إعدام خارج القانون يهز اليمن.. جريمة عرفية تشعل مخاوف من عودة الثأر القبلي
إعدام خارج القانون يهز اليمن.. جريمة عرفية تشعل مخاوف من عودة الثأر القبلي
هزّت حادثة إعدام الشاب أمين ناصر باحاج في مديرية حبان بمحافظة شبوة، جنوب شرق اليمن، الضمير المجتمعي والحقوقي، بعدما أقدم مسلحون قبليون على تصفيته رمياً بالرصاص في إجراء عرفي خارج إطار القانون، عقب ساعات من تورطه في مقتل الشاب باسل البابكري على خلفية خلاف شخصي.
الحادثة، التي وثّقها مقطع فيديو متداول على نطاق واسع، أعادت إلى الواجهة مخاوف عميقة من تفكك منظومة العدالة، وتصاعد منطق الثأر في ظل ضعف مؤسسات إنفاذ القانون، بحسب ما ذكر موقع “عدن نيوز”، اليوم الثلاثاء.
وكشفت تفاصيل الواقعة أن أسرة الشاب أمين باحاج سلّمته طوعاً إلى أسرة القتيل تفادياً لدوامة الثأر، في مشهد صادم جرى تداوله على أنه “حلّ عرفي”، حيث قيل خلال التسليم: “هذا ابنكم وهذا ابننا، تعدمونه أو تسجنونه كما شئتم”.
وبعدها، أقدم أولياء الدم على تكبيل الشاب وإطلاق النار عليه من أسلحة رشاشة، بينما كان يصرخ مستنجداً: “أنا مظلوم”.. هذا المشهد، الذي وثّقته كاميرات الهواتف، فجّر موجة غضب واستنكار واسعة في الأوساط الحقوقية والمجتمعية.
ردود فعل غاضبة
أثار انتشار الفيديو ردود فعل غاضبة، إذ اعتبر ناشطون وحقوقيون ما جرى انتهاكاً صارخاً لحق الحياة، وخرقاً فادحاً لمبادئ الشريعة والقانون، مؤكدين أن تسليم المتهمين أو معاقبتهم خارج القضاء لا يمكن تبريره تحت أي ذريعة اجتماعية أو قبلية.
وشدد أبناء ووجهاء من شبوة على أن هذه الجريمة لا تمثل قبائل المحافظة ولا قيمها، مؤكدين أن شبوة عُرفت تاريخياً بالكرم والنخوة واحترام الأعراف التي تصون الدماء ولا تبيحها.
ومن جانبها، أعلنت شرطة محافظة شبوة تحريك قواتها لتطويق موقع الحادثة، لكنها واجهت عدم تعاون من بعض الأطراف بذريعة “إطفاء الفتنة”.
وأكدت الشرطة فتح تحقيق كامل في الجريمة، والتعهد باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق جميع المتورطين، مشددة على أن حماية هيبة الدولة ومنع تكرار مثل هذه الانتهاكات أولوية لا تهاون فيها.
تهديد لسيادة القانون
في سياق متصل، أدان المركز الأمريكي للعدالة الجريمة، واعتبرها تهديداً مباشراً لسيادة القانون، محذراً من مخاطر تصاعد الثأر القبلي في ظل ضعف مؤسسات العدالة.
ودعا المركز النيابة العامة إلى التحقيق في جريمتي القتل معاً، ومحاسبة كل من شارك أو حرّض أو تواطأ، بما يضمن عدم الإفلات من العقاب، ويعيد الاعتبار للقضاء كمرجعية وحيدة للعدالة.
هذه الحادثة المؤلمة لا تكشف فقط مأساة فردية، بل تفضح أزمة أعمق يعيشها المجتمع في مناطق تتراجع فيها سلطة الدولة، ويُستبدل فيها القانون بمنطق السلاح والعُرف القسري.
ومع تصاعد الدعوات الحقوقية والشعبية، يبقى الرهان معقوداً على تحرك قضائي جاد يعيد الثقة بالعدالة، ويضع حداً لنزيف الدم الذي يهدد السلم الأهلي ومستقبل التعايش في اليمن.











