قرارات ترامب التنفيذية.. جدل واسع حول إعادة تعريف الهوية والحقوق والحريات

خلال أقل من 50 يوما

قرارات ترامب التنفيذية.. جدل واسع حول إعادة تعريف الهوية والحقوق والحريات
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

سجل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، رقماً قياسياً، في إصدار القرارات والأوامر التنفيذية منذ عودته إلى البيت الأبيض في 20 يناير، حيث أصدر 79 أمراً حتى بداية مارس الجاري، وهو ما يعادل ما أصدره جو بايدن خلال عامه الأول بالكامل.

ركّزت تلك القرارات على محاور عدة، وقد أثارت سياساته وقراراته المتعلقة بالحقوق والحريات جدلاً واسعاً على المستويين المحلي والدولي.

اتخذ ترامب سلسلة من الإجراءات التي أثرت بشكل مباشر في حقوق الإنسان، وحقوق الأقليات، وحقوق المهاجرين، وحريات التعبير، وغيرها من القضايا الحقوقية.

التنوع والهوية الجنسية

أصدر ترامب 14 أمراً تنفيذياً استهدفت قضايا التنوع والهوية الجنسية، اشتملت تلك الأوامر على إلغاء سياسات "التنوع والمساواة والإدماج" التي اعتمدتها الإدارات السابقة، واعتمدت على الاعتراف بوجود جنسين فقط، ذكر وأنثى.

وفرضت القرارات أيضاً حظرًا على ما وصف بـ"أيديولوجية التحول الجنسي" داخل صفوف الجيش، وقيّدت عمليات التحول الجنسي للقُصر دون سن 19 عامًا. 

وانعكست هذه الإجراءات على النهج التقليدي في مواجهة التغيرات الاجتماعية الحديثة، ما أثار جدلاً واسعاً بين مؤيد ومعارض تلك السياسات، مؤكدين أن التعديلات جاءت في إطار سعي الإدارة إلى إعادة تعريف الهوية الوطنية وفقاً لقيم محافظة.

الإجراءات الصحية والإنجابية

ألغى ترامب 13 أمراً تنفيذياً تتعلق بسياسات إدارة بايدن في المجال الصحي، مُحدثاً تغييرات عميقة على حقوق الإنجابية والصحة العامة.

وشملت تلك القرارات انسحاب الولايات المتحدة من منظمة الصحة العالمية، وتعليق الوصول إلى معلومات حول الحقوق الإنجابية، وإلغاء أوامر كانت تكفل توفير حبوب الإجهاض.

وعد المنتقدون هذه الإجراءات انتهاكاً للمبادئ الدستورية وحقوق المرأة، في حين دافع المسؤولون عنها بأنها جاءت في إطار إصلاح السياسات الصحية لتتماشى مع رؤيتهم الإصلاحية، سجلت تلك التحركات تحديات قانونية عدة، ما أبرز الانقسام الواضح بين مؤيدي السياسات التقليدية ومنظمات حقوق الإنسان.

الإجراءات المتعلقة بالهجرة

نفّذ ترامب 16 أمراً تنفيذياً تناولت قضايا الهجرة بشكل صارم، حيث وقّع أمراً يقيد برنامج قبول اللاجئين، ما دفع القضاء الفيدرالي إلى تعليق تنفيذه مؤقتاً.

ووقع أيضاً أمراً تنفيذياً يقيد منح الجنسية بالولادة، ما أثار تحديات قانونية ونقاشات حادة حول مفهوم المواطنة في الولايات المتحدة.

ركّزت تلك الإجراءات على تأمين الحدود وتعزيز السيادة الوطنية، ما عكس توجه الإدارة نحو خفض عدد اللاجئين والمهاجرين، في إطار سعيها لإعادة تشكيل سياسات الهجرة بما يتماشى مع رؤيتها الأمنية والسياسية.

حرية التعبير 

واصل ترامب انتقاده اللاذع لوسائل الإعلام التي وصفها بـ"الأخبار الكاذبة" (Fake News)، كما وقع على أمر تنفيذي يحد من الحماية القانونية لشركات التواصل الاجتماعي، مدعيًا أنها تتحيز ضد المحافظين، هذه الخطوة أثارت مخاوف من تقييد حرية التعبير على الإنترنت.

وأعلن البيت الأبيض أخيراً أنه سيتولى مسؤولية تحديد الصحفيين الذين يحق لهم تغطية نشاطات الرئيس دونالد ترامب، متخلياً بذلك عن الدور الذي أدته جمعية مراسلي البيت الأبيض لعقود في تنظيم هذا الأمر.

وأخيراً، كتب ترامب على وسائل التواصل الاجتماعي "سيوقف التمويل الاتحادي لأي كلية أو مدرسة أو جامعة تسمح بالاحتجاجات غير القانونية.. سيُسجن المحرضون/أو يعادون بشكل دائم إلى البلد الذي أتوا منه.. سيُطرد الطلاب الأمريكيون بشكل دائم أو سيعتقلون على حسب الجُرم".

