هرباً من التجنيد.. رفع حظر السفر يشعل موجة هجرة شبابية من أوكرانيا
هرباً من التجنيد.. رفع حظر السفر يشعل موجة هجرة شبابية من أوكرانيا
كشفت صحيفة «بايس» الإسبانية أن قرار الحكومة الأوكرانية رفع حظر السفر عن فئة من الشباب أسفر عن تداعيات غير متوقعة، تمثلت في موجة نزوح جماعي لشبان يسعون إلى تفادي التجنيد الإجباري في الجيش، في وقت تخوض فيه البلاد حرباً طويلة تستنزف قدراتها البشرية والعسكرية.
وأوضحت الصحيفة، في تقرير لها، اليوم الاثنين، أن النتيجة الفعلية للقرار لم تكن تخفيف الضغط الاجتماعي أو منح الشباب متنفساً مؤقتاً، بل أدت عملياً إلى هروب أعداد كبيرة من الرجال في سن التجنيد الذين استغلوا الفرصة القانونية لمغادرة البلاد قبل أن تطولهم إجراءات الاستدعاء الإجباري للخدمة العسكرية.
وأشارت «بايس» إلى أن ألمانيا تحولت إلى الوجهة المفضلة للشباب الأوكراني الفارين من التجنيد، بفضل حزمة المساعدات الاجتماعية والسكنية السخية التي تقدمها برلين للاجئين.
ولفت التقرير إلى أن عدد الرجال الأوكرانيين المسجلين في ألمانيا تضاعف عشر مرات منذ أغسطس الماضي، في مؤشر واضح على حجم التدفق الجديد الذي لم يكن متوقعاً بهذا الشكل.
وحلّت بولندا والتشيك في المرتبتين الثانية والثالثة من حيث الشعبية بين اللاجئين الأوكرانيين، مستفيدتين من القرب الجغرافي وسهولة الانتقال وشبكات الدعم القائمة منذ اندلاع الحرب في فبراير 2022.
ضغوط أوروبية متزايدة
نقلت الصحيفة عن مصادر دبلوماسية أن ألمانيا وبولندا والتشيك، وهي الدول الثلاث التي استقبلت أكبر عدد من المواطنين الأوكرانيين منذ بدء الحرب، مارست ضغوطاً متزايدة على كييف خلال خريف هذا العام للحد من تدفق اللاجئين.
أوضحت المصادر أن هذه الدول، رغم اختلاف مبرراتها الرسمية، أرسلت رسالة موحدة للحكومة الأوكرانية مفادها أن الوضع بات يقترب من نقطة حرجة، سواء على مستوى أنظمة الاستقبال أو القدرة على الاستيعاب الاجتماعي والاقتصادي.
عكست هذه الضغوط مخاوف أوروبية من استمرار موجات الهجرة، وما قد تسببه من توترات داخلية في ظل تصاعد النقاشات حول الهجرة واللجوء في عدد من الدول الأوروبية.
خلفية القرار الأوكراني
أصدرت الحكومة الأوكرانية في نهاية أغسطس الماضي قراراً يسمح للرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و22 عاماً بمغادرة البلاد، بعد أن كان حظر السفر يشمل جميع الرجال من 18 إلى 60 عاماً طوال فترة الأحكام العرفية المفروضة منذ اندلاع الحرب.
سعت كييف من خلال هذا القرار إلى تحقيق توازن بين متطلبات الحرب والضغوط الاجتماعية والاقتصادية، إلا أن نتائجه الميدانية كشفت عن تحديات أعمق تتعلق برغبة شريحة واسعة من الشباب في تجنب الخدمة العسكرية.
يواجه المتهربون من التجنيد في أوكرانيا عقوبات جنائية صارمة قد تصل إلى السجن لمدة خمس سنوات، ما يجعل مغادرة البلاد خياراً جذاباً لكثيرين قبل الوقوع تحت طائلة القانون.
تحذيرات ديمغرافية
حذّر فاسيلي فوسكوبوينيك، رئيس مكتب سياسة الهجرة الأوكراني، من أن نحو 90 في المئة من الشباب الذين غادروا البلاد يُرجّح ألا يعودوا، في إشارة إلى مخاطر ديمغرافية طويلة الأمد.
ونبّه المسؤول إلى أن استمرار هذا النزيف البشري قد يفاقم التحديات التي تواجهها أوكرانيا مستقبلاً، سواء على صعيد القدرة العسكرية أو إعادة الإعمار والتنمية، في بلد يعاني أصلاً من تراجع سكاني حاد منذ سنوات.











