النازحون السودانيون في ليبيا.. هروب من جحيم الحرب إلى سجون المنفى
النازحون السودانيون في ليبيا.. هروب من جحيم الحرب إلى سجون المنفى
بينما تشتد وتيرة الحرب في السودان، وجد آلاف النازحين أنفسهم يعبرون الحدود بحثاً عن الأمان، لكن رحلتهم لم تنتهِ عند الوصول إلى الأراضي الليبية، فقد وجدوا أنفسهم في قلب المعاناة وسط أوضاع معيشية صعبة، وتحديات إنسانية متفاقمة.
في مخيمات مؤقتة، أو على أطراف المدن الكبرى، يعيش هؤلاء النازحون بين مطرقة الفرار من الموت في وطنهم وسندان غياب الدعم في بلد يعاني من أزماته الخاصة، وقلة الموارد، وصعوبة الحصول على الرعاية الصحية، وانعدام الحماية القانونية تزيد من محنتهم، بينما يواجه الأطفال والنساء أوضاعًا أكثر هشاشة.
تركت خديجة (اسم مستعار) كل شيء خلفها، بعد أن التهمت الحرب في السودان كل شيء كالنار في الهشيم تأكل كل ما هو موجود في طريقها، ولم يكن أمامها سوى الفرار بأطفالها الثلاثة بحثًا عن الأمان.
لم تحمل خديجة معها سوى الأمل بأن تجد مكانًا يحتضنها وأطفالها بعيدًا عن القصف والجوع والخوف، قطعت مئات الأميال، وعندما وصلت إلى ليبيا، وجدت نفسها وأطفالها بلا مأوى، بلا مال، بلا سند.
في البداية، لم تجد سوى الغابة مأوى لها، كانت تحاول حماية أطفالها من قسوة الطبيعة، لكن البرد، والجوع، والخوف كانوا أقوى منها، لم يمضِ وقت طويل حتى اقتحمت الشرطة المكان، لتجد نفسها وأطفالها في مركز إيواء، اعتقدت في البداية أن الاحتجاز سيكون مؤقتًا، لكن الأيام امتدت إلى 26 يومًا من الجحيم.
تقول خديجة داخل المركز، لم يكن هناك شيء يشبه الإنسانية، في ذلك المكان الذي يُفترض أن يكون آمنًا، أُجبرت على نزع ملابسي أمام أطفالي، بحجة تفتيشي، عشت أيامًا بدون طعام، كنت أتقاسم نصف رغيف مع صغاري، وكانت المياه الملوثة هي كل ما نتحصل عليه للشرب من دورات المياه، أطفالي الصغار شاهدوا العنف والإذلال، كانوا يرتجفون خوفًا من الحراس، والدموع لا تفارق أعينهم، عندما سألني أحد أبنائي عن سبب ما يحدث، لم أجد أي كلمات أجيب بها تواسيهم وتطمئنهم.

عندما خرجت من ذلك المكان، كان الأمل أن أبدأ حياة جديدة، لكنها لم تكن سوى بداية أخرى للمعاناة، لم يكن لدي مكان أذهب إليه، فاستأجرت غرفة صغيرة بالقرب من المفوضية بجهد شاق، لكن صاحب المنزل طردني تحت تهديد السلاح، لأجد نفسي وأطفالي مجددًا في الغابة.
وأضافت: كنت أخرج كل يوم بحثًا عن أي طعام أسد به رمق أطفالي، ورغم قسوة الظروف، وجدت بعض القلوب الرحيمة من أهل ليبيا الذين قدموا لي ما يستطيعون من طعام وملابس، لكن ذلك لم يكن كافيًا لبناء حياة، لجأت إلى العمل اليومي، فقد عملت بأي شيء مقابل 20 أو 30 دينارًا في اليوم، حتى استطعت استئجار غرفة صغيرة بمنطقة تسمى (كوبري الثلاجات)، لكنني لم أستطع البقاء فيها طويلًا.
التحرش والخوف المستمر
وتواصل: في محاولتي للبحث عن مكان أكثر أمانًا، استأجرت غرفة مع 4 أسر أخرى، لكن المعاناة لم تنته، صاحب المنزل بدأ يتحرش بنا، كان يأتي برجال ونساء غرباء، ليجعلنا نشعر بالخوف الدائم، حتى اضطررنا للفرار مجددًا، بحثًا عن ملجأ آخر، وفي خضم هذه الحياة القاسية، تواصل معي شخص من السودان كنت مخطوبة له سابقاً فتزوجته على أمل أن يمنحني وأطفالي بعض الأمان، لكنه مثلي لم يجد عملًا ثابتًا، وكان يعمل بنظام اليومية، بالكاد يجني ما يسد رمقهم، اضطررنا جميعًا للعيش في منزل واحد مع 3 أسر أخرى، في ظروف تفتقر إلى أي خصوصية أو كرامة.
وتابعت: ما حدث في مركز الإيواء ترك أثرًا عميقًا في نفس أطفالي، ابنتي التي تبلغ من العمر 12 عامًا شهدت على ما تعرضت له من إذلال، بكت ولم تفهم لماذا يُعاملوني بهذه القسوة، طفلي الصغير لا يزال يستيقظ في الليل مرتجفًا، خائفًا من أن يأتي العساكر مرة أخرى ليأخذوني بعيدًا، حتى عندما داهمت الشرطة منزلي لاحقًا، أخذت أتوسل لهم ليدعوني أستر نفسي وألبس جلبابي فنحن مسلمون، فتعاطف معي العسكري ولبست جلبابي، ولكن لم يكن لدي الوقت لألبس أطفالي أحذيتهم، فذهبوا حفاة يرتجفون من البرد والخوف، والآن يعانون من التهابات حادة في اللوزتين بسبب ذلك.
وتذكر خديجة أنها لم تفقد منزلها فقط، بل فقدت والدها الذي قُتل بقذيفة في السودان، أما والدتها وإخوتها، فلا تعرف عنهم شيئًا حتى الآن، كل يوم يسألها أطفالها متى نعود إلى بيتنا يا أمي؟ لكنها لا تملك أي إجابة.
خديجة ليست الوحيدة، هناك آلاف مثلها، لكن قصتها هي صرخة في وجه العالم، لعل أحدًا يسمع، لعل أحدًا يمد يد العون قبل أن يصبح الأمل مجرد ذكرى بعيدة.
هربنا من الحرب إلى مركز الاحتجاز
في زاوية ضيقة من غرفة مستأجرة في طرابلس، تجلس سعاد (اسم مستعار)، امرأة سودانية، أم لسبع بنات وابن وحيد، يرتسم على وجوههن الإرهاق وأعينهن ممتلئة بالحيرة والخوف، يتساءلن لماذا انتهى بهن الحال هنا، بعد أن فررن من ويلات الحرب في السودان بحثًا عن الأمان.
رحلة سعاد وعائلتها بدأت في الأول من أغسطس، عندما أجبرهم القصف على ترك منزلهم في السودان، حيث فقدت زوجها بعد سقوط قذيفة حولت بيتهم إلى ركام، انطلقت الأسرة في رحلة محفوفة بالمخاطر عبر الحدود حتى وصلت إلى ليبيا، حيث عاشت في الشوارع وأماكن غير آمنة تُعرف بـ"التركينة"، بحثًا عن مأوى يحميهم من التشرد.
تقول سعاد بصوت مرتجف لم يكن أمامنا خيار سوى الاستمرار في طريقنا إلى طرابلس، على أمل التسجيل في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين والحصول على الحماية، لكن ما وجدته في العاصمة الليبية لم يكن سوى مزيد من المعاناة، حيث اضطرت لدفع 500 دينار شهريًا مقابل غرفة واحدة تؤويني وأطفالي، بينما يعمل ابني الصغير بين الحين والآخر لجلب بعض المال الذي لا يكفي لسد احتياجاتنا الأساسية.
لحظة مهينة في مركز الإيواء
ما لم تتوقعه سعاد أن تتحول محنتها إلى كابوس آخر، عندما اقتحمت الشرطة الليبية المنزل الذي استأجرته مع أطفالها، دون معرفة السبب، اقتيدت إلى مركز إيواء أبو سليم، وهناك واجهت لحظة قاسية ستظل محفورة في ذاكرتها.
وتابعت، بينما تحاول حبس دموعها: لقد أجبروني على خلع ملابسي أمام بناتي، شعرت بالإهانة والذل، كنت عاجزة عن فعل أي شيء، داخل المأوى لم يكن هناك سوى طبق واحد من المعكرونة يُقدم لنا يوميًا، رغم أنني مريضة بالسكري وأحتاج إلى الأنسولين، لم أتحصل على رعاية طبية مناسبة، حتى وصل مستوى السكر في دمي إلى 450، ما جعلني في حالة إنهاك شديد، انتهى بي إلى الفراش، غير قادرة على الحركة.
تدخلت السفارة لإخراجنا، لكنني خرجت لأجد نفسي أمام مفوضية اللاجئين مجددًا، بلا مأوى أو دعم، نمضي يومنا جالسين أمام أبواب المفوضية، لكن لا أحد يلتفت إلينا، تقول بحسرة.
تعيش سعاد حاليًا مع أطفالها في خوف مستمر، محاصرين في منزلهم، غير قادرين على توفير المال لدفع الإيجار أو شراء الطعام والدواء، ابنها الصغير يحاول العمل، لكنه لا يستطيع تحمل عبء الأسرة وحده، أحيانًا تتمكن من شراء الأنسولين، وأحيانًا لا.. لا أعرف كيف أستمر في ظل هذه الظروف، تضيف في النهاية: لا أطلب سوى شيء واحد فقط، أن يعيش أطفالي بأمان، أن يجدوا مأوى، ألّا يشعروا بالخوف كل ليلة من أن يتم اقتيادنا مجددًا إلى مركز الإيواء بلا سبب.
بين أمل ضائع ومستقبل مجهول، تظل سعاد وبناتها عالقات في دوامة لا يعرفن كيف يخرجن منها، في انتظار يد إنسانية تمتد إليهن قبل أن تنطفئ آخر شرارات الصمود.
القبض علينا في الطريق
وفي ذات السياق تروي بثينة قصة هروبها من الموت هي وعائلتها إلى المجهول، قائلة لم يكن قرار مغادرة السودان سهلًا، لكن البقاء كان يعني الموت البطيء، لم تتوقع أن تصبح ليبيا محطة أخرى للألم، حيث استُبدل الخوف من القذائف بخوف آخر من الاعتقال والتشرد.
تقول بثينة في أحد أيام الصيف، وبينما كنت أسير برفقة بناتي في منطقة السراج باتجاه “البراكة” التي قمت بإنشائها كمأوى مؤقت، فوجئت بعناصر الشرطة يقتادوني إلى مركز الإيواء بمنطقة أبو سليم، ولم أكن وحدي من تم القبض عليها بل هناك أخريات أيضاً بعضهن في الشارع، وأخريات من منازلهن، دون أن يعرفن سبب ذلك.
داخل المركز، كانت المعاناة أكبر مما توقعت، أُجبرت على خلع ملابسي خلال التفتيش، رغم وجود ابنتي الكبيرتين، اللتين كانتا في فترة الدورة الشهرية، ما زاد من قسوة الموقف، كان الأمر مهينًا جدًا، شعرت بالعجز أمام بناتي.
وتضيف: قبل أن نصل إلى ليبيا، كان السودان قد سلب منا ومن عائلتي الأمان، زوجي الذي كان معلمًا هناك، تعرض للضرب والتعذيب على يد ميليشيات الدعم السريع، بل وأُحرق داخل السجن، نجا بحياته لكنه خرج منه بجسد منهك ومرض يمنعه من القيام بأي عمل شاق، رغم أنه المعيل الوحيد للأسرة.
كنا مضطهدين هناك، اضطررنا إلى الهروب، لكن هنا أيضًا الحياة صعبة، لا نملك أي شيء، والإيجار أكبر كابوس نواجهه.
كفاح من أجل البقاء
اليوم تحاول بثينة وعائلتها البقاء على قيد الحياة بأي طريقة، تجمع الحديد من الشوارع، تنظف المنازل، وتبحث عن أي فرصة لكسب قوت يومها، لكن المشكلة الكبرى هي ابنتاها المراهقتان، اللتان تبلغان 16 و17 عامًا، تقول بصوت يملؤه القلق عليهما كثيرًا، نحن غرباء هنا، وإذا عملتا قد تتعرضان للمضايقات، كما يواجه أطفالي التنمر في الشوارع، وهو ما يزيد من معاناتهم النفسية، نحاول التماسك لكن الخوف من المستقبل يلاحقنا كل يوم.
وفي ظل تزايد أعداد اللاجئين السودانيين في ليبيا جراء الحرب الأهلية، يعمل مكتب الشؤون الاجتماعية للجالية السودانية بطرابلس المركز، تحت إشراف أمين المكتب "آدم يوسف"، على تقديم الدعم والمساعدة للنازحين، بالتعاون مع المنظمات الدولية والمحلية.
وقالت نائبة أمين المكتب، نهى سعد، إن الجهود تتركز على توفير الاحتياجات الأساسية للنازحين، مثل (الفرش، والأغطية، والمواد الغذائية ومواد التنظيف)، مشيرة إلى أن المكتب قام بعدة زيارات تفقدية لمواقع تجمع اللاجئين لتقييم أوضاعهم ومعرفة احتياجاتهم الأساسية، وأضافت أنه رغم محدودية الموارد، تم تنظيم حملات لجمع الملابس المستعملة وفرزها وتنظيفها لتكون جاهزة للتوزيع.

تعاون مع المنظمات الدولية
أكدت نهى أن أكبر تعاون كان مع المنظمة الدولية للهجرة (IOM)، التي قدمت مساعدات رغم التزايد المستمر في أعداد اللاجئين منذ بداية عام 2024، كما أوضحت أن المكتب تعامل مع 27 امرأة محتجزة في مركز إيواء أبو سليم، ولم ترد أي شكاوى منهن، حيث تمت إجراءات الإفراج عنهن عبر لجنة السجون بالسفارة السودانية.
وتابع المكتب أوضاع أكثر من 250 لاجئة بدون عائل، وقدم لهن المساعدات بالتعاون مع المنظمة الدولية للهجرة، وشملت الجهود توفير مستلزمات مدرسية للأطفال اللاجئين بالتزامن مع بدء العام الدراسي (2024-2025)، فقد تم توزيع حقائب وأدوات مدرسية في عدة مناطق بطرابلس،( مثل تاجوراء، وأبو سليم، وغوط الشعال، والدريبي).
وأشارت نهى إلى أن العديد من النساء اللاجئات تعرضن للاعتقال من قبل الشرطة، ما استدعى تدخل السفارة السودانية التي شكلت لجنة خاصة لمتابعة الموقوفين في مراكز إيواء الهجرة غير الشرعية والعمل على إخراجهم، كما تعاونت السفارة مع المكتب لاستخراج شهادات ميلاد مجانية للأطفال المولودين في السودان أو داخل ليبيا، إضافة إلى تسهيل إجراءات تسجيل الأطفال في المدارس الليبية، بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم الليبية ومدرسة الإخوة السودانية.
مبادرات إنسانية رغم الصعوبات
لم تقتصر جهود المكتب على تقديم المساعدات الأساسية، بل شملت تنظيم مبادرات لدعم اللاجئين، مثل توزيع سلال غذائية في رمضان، وتنظيم حملة لتوزيع لحوم عيد الأضحى على الأسر المحتاجة، كما تم تنظيم أنشطة ثقافية وترفيهية للأطفال، ساهمت في رصد حالات تحتاج إلى دعم نفسي واجتماعي بالتعاون مع أخصائية نفسية.
وأكدت نهى أن أكبر التحديات التي تواجه النساء اللاجئات بدون عائل هي مشكلة السكن، حيث تعاني العديد منهن من عدم القدرة على تحمل تكاليف الإيجار، وصعوبة العثور على سكن قريب من المرافق الخدمية، كما أن قلة فرص العمل تزيد من معاناتهن، ما دفع المكتب إلى مناشدة الجهات الخيرية لتوفير مساكن مؤقتة حتى تتمكن النساء من تحقيق استقرار اقتصادي يمكنهن من دفع الإيجار لاحقًا.
وختمت نهى بالإشارة إلى أن العديد من اللاجئات السودانيات يحملن مؤهلات علمية في مجالات مثل التعليم والصحة، ما يجعلهن قادرات على العمل والمساهمة في المجتمع، إذا أتيحت لهن الفرص المناسبة.
حقوقيون يصفون الوضع في مراكز الإيواء
يصف حقوقيون المعاملة التي تواجهها النساء السودانيات الموقوفات في ليبيا بالمشينة وغير القانونية، حيث يتم تفتيشهن بطرق مهينة داخل مراكز الإيواء.
