وسط إضرابات الأطباء.. مخاوف بريطانية من انهيار النظام الصحي للبلاد

وسط إضرابات الأطباء.. مخاوف بريطانية من انهيار النظام الصحي للبلاد
تفشي الإنفلونزا - أرشيف

حذّر وزير الصحة البريطاني، ويس ستريتينج، من أن تزامن إضرابات الأطباء المقيمين مع الارتفاع الحاد في حالات الإصابة بالإنفلونزا خلال فترة عيد الميلاد قد يشكّل «العامل الحاسم» الذي يدفع هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS) إلى حافة الانهيار، في أخطر اختبار يواجه المنظومة الصحية منذ جائحة كوفيد-19، وفق ما نقلته صحيفة الإندبندنت البريطانية، السبت.

وقال ستريتينج، إن هيئة الخدمات الصحية الوطنية تواجه ضغوطاً استثنائية لم تشهدها منذ سنوات، داعياً الأطباء المقيمين إلى قبول العرض الحكومي الجديد ووقف الإضراب المقرر خلال الأيام المقبلة، محذراً من تداعيات خطيرة على المرضى والخدمات الطبية في حال استمرار التصعيد.

وأضاف: «يعمل فريق هيئة الخدمات الصحية الوطنية بأكمله على مدار الساعة لضمان استمرار تقديم الخدمات، لكن الوضع بالغ الخطورة، قد تكون إضرابات عيد الميلاد هي العامل الحاسم الذي يؤدي إلى انهيار الهيئة. لذلك أناشد الأطباء المقيمين مباشرةً قبول عرض الحكومة».

ارتفاع حالات الإنفلونزا

تأتي هذه التحذيرات في وقت أظهرت فيه بيانات رسمية صادرة عن هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS) يوم الخميس أن حالات الإنفلونزا في المستشفيات بلغت مستوى قياسياً بالنسبة لهذا الوقت من العام. 

وأوضحت الإحصاءات أن عدد المرضى المنوّمين بسبب الإنفلونزا قفز بنسبة 55% خلال أسبوع واحد فقط، ليصل إلى متوسط 2660 مريضاً يومياً في المستشفيات خلال الأسبوع الماضي.

وتشير التقديرات إلى أن هذا الارتفاع السريع يشكّل ضغطاً هائلاً على أقسام الطوارئ والعناية المركزة، في ظل معاناة المستشفيات أصلاً من نقص الكوادر، وطول فترات الانتظار، وتراكم الحالات المؤجلة.

إضرابات الأطباء 

في موازاة ذلك، يعتزم الأطباء المقيمون تنفيذ إضراب يمتد من 17 إلى 22 ديسمبر، وهي فترة تُعد من أكثر الفترات حساسية للقطاع الصحي بسبب زيادة الإصابات الموسمية. 

ويأتي هذا التحرك الاحتجاجي رغم تصويت أعضاء نقابة الجمعية الطبية البريطانية (BMA) حالياً على عرض حكومي جديد قد يفضي إلى تعليق الإضراب في حال الموافقة عليه.

ويرى مراقبون أن الجمع بين الإضرابات وذروة انتشار الإنفلونزا يضع النظام الصحي أمام معادلة شديدة التعقيد، قد تنعكس مباشرة على قدرة المستشفيات على التعامل مع الحالات الحرجة والطارئة.

تحذيرات من تضاعف المرضى

وفي مقال نشره في صحيفة التايمز، حذّر ستريتينج من أن عدد المرضى المصابين بالإنفلونزا في مستشفيات إنجلترا قد يتضاعف ثلاث مرات بحلول ذروة التفشي، واصفاً المشاهد داخل بعض المستشفيات بأنها «غير مبررة» ولا يمكن القبول باستمرارها.

وفي المقابل، حاول مسؤولون في هيئة الخدمات الصحية الوطنية تقديم صورة أكثر توازناً. إذ قال الدكتور كريس ستريثر، المدير الطبي الإقليمي في هيئة الخدمات الصحية الوطنية في إنجلترا، إن تأثير الارتفاع في حالات دخول المستشفيات بسبب الإنفلونزا «سيئ للغاية»، لكنه شدد على أنه لا يُقارن بحجم وتأثير جائحة كوفيد-19.

وعندما سُئل عمّا إذا كان الحديث عن انهيار هيئة الخدمات الصحية الوطنية مبالغاً فيه، قال ستريثر في تصريحات لبرنامج «توداي» على إذاعة بي بي سي 4: «هيئة الخدمات الصحية الوطنية قادرة على التعامل مع الوضع حالياً، لكن معدلات الإصابة بالإنفلونزا لا تزال في ازدياد، وهو ما يفرض ضغوطاً متصاعدة».

وأوضح أن نحو 2500 مريض أُدخلوا إلى مستشفيات إنجلترا بسبب الإنفلونزا، بزيادة 55% مقارنة بالأسبوع السابق، وهو ما يعادل –بحسب وصفه– «امتلاء ثلاثة مستشفيات كبيرة بالكامل بمرضى الإنفلونزا».

مخاوف على أعتاب الشتاء

تثير هذه الأرقام مخاوف واسعة في الأوساط الصحية والسياسية، لا سيما مع دخول فصل الشتاء الذي يشهد تقليدياً ارتفاعاً في أمراض الجهاز التنفسي، وتزايد الطلب على خدمات الطوارئ. 

وتعيد الأزمة إلى الواجهة النقاش المستمر حول تمويل هيئة الخدمات الصحية الوطنية، وظروف عمل الكوادر الطبية، وقدرة النظام الصحي على الصمود أمام الأزمات المتزامنة.

وفي ظل هذه المعطيات، تبدو الأيام القليلة المقبلة حاسمة، سواء على صعيد قرار الأطباء المقيمين بشأن الإضراب، أو على مستوى قدرة المستشفيات البريطانية على استيعاب موجة الإنفلونزا المتصاعدة دون الدخول في مرحلة شلل فعلي للخدمات الصحية.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية