بدء محاكمة عاملين بجمعية "أرض اللجوء" في تونس وسط انتقادات حقوقية
بدء محاكمة عاملين بجمعية "أرض اللجوء" في تونس وسط انتقادات حقوقية
بدأت محكمة تونسية في العاصمة، اليوم الاثنين، محاكمة عدد من المسؤولين والعاملين في الفرع التونسي للجمعية الفرنسية «أرض اللجوء»، على خلفية اتهامات بتسهيل الهجرة غير النظامية، في قضية أثارت جدلاً واسعاً وانتقادات حقوقية حادة، وسط تحذيرات من تصعيد رسمي يستهدف منظمات المجتمع المدني العاملة في ملف الهجرة واللجوء.
ومثُل أمام القضاء ستة عاملين في المجال الإنساني من جمعية «أرض اللجوء – تونس»، من بينهم المديرة السابقة للجمعية شريفة الرياحي، والمسؤول محمد جوعو، إلى جانب موظفين في بلدية سوسة شرقي البلاد، بحسب ما ذكرت وكالة "فرانس برس".
ووُجّهت إليهم تهم من أبرزها «تسهيل دخول وإقامة مهاجرين بشكل غير قانوني» داخل الأراضي التونسية، إضافة إلى تهمة «التآمر بهدف إيواء أو إخفاء أشخاص دخلوا البلاد خلسة»، وهي اتهامات قد تصل عقوبتها إلى السجن عشر سنوات.
توقيف ومطالب بالإفراج
أوضح محامي شريفة الرياحي، عبد الله بن مفتاح، أن موكلته وجوعو موقوفان منذ أكثر من 19 شهراً، إلى جانب عضوين آخرين من الجمعية وموظفين من بلدية سوسة، مؤكداً أن التوقيف المطوّل يفتقر إلى مبررات قانونية واضحة.
وطالب محامو الدفاع، في مستهل الجلسة، بالإفراج الفوري عن المتهمين، معتبرين أن استمرار احتجازهم يمثل انتهاكاً لحقوقهم الأساسية.
وشدد بن مفتاح على أن جميع الأنشطة التي قامت بها الرياحي أُنجزت في إطار مشاريع معتمدة رسمياً من الدولة التونسية، وبـ«تنسيق مباشر» مع مؤسسات حكومية، مذكّراً بأن حماية ومساعدة المهاجرين وطالبي اللجوء منصوص عليها في الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها تونس.
انتقادات حقوقية للمحاكمة
نددت منظمة العفو الدولية بالمحاكمة، ووصفتها بأنها جزء من «حملة تجريم متواصلة تستهدف المجتمع المدني»، داعية السلطات التونسية إلى «وضع حد لهذا الظلم» وضمان الإفراج عن العاملين المحتجزين تعسفياً.
وقالت نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المنظمة، سارة حشاش، إن الملاحقات القضائية تطول أشخاصاً «لمجرّد ممارستهم عملاً إنسانياً مشروعاً لتقديم المساعدة والحماية للاجئين والمهاجرين».
واعتبر رمضان بن عمر، من المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، أن محاكمة مسؤولي الجمعية تتناقض مع مشاركتهم السابقة في اجتماعات رسمية داخل وزارات تونسية بطلب من الدولة نفسها لمعالجة ملفات الهجرة، متهماً السلطات بـ«التضحية بهم كأكباش فداء» في سياق خطاب رسمي متشدد تجاه المهاجرين.
توترات مرتبطة بملف الهجرة
تأتي هذه القضية في ظل تصاعد التوترات المرتبطة بملف الهجرة في تونس، التي تُعد نقطة عبور رئيسية لآلاف المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء الساعين للوصول إلى أوروبا بطرق غير نظامية.
وتفاقمت الأوضاع منذ تصريحات الرئيس قيس سعيّد في فبراير 2023 حول «جحافل» المهاجرين، والتي أعقبها، بحسب منظمات غير حكومية، ترحيل قسري وعمليات نقل لمهاجرين إلى مناطق حدودية خطرة، ما أسفر عن سقوط عشرات الضحايا، في مشهد يضع العمل الإنساني في مواجهة مباشرة مع سياسات أمنية متشددة.