وأعاد أمر ترامب التنفيذي في يناير أمراً مماثلاً وقعه في 2019؛ حيث أمر وزارة التعليم بالتحقيق مع الكليات التي تتلقى تمويلاً اتحادياً إذا لم تحمِ الطلاب والموظفين اليهود من معاداة السامية.

وأخبر ترامب وزير الخارجية ماركو روبيو بأنه يريد ترحيل المتظاهرين غير المواطنين الذين تم قبولهم في الولايات المتحدة بتأشيرات طلابية.

ونقل تقرير أعدته "واشنطن بوست" عن المدير التنفيذى للمركز الوطنى لحرية التعبير والمشاركة المدنية بجامعة كاليفورنيا، ميشيل دوتشمان، قوله: "تستطيع أن تزعم أنك تناصر التعبير، وأنك داعم لحرية التعبير، ولكن القول بهذه الأمور لا يغير عدداً من الخطوات التى أضيفت إلى الرقابة الحكومية".

وأشار التقرير إلى أن أوامر ترامب لمنع الجهود الخاصة بـ"التنوع والإنصاف والشمول" تهدد المؤسسات التى تتلقى الدعم المالى الفيدرالى، مؤكداً أن ذلك من شأنه انتهاك التعديل الأول، حسبما قال أحد القضاة.

وقال التقرير إن أحد توجيهات ترامب منع المدارس فى جميع البلاد من تعليم ما يتعلق بـ"أيديولوجية النوع" أو "المساواة التمييزية"، ما جلب انتقادات مشابهة من جانب المدافعين عن حرية الرأى، مؤكدين أن الرئيس الأمريكى ليس لديه السلطة لمعاقبة المناطق التعليمية بسبب تدريس أفكار يرفضها.

سياسات المناخ والطاقة

بعد ساعات من أدائه اليمين الدستورية، أعلن ترامب عن سلسلة من الأوامر التنفيذية والسياسات الرامية إلى تعزيز إنتاج النفط والغاز، والتراجع عن الحماية البيئية، والانسحاب من اتفاق باريس للمناخ، والتراجع عن مبادرات العدالة البيئية التي سنها الرئيس السابق جو بايدن.

ويعد ترامب واحداً من أشهر منكري "التغير المناخي" ويصفه بأنه "خدعة" تهدف للحد من النشاط الاقتصادي الأمريكي، قام بتعيين مديرين تنفيذيين في صناعة الوقود الأحفوري ومشككين في تغير المناخ في حكومته.

وبحسب تحليل في موقع محطة "فوكس" الإذاعية الأمريكية، فإن تصرفات ترامب في اليوم الأول تمثل إعادة صياغة كاملة لجدول أعمال المناخ في البلاد، وتحدد نهج إدارته في التعامل مع الطاقة والبيئة على مدى السنوات الأربع المقبلة.

أعلن ترامب حالة طوارئ في مجال الطاقة ضمن سلسلة من الأوامر التنفيذية التي ركزت على دعم الوقود الأحفوري وتعزيز الإنتاج المحلي للمحروقات، حيث رفع الرسوم الجمركية بنسبة 25% على المنتجات القادمة من كندا والمكسيك، وبنسبة 10% على الواردات الصينية، في خطوة اعتبرها مسؤولو الإدارة ضرورية لتحقيق استقلالية الطاقة.

وفي المقابل، ركّزت تلك السياسات على تقويض التحول نحو الطاقة النظيفة، ما أثار انتقادات حادة من قبل جماعات البيئة والنشطاء المناخيين، معتبرين أن الإجراءات تعيد التأكيد على اعتماد الاقتصاد الأمريكي على الوقود الأحفوري وتؤخر تبني سياسات صديقة للبيئة.

التحديات والانتقادات

واجهت تلك القرارات التنفيذية تحديات قانونية متزايدة، حيث طُعنت العديد منها أمام المحاكم، ما أبرز الانقسام الحاد بين مؤيدي سياسات ترامب ومنظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني.

وقد واجهت أوامر ترامب التنفيذية تحديات قانونية متزايدة، حيث تم الطعن في 16 منها أمام المحاكم حتى 27 فبراير، وفقًا لموقع "حاست سيكيورتي" التابع لكلية الحقوق بجامعة نيويورك.

وأشارت تقارير إلى أن الإجراءات المتعلقة بالهجرة أدت إلى انخفاض ملحوظ في عدد اللاجئين المتقدمين، فيما أكد النقاد أن السياسات الحقوقية قد أسهمت في تعزيز الانقسامات الاجتماعية.

وسجّل هذا المزيج من القرارات تحديات كبيرة أمام النظام القانوني الأمريكي، ما دفع الأطراف المعنية إلى الدعوة لإعادة تقييم تلك الإجراءات في ضوء المبادئ الدستورية والحقوق الأساسية، مع ترك بصمة واضحة على المشهد السياسي والاجتماعي في الولايات المتحدة خلال فترة ولاية ترامب الثانية.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية