خطوة نحو إنهاء ملف النزوح.. عودة 834 عراقياً من مخيم الهول
خطوة نحو إنهاء ملف النزوح.. عودة 834 عراقياً من مخيم الهول
أخرجت إدارة مخيم الهول في ريف الحسكة الجنوبي، اليوم الاثنين، 230 عائلة عراقية يبلغ عدد أفرادها 834 شخصا، في إطار عملية ترحيل منظمة تهدف إلى إعادتهم إلى مناطقهم الأصلية داخل العراق، وجرت العملية عبر معبر سيمالكا الحدودي الفاصل بين سوريا والعراق، ضمن تنسيق مشترك ومستمر بين الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، واللجنة الأمنية، ولجنة الهجرة والمهجرين التابعة لمجلس النواب العراقي.
خطوة ضمن العودة الطوعية
تأتي هذه العملية في سياق برنامج العودة الطوعية للاجئين العراقيين المقيمين في مخيم الهول، والذي يعد أحد أكثر المخيمات تعقيدا من الناحية الإنسانية والأمنية، وتهدف هذه الخطوات إلى تقليص أعداد القاطنين في المخيم، وإيجاد حلول دائمة لملف اللاجئين، عبر إعادتهم إلى بلدانهم الأصلية وفق ترتيبات تضمن الحد الأدنى من الأمان والاستقرار، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.
بحسب مصادر إدارية، جرت عملية الإخراج بعد استكمال الإجراءات اللازمة بالتعاون مع الجهات العراقية المعنية، حيث شمل التنسيق الجوانب الأمنية والإدارية واللوجستية، لضمان انتقال العائلات بشكل منظم، وتؤكد الإدارة الذاتية أن هذه العمليات تتم بناء على رغبة العائلات نفسها في العودة، وبعد الحصول على موافقات رسمية من الجانب العراقي.
بين العبء الإنساني والتحدي الأمني
يعد مخيم الهول من أكبر المخيمات في شمال وشرق سوريا، ويضم عشرات الآلاف من النازحين واللاجئين، بينهم عراقيون وسوريون، إضافة إلى عائلات من جنسيات أخرى، ويعاني المخيم منذ سنوات من أوضاع إنسانية صعبة، تشمل نقص الخدمات، وارتفاع معدلات العنف، وانتشار الفكر المتطرف داخل بعض أقسامه، ما جعله يشكل تحديا مستمرا للجهات المشرفة عليه.
لم تكن هذه العملية الأولى من نوعها، إذ سبق للمرصد السوري لحقوق الإنسان أن رصد في 28 نوفمبر إخراج 260 عائلة عراقية من قسم المبيت في مخيم الهول، تمهيدا لترحيلها إلى الأراضي العراقية في 30 من الشهر نفسه، وتعكس هذه الدفعات المتتالية وجود خطة مرحلية لإعادة أكبر عدد ممكن من اللاجئين العراقيين، بالتنسيق مع السلطات في بغداد.
معاناة طويلة داخل المخيم
عاشت العائلات العراقية -التي عادت اليوم- سنوات طويلة داخل مخيم الهول، في ظروف وُصفت بالقاسية، حيث واجهت نقصا في فرص العمل، وضعفا في الخدمات الصحية والتعليمية، إضافة إلى مخاطر أمنية متكررة. وتُعلق كثير من هذه العائلات آمالها على العودة إلى مناطقها الأصلية لإعادة بناء حياتها، رغم التحديات الاقتصادية والأمنية التي لا تزال قائمة داخل العراق.
ورغم الترحيب بعمليات العودة، يحذر مراقبون من أن نجاحها لا يقتصر على عملية الترحيل بحد ذاتها، بل يتطلب برامج متكاملة لإعادة الإدماج داخل المجتمع العراقي، وتشمل هذه البرامج توفير السكن، وفرص العمل، والدعم النفسي والاجتماعي، خاصة للأطفال الذين نشؤوا في بيئة المخيم لسنوات طويلة، وتأثروا بعنفه وظروفه القاسية.
موقف الإدارة الذاتية
تؤكد الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا أن استمرار وجود آلاف اللاجئين الأجانب والعراقيين في مخيم الهول يشكل عبئا كبيرا على قدراتها الإدارية والإنسانية، وتشدد على أن الحل الجذري يتمثل في تحمل كل دولة مسؤولية مواطنيها، وإعادتهم وفق آليات قانونية وإنسانية واضحة، بما يسهم في إغلاق هذا الملف الشائك تدريجيا.
من جهته، يواصل العراق استقبال دفعات من مواطنيه العائدين من مخيم الهول، عبر لجان حكومية مختصة، تعمل على نقلهم إلى مراكز استقبال مؤقتة داخل الأراضي العراقية، وتهدف هذه اللجان إلى التحقق من الأوضاع القانونية والأمنية للعائدين، قبل دمجهم في مجتمعاتهم الأصلية، وسط مطالبات حقوقية بضمان عدم تعرضهم لانتهاكات أو تمييز.
أطفال بين النزوح والمستقبل المجهول
تشكل فئة الأطفال النسبة الأكبر من العائدين في مثل هذه العمليات، وهم الأكثر تأثرا بسنوات العيش داخل المخيم، ويؤكد مختصون أن هؤلاء الأطفال بحاجة ماسة إلى برامج تعليمية وتأهيلية خاصة، لتعويض ما فاتهم، وحمايتهم من مخاطر الانزلاق نحو العنف أو التطرف في المستقبل.
أنشئ مخيم الهول في الأصل لاستقبال اللاجئين العراقيين، قبل أن يتوسع بشكل كبير خلال سنوات النزاع السوري، ليضم لاحقا نازحين سوريين وعائلات مرتبطة بتنظيمات متطرفة، ويقع المخيم في ريف الحسكة الجنوبي، ويخضع لإدارة الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، وعلى مدار السنوات الماضية، شكل المخيم محور انتقادات دولية بسبب أوضاعه الإنسانية والأمنية، ما دفع الإدارة الذاتية إلى الدعوة المتكررة لإيجاد حلول دولية، أبرزها إعادة اللاجئين الأجانب والعراقيين إلى بلدانهم الأصلية، وتعد عمليات الترحيل الحالية جزءا من هذه الجهود الرامية إلى تخفيف الضغط الإنساني والأمني، وفتح صفحة جديدة أمام العائلات العائدة بعد سنوات من النزوح والمعاناة.











