بين الركام والدمار.. جهود فلسطينية لإنقاذ مخطوطات غزة التاريخية من تحت الأنقاض

بين الركام والدمار.. جهود فلسطينية لإنقاذ مخطوطات غزة التاريخية من تحت الأنقاض
المهندسة حنين العصمي، مديرة فريق إنقاذ دائرة المخطوطات

تواصل فرق إنقاذ المخطوطات في غزة جهودها لاستخراج ما تبقى من ذاكرة المدينة وحضارتها، وسط دمار واسع خلّفته الحرب الإسرائيلية.. المخطوطات التي نجت من القصف ليست مجرد أوراق عابرة، بل ميراثاً ثقافياً وتاريخياً يشكل رابطًا حيًا بين الماضي والحاضر، ويختزن علومًا وأدبًا وشعرًا وتوثيقًا لحضارة غزة عبر العصور.

وأوضحت المهندسة حنين العصمي، مديرة فريق إنقاذ دائرة المخطوطات في "قبة دار السعادة التاريخية"، أن المكان تعرض لهجمات متعددة، أولها منتصف عام 2024، تلاها ضربة جوية بعد شهرين، ثم نسف ما تبقى في آخر هجوم، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا"، اليوم الخميس. 

وأضافت العصمي أن البلدة القديمة برمتها تعرّضت لقصف إسرائيلي ممنهج، مستهدفة الأبنية الأثرية بشكل متكرر لمسح ملامح المدينة التاريخية.

ولفتت إلى أن الهجمات لم تقتصر على المباني فحسب، بل طالت أرشيف دائرة المخطوطات الذي يضم آلاف الكتب والمخطوطات التي تعود للعصر المملوكي والفترات العثمانية اللاحقة.

تاريخ دائرة المخطوطات

ذكرت العصمي أن الدائرة كانت تحتوي على 228 مخطوطًا كاملًا و78 مخطوطًا متفرقة تسمى "الدشت"، بالإضافة إلى سجلات عثمانية وأوراق الأوقاف. 

وبعد الحرب، تم إنقاذ 147 مخطوطًا كاملًا، لكنها تعرضت لأضرار بالغة، بينما فُقد الباقون تحت الركام، ونجت 35 ورقة فقط من المخطوطات المتفرقة، ولم يتم العثور على أي سجلات عثمانية.

وأوضحت أن المخطوطات تشمل شتى العلوم، من الفلك والأدب والشعر، إلى الفقه والخطب، كتبها علماء من غزة، مشيرة إلى أن بعض المخطوطات تمت استعادتها بمساعدة نحاتين بعد توقيع اتفاقية الهدنة الأولية.

محاولة إنقاذ ما تبقى

أشارت العصمي إلى أن عمليات التنقيب مستمرة، وسط تحديات هائلة بسبب الدمار المباشر الناتج عن الطائرات الحربية وقذائف المدفعية. 

التلف طال المخطوطات بشكل متنوع، من شظايا عالقة وعفن، نتيجة بقائها بين الركام مدة تصل إلى 700 يوم، وتعرضها لمياه الأمطار.

وأكدت مديرة فريق إنقاذ دائرة المخطوطات أن الفريق يعمل بالوسائل البدائية فقط، حيث يقومون بالحفر اليدوي لاستخراج المخطوطات واحدة تلو الأخرى، 

وأوضحت: "أشعر أن هذه الأوراق قطعة من قلبي وليست مجرد أوراق قديمة"، وأضافت أن كل ما يمكن فعله حاليًا هو إسعاف عاجل، بسبب نقص الأدوات وغياب الدعم الدولي.

حماية التراث والآثار

أشارت العصمي إلى أن الحجرات والمباني الأثرية التي دُمّرت يتم جمع الحجارة والأجزاء المتبقية منها لحفظها من الضياع أو السرقة، إلا أن غياب الأدوات والتمويل يجعل عملية الترميم شبه مستحيلة. 

وذكرت أن الاستخراج يتم بشكل متقطع، فقد يتم العثور على ثلاث مخطوطات في الأسبوع، وأحيانًا مخطوطة واحدة خلال شهر كامل، دون تدخل مؤسسات دولية أو متابعة لانتهاكات "الإبادة التراثية".

واختتمت العصمي حديثها بالتأكيد على أن هذه المخطوطات تمثل تاريخ غزة ومجدها، وميراث أجدادها وعلمائها، وأن الحفاظ عليها واجب لتصل إلى الأجيال القادمة، لتروي قصة حضارة ومجهودات علمية وثقافية غنية أسهم فيها أهل غزة عبر القرون.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية