حقوقيات مغربيات يطالبن بتشريعات تضمن المساواة وتحمي النساء من العنف

حقوقيات مغربيات يطالبن بتشريعات تضمن المساواة وتحمي النساء من العنف
ندوة مغربية تدعو لحماية النساء من العنف

أكدت ناشطات وحقوقيات مغربيات أنّ المجتمع ما يزال يعيش تحت وطأة بنية ثقافية ذكورية عميقة، تجعل النساء في مرتبة دنيا وتطبع العنف باعتباره أمراً عادياً، وهو ما ينعكس مباشرة على القوانين والتشريعات التي تستمر في إنتاج التمييز ضد النساء والفتيات. 

وجاءت هذه الخلاصات على هامش فعاليات الأيام الأممية لمناهضة العنف ضد النساء واليوم العالمي لحقوق الإنسان، حيث نظم مركز التعليم الدامج والمسؤولية الاجتماعية بشراكة مع فيدرالية رابطة حقوق النساء بجهة مراكش، مائدة مستديرة تحت عنوان "تشريعات ضامنة للمساواة أساس لحماية النساء من العنف"، بحسب ما ذكرت وكالة أنباء المرأة، اليوم الأربعاء.

وتناولت المشاركات في النقاش واقع العنف ضد النساء داخل المغرب، منتقدات عدم ملاءمة القوانين الوطنية مع الالتزامات الدولية التي صادق عليها المغرب، ومنها اتفاقية "سيداو" والدستور المغربي نفسه. 

واعتبرت الناشطات أنّ الخلل لا يكمن في النصوص فقط، بل أيضاً في التطبيق العملي لمقتضيات مدونة الأسرة التي ما تزال تشهد ثغرات واسعة تسمح باستمرار مظاهر العنف والتمييز.

مطالب بحماية النساء 

طالبت المتحدثات بضرورة الإسراع في توفير مراكز إيواء آمنة للناجيات من العنف، مؤكدات أن نساءً كثيرات لا يجدن حماية حقيقية ولا شبكة دعم اجتماعي قادرة على إنقاذهن. 

وأشارت المشاركات إلى أنّ العنف لا يقتصر على الاعتداء الجسدي فقط، بل يشمل أيضاً العنف القانوني، حيث ما يزال الاغتصاب الزوجي غير مجرّم، ما يجعل النساء في وضع هشّ داخل مؤسسة الزواج.

وأبرزت المتحدثات أنّ بعض الممارسات، مثل زواج القاصرات، يعيد إنتاج حلقات العنف ويضع الفتيات في مسار ينتهي غالباً بالطلاق المبكر أو الاستغلال، مشددات على أنّ التمكين الاقتصادي للنساء يمثل بوابة ضرورية للحد من التبعية وتعزيز حرية الاختيار.

عرض الإحصاءات الرسمية

ذكرت منسقة محور النوع الاجتماعي فاطمة الزهراء إفلاحن أن 82.6% من النساء المغربيات بين 15 و84 سنة تعرضن لشكل واحد على الأقل من أشكال العنف، في حين يرى 63.3% من النساء عام 2024 أنّ المساواة بين الجنسين غير متحققة، وهو تصور يزداد رسوخاً في أوساط الشباب الذكور. 

واعتبرت إفلاحن أنّ هذه الأرقام تشير إلى مستقبل مقلق، إذ إن استمرار هذه القناعات سيقود إما إلى اليأس من تحقيق المساواة أو إلى ازدياد موجات العنف.

وبيّنت إفلاحن أنّ ما يقارب نصف النساء يتعرض لعنف نفسي، في حين يتعرض 17% لعنف قانوني، مشيرةً إلى أنّ 52% من جرائم قتل النساء تُرتكب من طرف شركاء حميمين، وهو ما يعرف بـ"الفيمينسايد". كما أوضحت أن أقل من 10% فقط من النساء يلجأن للشرطة، ما يعني وجود فجوة كبيرة بين الواقع وما يجري التصريح به.

صعود العنف الرقمي

تطرقت المتحدثة أيضاً إلى ظاهرة العنف الرقمي التي تفاقمت بشكل لافت، معتبرة أن العوامل الاجتماعية والثقافية، مثل الفقر والزواج المبكر والعنف المدرسي، تؤدي إلى انسحاب الفتيات من التعليم وتعميق فجوة عدم المساواة، لافتةً إلى أن مراكش تسجل أعلى نسبة في زواج القاصرات.

وأرجعت نائبة رئيسة فيدرالية رابطة حقوق النساء، زهرة صديق، انتشار العنف إلى ثقافة ذكورية مترسخة، مؤكدة أن مكافحته تتطلب عملاً متواصلاً على ثلاثة مستويات: الوعي والثقافة، القوانين والتشريعات، والسياسات العمومية. 

وشددت على أن التحولات الاقتصادية والسياسية على المستوى الدولي تلقي بظلالها على حقوق النساء في المغرب.

الدعوة لإصلاح شامل

أشارت صديق إلى أن مدونة الأسرة ما زالت تراوح مكانها رغم انتهاء اللجنة المكلفة من مراجعتها، كما انتقدت التراجعات المرتبطة بالمسطرة الجنائية الجديدة، وتعطيل مخرجات لجنة الإجهاض، معتبرة أن الكثير من القوانين ما تزال غير منسجمة مع دستور 2011 الذي ينص صراحة على المساواة.

وختمت صديق بتأكيد أن المغرب ملزم دولياً بتنفيذ الاتفاقيات التي صادق عليها، وفي مقدمتها "سيداو"، داعية إلى مواءمة كل التشريعات الوطنية مع مقتضيات الدستور والاتفاقيات الدولية وإدماج مقاربة النوع الاجتماعي في السياسات العمومية لحماية النساء والنهوض بأوضاعهن.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية