خبير مناخ: الأمن الغذائي العالمي في خطر بسبب تغيرات الطقس الحادة
خبير مناخ: الأمن الغذائي العالمي في خطر بسبب تغيرات الطقس الحادة
مدير مركز التغيرات المناخية، بوزارة الزراعة لـ“جسور بوست”:
لا يوجد مكان على سطح الأرض لن يتعرض لتغيرات المناخ
التغيرات المناخية لها تأثيرات خطيرة جدًا على الأمن الغذائي
أزمة التغيرات المناخية تفوق في تأثيراتها 100 ضعف أي أزمة سياسية
قال مدير مركز التغيرات المناخية، بوزارة الزراعة، ومستشار وزير الزراعة المصري، محمد فهيم، إن تغيرات الطقس والمناخ الحادة لها تأثيرات خطيرة جدًا على الأمن الغذائي أكبر بكثير من الزراعة، حيث إن ملف الأمن الغذائي بعد الأزمات المتلاحقة التي يتعرض لها العالم، جزء من الأمن القومي للبلاد مثله مثل الأمن العسكري والمائي.
وأوضح “فهيم” في تصريحات خاصة لـ"جسور بوست": أنه تبعا لذلك عندما أثرت التغيرات المناخية على المحاصيل كان الاهتمام بظاهرة التغيرات المناخية كبيرا، حيث ظلت المشكلة فترة حبيسة المنتديات العلمية والحوارات الثقافية والإعلامية، ولم تأخذ طريقها للتعامل كأزمة مستمرة ومتجددة، العالم أحيانًا قد يقف على قدم وساق في حالة حدوث أزمة سياسية في أي بلد وآخرها حرب روسيا-وأوكرانيا، لكن تلك الحروب والأزمات مؤقتة.
وأكد أن أزمة التغيرات المناخية تأثيراتها 100 ضعف أي أزمة سياسية مهما كبر حجمها، لأنها مستمرة وتزداد مع مرور الوقت، ففي الوقت الذي نتحدث فيه تتعرض أوروبا لأقصى موجة حارة في تاريخ أوروبا، في صورة موجات حارة متلاحقة أدت إلى حرائق غابات مما اضطرها إلى إعادة النظر مرة أخرى في طريقة معيشة شعبها".
وتابع: "ما معنى أن يزرع المزارع أرضه ثم يأتي وقت الحصاد فلا يجد ما يأمله من ثمار، ما دلالة ذلك، كمثال المانجو محصول متوطن في مصر، يحدث أن أشجار المانجو تخلو من الثمار، العلماء تعجبوا وبمراجعة البيانات التي تقم قياسها وتسجيلها فعليًا عن طريق محطات الأرصاد، لم يجدوا مظاهر كبيرة تستدعي رد الفعل العنف من النبات، رد فعل المانجو والزيتون وغيرها من المزروعات بعدم إنتاجها عنيف".
وحول متى يشعر المواطن البسيط بأزمة تغيرات المناخ، يقول مستشار وزارة الزراعة المصرية عندما لا يجد سلعا في الأسواق وأسعار السلع ارتفعت بزيادة غير مفهومة، لماذا ترتفع أسعار الطماطم لتصل إلى ما يعادل دولارًا للكيلو الواحد، حدث ذلك لأن فصل الشتاء كان باردًا جدًا أكثر من المعتاد، طويلا امتد حتى أتى الربيع، ما تسبب في إنتاج قليل وحدث ما حدث، هذا السيناريو يرشح تكراره لمحاصيل أكثر أهمية كالمحاصيل الإستراتيجية التي نعاني من محدودية مواردها، نستورد قمحا وفول صويا وغيرها، هذا لا يحدث لأننا لا نستطيع زراعتها، ولكن موقع مصر الجغرافي لا يؤهلها لأن تكون دولة منتجة للغذاء، الأمطار التي تسقط في مصر لا يقام عليها زراعة اقتصادية مثل أي دولة اقتصادية، كذلك محدودية المياه رغم توافر مساحة شاسعة من الأراضي، وإلا كانت مصر رقم واحد في الزراعة، نحن نزرع في الصخر وقوالب الملح، ورغم ذلك لدينا اكتفاء ذاتي لأكثر من 90% من السلع وليس الإنتاج الزراعي".
وعن أسباب وجود الفيضانات والسيول في الإمارات في منتصف الصيف، وهو وقت غير معهود بهطولها فيه، أرجع أن السبب يعود لتغيرات المناخ وتزحزح حزامات الأمطار إلى مسافات أبعد بكثير من قراءة النماذج، التغير المناخي هنا يعني أن المرتفعات والمنخفضات الجوية التي تشكل مناخات المناطق نفسها تغير مواعيد تكونها ومواعيد اضمحلالها، فالعالم كله معرض لتلك المشاكل، وما يحدث في أوروبا الآن من مناخ حار غير معهود بسبب التغيرات المناخية.
وتابع قائلا: من غرابة الأمر أن مناخ حوض البحر الأبيض المتوسط شمالًا وجنوبًا، بداية من البرتغال وإسبانيا وفرنسا وألمانيا واليونان وتركيا، وتونس والجزائر وشمال إفريقيا وفلسطين والأردن والعراق وسوريا ولبنان، كل هذه المناطق تغير مناخها المهادن المعتدل على مر آلاف السنين، المستقر الذي قامت عليه معظم الحضارات، أصبح من أكثر المناخات عنفًا وتغيرًا بسبب هذه الظاهرة، فما بالنا بالمناطق التي هي في الأصل ذات مناخ صعب، ستنفجر، وهذا ما يحدث في المناطق المدارية والاستوائية التي تتكون عليها الأعاصير، وهي أكبر مظهر من مظاهر المناخ المتطرف، إعصار من الدرجة الأولى سرعة الرياح فيه 180 كيلو مترا في الساعة، تجرف أي شيء أمامها فتخرب الزراعات والبنية الأساسية ومعيشة الناس.
وأضاف: وتحدث أعاصير من الدرجة الثانية في الولايات المتحدة الأمريكية وخاصة الولايات الجنوبية والجنوبية الشرقية ومناطق شرق آسيا القريبة من المحيطات، وهي الأكثر عرضة لانتقال الأعاصير من الدرجات الدنيا إلى الأعلى ما يتسبب في مشاكل كبيرة، وهذا ما نعنيه بقول أن المناخ الذي كان متطرفًا ومع تغيرات المناخ أصبح أكثر تطرفًا، كل دولة على سطح هذه الأرض معرضة لتغير المناخ حسب موقعها الجغرافي.
وأشار فهيم إلى أن بعض الدول تتعرض لتذبذبات حرارية مثل مصر، وبعض المناخات المتطرفة، في طول الشتاء والصقيع أو بعض الأمطار المفاجئة، ومنها ما يتعرض إلى أكثر من ذلك من موجات حادة تتعدى معدلات درجات الحرارة بأكثر من 20 درجة في المتوسطات في أوروبا، ومنها ما يتعرض لأعاصير مدمرة، ومنها ما يتعرض إلى الجفاف، وأخرى تتعرض إلى السيول وهكذا.
واختتم مدير مركز التغيرات المناخية، بوزارة الزراعة بتأكيده أنه لا يوجد مكان على سطح الأرض لن يتعرض لتغيرات المناخ حتى المناطق القطبية أصبحت عرضة للذوبان نتيجة لارتفاع درجات حرارتها، وأحيانًا أماكن في سيبيريا مغطاة بالجليد تحدث بها حرائق غابات وهو ما يدعو إلى الغرابة.