الأمم المتحدة: تعديل اتفاقية «آرهوسا» خطوة نحو ديمقراطية بيئية مستدامة

الأمم المتحدة: تعديل اتفاقية «آرهوسا» خطوة نحو ديمقراطية بيئية مستدامة
الأمم المتحدة: تعديل اتفاقية «آرهوسا» خطوة نحو ديمقراطية بيئية مستدامة

أعلنت اللجنة الاقتصادية لأوروبا التابعة للأمم المتحدة (CEE-ONU)، أمس الثلاثاء، أن التعديل المتعلق بالكائنات المعدلة وراثيًا في اتفاقية آرهوس سيدخل حيز التنفيذ في 20 أبريل المقبل.

وجاء هذا الإعلان بعد تصديق أوكرانيا رسميًا على التعديل، الذي يعكس التزامًا متزايدًا من الدول الأعضاء في تعزيز الشفافية والمشاركة العامة في القرارات البيئية المتعلقة بالكائنات المعدلة وراثيًا، كما يعد هذا التعديل خطوة مهمة نحو تحسين الحوكمة البيئية، التي تهدف إلى حماية البيئة والصحة العامة، وفق مركز أخبار الأمم المتحدة.

وأوضحت اللجنة الاقتصادية لأوروبا في بيان رسمي أن التعديل الذي تم اعتماده يتعلق بشكل رئيسي بضمان مشاركة الجمهور في اتخاذ القرارات المتعلقة بالإطلاق المتعمد للكائنات المعدلة وراثيًا في البيئة، وكذلك في عمليات طرح هذه الكائنات في الأسواق.

ويُركز التعديل على تحقيق مزيد من الشفافية في هذه القرارات، ويمنح الجمهور الحق في الوصول إلى المعلومات البيئية المتعلقة بالكائنات المعدلة وراثيًا، فضلًا عن حقه في المشاركة في اتخاذ القرارات المتعلقة بها.

ويمثل هذا التعديل تعزيزًا للحقوق البيئية للجمهور في الدول الموقعة على اتفاقية آرهوس، والتي تسعى إلى تحقيق "الديمقراطية البيئية" من خلال تمكين الأفراد والمجتمعات من المشاركة الفعّالة في المسائل البيئية التي تؤثر على حياتهم.

خطوة نحو التعددية والمشاركة

أكدت اللجنة الاقتصادية لأوروبا أن تصديق أوكرانيا على التعديل يمثل خطوة حاسمة في تعزيز التعددية في صنع القرار البيئي، بما يعكس التزامًا متزايدًا من قبل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بالشفافية والمشاركة العامة في القضايا البيئية الكبرى.

يشير البيان إلى أن التصديق على التعديل لا يقتصر على أوكرانيا فقط، بل يشمل أيضًا جميع الأطراف الـ33 التي صدقت على التعديل، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي. 

ويتوقع أن يلهم هذا التعديل المزيد من الدول للاقتداء بهذه الخطوة، مما يعزز التزام المجتمع الدولي بالتحرك الجماعي نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة، خاصة في ما يتعلق بمكافحة تغير المناخ.

التزام الدول بالشفافية

وأكدت المتحدث باسم  اللجنة الاقتصادية لأوروبا التابعة للأمم المتحدة (CEE-ONU)، تاتيانا مولسيان، أن دخول هذا التعديل حيز التنفيذ يُظهر التزام الدول الموقعة بمبادئ الشفافية والمشاركة العامة في اتخاذ القرارات البيئية المعقدة المتعلقة بالكائنات المعدلة وراثيًا.

وشدد على أهمية أن تلتزم الدول التي صدقت على التعديل بوضع أطر تنظيمية تضمن تحقيق الشفافية والمشاركة العامة، فضلًا عن التأكد من أن أي قرار يتعلق بهذه الكائنات يجب أن يخضع للرقابة البيئية الصارمة لضمان عدم تأثيرها السلبي على البيئة.

زيادة زراعة الكائنات المعدلة وراثيًا

أشار التقرير إلى أن التوقيت الذي دخل فيه التعديل حيز التنفيذ يعد مناسبًا تمامًا في ظل الزيادة الملحوظة في زراعة الكائنات المعدلة وراثيًا في مختلف أنحاء العالم، حيث تنوعت المحاصيل المعدلة وراثيًا بشكل كبير في السنوات الأخيرة، ليشمل ذلك أنواعًا متعددة تتجاوز الأنواع الثلاثة الرئيسية التقليدية (الذرة، فول الصويا، والقطن).

وأفادت تقديرات المنظمة بأن المساحة المزروعة بالكائنات المعدلة وراثيًا في جميع أنحاء العالم قد زادت بنسبة 121 مرة منذ عام 1996، لتشكل الآن نحو 13% من إجمالي المساحة الزراعية في العالم، أي ما يعادل أكثر من 3.4 مليار هكتار.

على الرغم من فوائد هذه الكائنات في تحسين الإنتاجية الزراعية، فإن استخدامها يُثير قلقًا كبيرًا بشأن المخاطر البيئية والصحية المحتملة، فقد أشار خبراء إلى أن هذه الكائنات قد تؤثر على التنوع البيولوجي والنظام البيئي بشكل عام.

وتزامن الاستخدام المتزايد للكائنات المعدلة وراثيًا مع تزايد استخدام المبيدات الحشرية والمبيدات الأخرى، ما أدى إلى زيادة مقاومة الأعشاب الضارة.

وبحسب منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو)، ارتفع استخدام المبيدات الحشرية عالميًا بنسبة 13% منذ عام 2002، وزاد بمقدار الضعف منذ عام 1990.

التنوع البيولوجي والاقتصاد الأخضر

من خلال التعديل على اتفاقية آرهوس، يعزز المجتمع الدولي الجهود المبذولة للتحول نحو الاقتصاد الأخضر، الذي يسعى إلى تعزيز التنوع البيولوجي والحفاظ على البيئة.

ويتماشى التعديل مع العديد من أهداف التنمية المستدامة التي تحددها الأمم المتحدة، مثل القضاء على الجوع (الهدف الثاني)، وحماية الحياة على الأرض (الهدف 15)، وتعزيز العدالة والسلام والمؤسسات القوية (الهدف 16).

ويُعزز التعديل أيضًا تنفيذ بروتوكول قرطاجنة للسلامة البيولوجية، الذي يعد جزءًا من اتفاقية التنوع البيولوجي، مما يدعم الجهود العالمية لحماية البيئة والحد من التأثيرات السلبية المحتملة للكائنات المعدلة وراثيًا.

تعزيز الحوكمة البيئية

يُعتبر تعديل اتفاقية آرهوس خطوة مهمة نحو تعزيز حقوق الجمهور في المشاركة في القرارات البيئية وحماية البيئة على المستوى العالمي، وعلى الرغم من أن الاتفاقية تمنح بالفعل حقوقًا قانونية في العديد من الجوانب البيئية، فإن التعديل الأخير يوفر توضيحًا إضافيًا للأحكام المتعلقة بالكائنات المعدلة وراثيًا.

ومن خلال توفير إطار تنظيمي واضح ومحدد، يسهم التعديل في تحسين الحوكمة البيئية وتعزيز الشفافية في القرارات التي تؤثر على حياة الملايين من الناس حول العالم.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية