانين الأسرة، في ظل تحولات اجتماعية وسياسية متسارعة تشهدها المنطقة. 

جمعت الورشة، التي عُقدت في العاصمة المغربية الرباط، برلمانيين وخبراء قانونيين وقضاة، إلى جانب ممثلين عن مؤسسات حكومية ومنظمات مجتمع مدني من مختلف الدول العربية، في إطار سعي مشترك لتعزيز المساواة والعدالة داخل المنظومات التشريعية الأسرية، بحسب ما ذكرت وكالة "أنباء المرأة"، اليوم السبت.

وجاءت الورشة بعنوان «تطوير قوانين الأسرة من منظور المساواة بين الجنسين في العالم العربي»، بهدف توفير مساحة تفاعلية لتبادل الخبرات الوطنية، وتحليل التجارب التشريعية القائمة، وبحث آفاق الإصلاح الممكنة بما يراعي التحولات المجتمعية ويعزز حقوق النساء والرجال على حد سواء، في إطار من المسؤولية المشتركة داخل الأسرة.

منصة لتبادل الخبرات

في كلمتها الافتتاحية، أكدت المديرة العامة لمنظمة المرأة العربية، فاديا كيوان، أن الورشة تمثل فرصة مهمة للنقاش الجاد وتبادل التجارب حول التشريعات المراعية للمساواة والعدالة، مشددة على أن التعاون الإقليمي أصبح ضرورة ملحة في ظل تشابه السياقات الثقافية والاجتماعية والسياسية التي تعيشها الدول العربية.

وأوضحت كيوان، أن العالم العربي يواجه تحديات متراكبة، من حروب ونزاعات مسلحة، إلى أزمات اقتصادية وبيئية، وكلها عوامل تنعكس بشكل مباشر على أوضاع الأسرة واستقرارها. 

وأشارت إلى أن الإرادة السياسية تلعب دوراً محورياً في الدفع نحو إصلاحات تشريعية حقيقية، قادرة على إحداث تغيير ملموس في حياة النساء والأسر عموماً. 

وأعربت عن تطلعها إلى أن تسفر الورشة عن توصيات عملية وأفكار قابلة للتنفيذ، ترفد الجهود العربية الرامية إلى تحقيق العدالة والمساواة، خصوصاً في قوانين الأسرة.

تجربة الإصلاح الحقوقي

من جهتها، أكدت وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة في المغرب، نعيمة ابن يحيى، أن انعقاد الورشة يأتي في سياق عربي ودولي يتسم بتحولات عميقة، تفرض مراجعة شاملة للتشريعات المرتبطة بالأسرة، بما يضمن صون كرامة الإنسان وترسيخ قيم العدالة وتعزيز التماسك الاجتماعي.

وأشارت الوزيرة إلى أن موضوع الورشة يكتسي أهمية استراتيجية، باعتباره رافعة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة والاستقرار المجتمعي، مؤكدة أن الأسرة، بوصفها الخلية الأولى للمجتمع، تحتاج إلى تشريعات عصرية ومنصفة تواكب التحولات المتسارعة، وتضمن حقوق جميع أفرادها في إطار من الاحترام المتبادل والمسؤولية المشتركة.

وسلطت الضوء على التجربة المغربية في هذا المجال، مشيرة إلى تنفيذ مشاريع إصلاحية كبرى شكّلت تحولات نوعية في مسار تكريس حقوق المرأة، وحماية الطفل، وترسيخ مبدأ المساواة والإنصاف، بما أسهم في تعزيز مكانة المغرب ضمن الدول التي تجعل من تمكين المرأة وصون كرامتها محوراً لسياساتها العمومية.

دور الشراكات الدولية

في مداخلة لها، أوضحت مديرة المشاريع بالوكالة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ)، آنيت فونك، أن مشروع WoMENA، الذي تنفذه الوكالة بالشراكة مع منظمة المرأة العربية، يهدف إلى تعزيز السياسات العادلة والمراعية للمساواة بين الجنسين في مجالي السياسة والاقتصاد بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وأكدت فونك أن النساء في المنطقة ما زلن يواجهن تحديات بنيوية، من بينها العنف والقوانين التمييزية، لا سيما في مجالات قانون الأسرة التي تنظم شؤون الزواج والطلاق والميراث وحضانة الأطفال. 

وأوضحت أن هذا التمييز يترك آثاراً عميقة على الوضع القانوني للنساء، وفرصهن الاقتصادية، وأدوارهن الاجتماعية، معربة عن أملها في أن تسهم النقاشات المطروحة خلال الورشة في بلورة رؤى إصلاحية تستند إلى خبرات متنوعة من مختلف الدول العربية.

نحو رؤية إصلاحية 

وتستمر الورشة حتى غدٍ الأحد، حيث تشكّل منصة تفاعلية معمّقة للنقاش حول واقع قوانين الأسرة في العالم العربي، وتحليلها من منظور المساواة بين الجنسين، وقياس أثرها في حياة النساء والرجال. 

وتتناول جلساتها كيفية إعادة صياغة القوانين وفق هذا المنظور، واستراتيجيات مناصرة الإصلاح التشريعي، وأدوات البرلمانيين لدعم مسارات التغيير، إضافة إلى بحث سبل التشبيك والتعاون الإقليمي، ووضع تصورات للخطوات المقبلة وآليات المتابعة.

ويُنتظر أن تفضي أعمال الورشة إلى توصيات عملية تعزز مسار إصلاح قوانين الأسرة في الدول العربية، وتسهم في بناء تشريعات أكثر عدلاً وإنصافاً، تعكس التحولات المجتمعية، وتحمي كرامة الإنسان، وتدعم استقرار الأسرة باعتبارها ركيزة أساسية للتنمية المستدامة.