يقول رئيس المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، أحمد حمزة، تعتبر هذه الممارسات انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان وكرامته، وتتعارض مع القوانين المحلية والدولية التي تحظر أي معاملة مهينة أو حاطه بالكرامة، كما أن هذه السلوكيات تعد خرقًا واضحًا للقانون، ما يستوجب تقديم شكوى رسمية للنيابة العامة لمحاسبة المسؤولين عنها وضمان عدم إفلاتهم من العقاب.
وطالب بضرورة تدخل الجهات المعنية لضمان احترام حقوق الإنسان داخل مراكز الاحتجاز، مشدداً على أهمية اتخاذ إجراءات قانونية صارمة ضد المتورطين لخلق ردع عام والحد من تكرار مثل هذه الانتهاكات مستقبلاً.
وكشف الناشط الحقوقي، طارق لملوم، عن تعرض العديد من النساء النازحات، خاصة القادمات من السودان، لانتهاكات جسيمة ومعاملة مهينة أثناء تنقلهن داخل ليبيا، مشيرًا إلى أن هذه التجاوزات لا تستهدف جنسية بعينها، بل تشمل جميع النساء اللاتي يجدن أنفسهن في وضع هش وضعيف نتيجة النزوح أو اللجوء.
وأوضح لملوم أن دخول النساء السودانيات إلى ليبيا عبر مدينة الكفرة كان يتم بشكل عشوائي، وكذلك تنقلاتهن داخل البلاد بحثًا عن السكن والعمل والأمان والتسجيل لدى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، دون أي ضمانات تحميهن من المخاطر والانتهاكات.
وأشار إلى أن بعض المدن الليبية اعترفت بهن كنازحات وقدمت لهن مساعدات بسيطة، في حين أن العاصمة طرابلس تشهد سياسات متخبطة تجاههن، حيث لا يتم إدراجهن ضمن أي إجراءات قانونية خاصة بالمهاجرين غير النظاميين، ما أدى إلى اعتقال العشرات منهن وإيداعهن السجون، إضافة إلى استهدافهن في الشوارع تحت ذريعة مكافحة التسول.
وأكد لملوم، تلقي عديد الشكاوى من نساء تعرضن لسوء المعاملة والتفتيش المهين أثناء احتجازهن، وهو ما اعتبره انتهاكًا لآدميتهن ومخالفة صريحة للقانون، وأرجع ذلك إلى غياب سياسة موحدة في ليبيا وعدم وجود حكومة واحدة تفرض قوانين واضحة لحماية النساء النازحات.
ودعا الناشط الحقوقي السلطات الليبية إلى الاعتراف بهؤلاء النساء كنازحات، والعمل على توفير سكن آمن لهن، خاصة للأمهات اللاتي يصطحبن أطفالهن أو اللاتي لا يرافقهن أزواجهن، نظرًا لكونهن من أكثر الفئات ضعفًا وتعرضًا للخطر في ليبيا حاليًا.
تفاقم الأزمة الإنسانية
أفادت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين من خلال موقعها الرسمي، بارتفاع عدد اللاجئين السودانيين الذين وصلوا إلى ليبيا منذ اندلاع الحرب الأهلية في السودان إلى مئة ألف و200 لاجئ على الأقل، حيث تتركز الأغلبية منهم في مدينة الكفرة جنوب البلاد.
ووفقًا لأحدث تقييم تم نشره، فإن من بين هؤلاء اللاجئين 48 ألفًا و751 شخصًا مسجلين رسميًا لدى المفوضية، فيما تشير تقديرات السلطات المحلية إلى أن 65 ألف لاجئ سوداني استقروا في مدينة الكفرة وحدها، مع استمرار تدفق ما بين (300 و400) لاجئ يوميًا إلى المدينة، ما يشكل ضغطًا متزايدًا على الخدمات الأساسية ويفاقم الأزمة الإنسانية.
ورغم هذه التقديرات، أكدت المفوضية صعوبة تحديد العدد الدقيق للاجئين السودانيين الوافدين إلى ليبيا، وذلك بسبب الطبيعة غير النظامية لدخولهم، وغياب البيانات الرسمية من السلطات المحلية، فضلًا عن الامتداد الشاسع للحدود البرية بين السودان وتشاد ومصر.
وأشارت المفوضية إلى أن 95% من اللاجئين السودانيين المسجلين لديها دخلوا ليبيا عبر نقاط حدودية غير رسمية، ما يزيد من صعوبة توثيق أعدادهم بدقة.