غضب دولي من رسوم ترامب الجمركية.. وواشنطن ترد: «استرخوا وتقبلوا الضربة»

إعلان حرب اقتصادية..

غضب دولي من رسوم ترامب الجمركية.. وواشنطن ترد: «استرخوا وتقبلوا الضربة»
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أرشيف

أدى الهجوم التجاري الضخم الذي شنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الأربعاء، إلى انخفاض البورصات العالمية وإثارة المخاوف من عواقب وخيمة على الاقتصاد العالمي، وفيما هدّد شركاء الولايات المتحدة التجاريون بالرد، اليوم الخميس، فقد أعطوا الأولوية للحوار.

وعقب الإجراءات التي وصفها الرئيس الأمريكي بأنها "إعلان استقلال اقتصادي"، بدأ العالم المالي في التفاعل سلبا، وفي آسيا، تراجعت بورصة طوكيو بنحو 3% عند الإغلاق، بينما في أوروبا خسرت بورصة فرانكفورت 2,45% عند الافتتاح، وباريس 2,15%، ولندن 1,44%، وفق وكالة “فرانس برس”.

وقال الرئيس الأمريكي "لقد تعرضت بلادنا للنهب والسلب والاغتصاب والتدمير من دول قريبة وبعيدة، حليفة وعدوة على حد سواء"، قبل أن يعرض قائمة بشركاء التجارة المعنيين.

هجوم حمائي

تضمن الهجوم الحمائي الذي يشنه البيت الأبيض، وهو غير مسبوق منذ ثلاثينيات القرن العشرين، تعريفات جمركية إضافية بنسبة 10% كحد أدنى على كل الواردات ونسباً أعلى على البلدان التي تعتبر معادية بشكل خاص في المسائل التجارية.

والزيادة هائلة بالنسبة إلى الصين التي ستخضع منتجاتها لضريبة استيراد جديدة بنسبة 34%، تضاف إلى الرسوم الجمركية البالغة 20% التي فرضتها عليها واشنطن سابقا.

وفرضت ضريبة بنسبة 20% على سلع الاتحاد الأوروبي، و24% على اليابان، و26% على الهند، و46% على فيتنام.

ولا تظهر المكسيك ولا كندا على القائمة الجديدة، فباعتبارها من موقعي اتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة، فإنهما تخضعان لنظام مختلف، لكنّ البلدين، مثل بقية العالم، سيتأثران بالضريبة الإضافية البالغة 25% على السيارات المصنعة في الخارج والتي دخلت حيز التنفيذ صباح الخميس.

ومن المقرر أن تدخل الضريبة العامة البالغة 10% حيز التنفيذ في الخامس من أبريل عند الساعة 04,01 بتوقيت غرينتش، فيما ستدخل الرسوم الجمركية الأعلى حيز التنفيذ في التاسع من الشهر نفسه.

إعلان حرب على الاقتصاد العالمي

يرى موريس أوبستفيلد، الخبير الاقتصادي في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، أن هذا "إعلان حرب على الاقتصاد العالمي"، خصوصا أن تحديد مستويات الضرائب يثير تساؤلات حول المنهجية المستخدمة.

وتهدف هذه الرسوم الإضافية أيضا إلى الرد على ما يسمى بالحواجز "غير الجمركية" أمام السلع الأمريكية، مثل المعايير الصحية والبيئية.

وأعلن البيت الأبيض مساء الأربعاء أن بعض السلع لن تتأثر: سبائك الذهب، والمنتجات الصيدلانية، وأشباه الموصلات، والنحاس، وأخشاب البناء، ومنتجات الطاقة والمعادن التي لا توجد على الأراضي الأمريكية.

ولم تشمل التعرفات روسيا وكوريا الشمالية على اعتبار أنهما لم تعودا شريكين تجاريين مهمين، وفق ما أفاد مسؤول أمريكي.

يقدم دونالد ترامب الرسوم الجمركية باعتبارها عصا سحرية قادرة على إعطاء دفعة للصناعات الأمريكية، وإعادة التوازن إلى الميزان التجاري، والقضاء على العجز في الميزانية.

استرخوا وتحمّلوا الضربة

وحذّر وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت الدول المعنية بالتعرفات الجديدة قائلا "استرخوا، تحمّلوا الضربة، وانتظروا لمشاهدة كيف سيتطوّر الوضع، لأنّه إذا ردّيتم سيكون هناك تصعيد".

وحذّر زعيم الديموقراطيين في مجلس الشيوخ تشاك شومر من أن الهجوم الحمائي "سيكلف الأسرة الأمريكية المتوسطة أكثر من 6000 دولار سنويا" في شكل ارتفاع في أسعار السلع المستوردة.

وتراوحت ردود الفعل بين الدعوات إلى الحوار والتهديد بالمواجهة، ولم تكشف حتى الآن أي جهة عن رد واضح، بينما لم تستبعد فرنسا وكذلك ألمانيا "استهداف الخدمات الرقمية" في الرد الأوروبي المحتمل الذي يجري بحثه حاليا مع اجتماع لممثلي القطاعات الأكثر تضررا الخميس، وفي ما يأتي أبرز ردود الفعل الأولية على الرسوم.

الاتحاد الأوروبي

قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين الخميس إن الرسوم الجمركية الجديدة التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تشكل "ضربة كبيرة" للاقتصاد العالمي.

وأبدت "أسفها العميق" للقرار قائلة إن الأوروبيين "مستعدون للرد" ويعملون على "حزمة جديدة من التدابير المضادة" في حال فشل المفاوضات مع الإدارة الأمريكية.

وسيجتمع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الخميس مع ممثلي القطاعات الفرنسية "المتأثرة بالرسوم الجمركية" التي أعلنها نظيره الأمريكي وفق ما أعلن مكتبه.

موقف ألمانيا

دعت صناعة الكيميائيات الألمانية التي تُعتبر الولايات المتحدة أكبر مستورد لمنتجاتها الاتحاد الأوروبي إلى "التحلي بالهدوء" في ردّه على رسوم ترامب، مؤكّدة أنّ "التصعيد لن يؤدي إلا إلى تفاقم الضرر".

وقال اتحاد الصناعات الكيميائية الألمانية "في آي سي" الذي يضمّ خصوصا شركتي باير وباسف العملاقتين "نأسف لقرار الحكومة الأمريكية.. من المهمّ الآن لكل الأطراف المعنية التحلّي بالهدوء".

وندّد اتّحاد صناعة السيارات الألماني (في دي إيه) بالرسوم الجمركية، مطالبا الاتحاد الأوروبي بالردّ عليها بقوة كونها "ستُسبّب خسائر فادحة"، ومناشدا إياه في الوقت نفسه "الاستمرار في التعبير عن استعداده للتفاوض".

خسارة تطال المستهلك الأمريكي

وحذّر الاتّحاد من أنّ الخسارة لن تقتصر على ألمانيا بل ستطال المستهلك الأمريكي وصناعة السيارات الأمريكية نفسها.

وناشد الاتّحاد بروكسل إبرام اتفاقيات للتجارة الحرة "مع أكبر عدد ممكن من المناطق في العالم" لكي يصبح الاتحاد الأوروبي "بطلا للتجارة العالمية الحرة والعادلة".

كذلك، أعلنت برلين، الخميس، أنها تدعم الاتحاد الأوروبي في بحثه عن "حل تفاوضي" مع واشنطن، مذكّرة بأن أوروبا مستعدة للرد.

تأثير الرسوم

أقرّ رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، اليوم الخميس، بتأثير الرسوم الجمركية الأمريكية التي فرضها الرئيس ترامب، فيما أعلن وزير التجارة البريطاني جوناثان رينولدز أنّ المملكة المتّحدة ما زالت ملتزمة التوصّل لاتفاق مع الولايات المتحدة "لتخفيف" تأثير الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة، مشدّدا على أنّ لندن لا تعتزم اتّخاذ إجراءات انتقامية في الحال.

وبدورها، ندّدت جماعة الضغط المعنيّة بالتصنيع "ميك يو كي" بقرار ترامب، مؤكدة في بيان أنّ هذه الرسوم "مدمّرة" و"ستقضي على عقود من سلاسل التوريد المتكاملة التي تربط المملكة المتحدة بالولايات المتحدة من خلال شركاء تجاريين آخرين".

كذلك، ندّدت بقرار ترامب جمعية مصنّعي وتجار السيارات في المملكة المتحدة، معتبرة إياه "إجراء مخيبا للآمال وربّما ضارا".

وكتب رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك على إكس "الصداقة تعني الشراكة..الشراكة تعني تعرفات متبادلة"، مشيرا إلى أنه "من الضروري اتخاذ قرارات مناسبة".

الجميع استفادوا

قال وزير الخارجية الدنماركي لارس لوك راسموسن إنّ "الجميع استفادوا من التجارة العالمية.. لا أفهم لماذا تريد الولايات المتحدة شنّ حرب تجارية على أوروبا.. لا أحد ينتصر، الجميع خاسرون"، مؤكدا أنّ "أوروبا ستبقى موحّدة..أوروبا ستقدّم ردودا قوية ومتناسبة".

وأعرب رئيس الوزراء الإيرلندي مايكل مارتن عن "أسفه الشديد" لفرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسوما جمركية بنسبة 20% على واردات بلاده من الاتّحاد الأوروبي، داعيا الدول الـ27 الأعضاء في التكتّل إلى الردّ على واشنطن بطريقة "متناسبة".

وأعلنت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني أنّ رسوم ترامب "إجراء سيّئ"، محذّرة من أنّ اندلاع حرب تجارية لن يؤدّي إلا إلى إضعاف الغرب.

وقالت ميلوني في بيان إنّ "فرض الولايات المتحدة رسوما جمركية على الاتحاد الأوروبي إجراء أعتبره خاطئا ولا يصبّ في مصلحة أيّ من الطرفين.. سنبذل قصارى جهدنا للتوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة لتجنب حرب تجارية ستؤدّي حتما لإضعاف الغرب لصالح جهات فاعلة عالمية أخرى".

الأولوية للمصالح

أكدت الرئيسة كارين كيلر-سوتر التي فرض ترامب على بلادها رسوما جمركية بنسبة 31% أنّ "المصالح الاقتصادية الطويلة الأمد للبلاد تشكّل الأولوية".

وأشارت إلى أنّ "احترام القانون الدولي والتجارة الحرة أمران أساسيان"، ولفتت إلى أنّ برن "ستحدّد بسرعة ما سيأتي بعد ذلك".

وأعلنت الصين الخميس أنها "تعارض بشدة" الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة على صادراتها، متعهدة باتخاذ "تدابير مضادة لحماية حقوقها ومصالحها".

وقالت وزارة التجارة في بكين في بيان إن الرسوم الجمركية الأمريكية "لا تتوافق مع قواعد التجارة الدولية وتضر بشكل خطير بحقوق الأطراف المعنيين وبمصالحهم المشروعة".

الحرب باتت حقيقة

أعرب الرئيس بالإنابة هان داك سو عن أسفه لأن "حرب الرسوم الجمركية العالمية أصبحت حقيقة"، متعهدا بـ"استخدام جميع موارد الحكومة للتغلب على الأزمة التجارية".

وحذّرت اليابان الخميس من أنّ الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها ترامب قد تنتهك قواعد منظمة التجارة العالمية والمعاهدة التجارية المبرمة بين البلدين.

وأعلن وزير التجارة والصناعة الياباني يوجي موتو الخميس أنّ طوكيو أبلغت واشنطن بأنّ الرسوم الجمركية هي إجراء "مؤسف جدا".

خطة قوية

أعلنت رئيسة الوزراء التايلاندية بايتونغتارن شيناواترا الخميس أنّ بلادها لديها "خطة قوية" للتعامل مع الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على صادراتها إلى الولايات المتّحدة، مؤكدة أنّ بانكوك تأمل أن تنجح عبر التفاوض في خفض هذه التعرفات الباهظة البالغة نسبتها 36%.

وأعلن رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي أنّ رسوم ترامب "غير مبرّرة بتاتا" ومن شأنها أن تغيّر علاقة بلاده بالولايات المتّحدة.

وبعد أن فرض ترامب رسوما جمركية بنسب مختلفة على سائر شركاء بلاده التجاريين، ومن بينها أستراليا التي بلغت نسبة الرسوم على صادراتها إلى الولايات المتحدة 10%، قال ألبانيزي إنّ "هذه الرسوم ليست غير متوقعة، لكن دعونا نكن واضحين: إنّها غير مبررة بتاتا"، مشدّدا على أنّ هذه الرسوم "ستكون لها عواقب على نظرة الأستراليين لهذه العلاقة".

رد كندي وبرازيلي

تعهّد رئيس الوزراء الكندي مارك كارني بالردّ على رسوم ترامب، معتبرا أنها "ستغيّر جذريا" التجارة الدولية.

وقال كارني في أوتاوا "سنتصدى لهذه الرسوم الجمركية بإجراءات مضادة"، معتبرا أن الرسوم على الصلب والألمنيوم والسيارات "ستؤثر مباشرة على ملايين الكنديين".

وأقرّ البرلمان البرازيلي قانونا يجيز للحكومة اتّخاذ إجراءات للردّ على أيّ قيود تجارية تعرقل صادرات البلاد، بينما قالت حكومة الرئيس اليساري لويس إيناسيو لولا دا سيلفا إنها "تأسف للقرار الذي اتّخذته الحكومة الأمريكية اليوم بفرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 10% على كلّ الصادرات البرازيلية".

وأضافت أنّها "بصدد تقييم كلّ الإجراءات الممكنة لضمان المعاملة بالمثل في التجارة الثنائية، بما في ذلك اللجوء إلى منظمة التجارة العالمية".

واعتبر الرئيس الكولومبي غوستافو بترو أنّ "الحكومة الأمريكية تعتقد أنّ زيادة الرسوم الجمركية على وارداتها عموما قد تزيد الإنتاج والثروة والعمالة.. برأيي، قد يكون هذا خطأ فادحا".

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية