اللاجئون في أوروبا بين الحماية الدولية والسيادة الوطنية.. جدل مستمر ومواقف متباينة

اللاجئون في أوروبا بين الحماية الدولية والسيادة الوطنية.. جدل مستمر ومواقف متباينة
لاجئون في أوروبا

في المسافة المتوترة بين القانون والسياسة، وبين القيم الأخلاقية وهواجس الأمن، يتشكل من جديد جدل الهجرة في القارة الأوروبية، وقد أخذ طابعًا أكثر تصعيدًا مع تصريحات وزير الداخلية الألماني ألكسندر دوبريندت، التي دعت إلى توافق أوروبي شامل يسمح بإعادة طالبي اللجوء المرفوضين إلى دول ثالثة "آمنة".

تلك التصريحات، التي جاءت في خضم اشتداد النزاعات السياسية حول ملف الهجرة، لم تمر مرور الكرام، بل فجّرت نقاشًا معقدًا تتقاطع فيه الأبعاد القانونية، والإنسانية، والأمنية، والديمغرافية، والاقتصادية، في لوحة أوروبية باتت مثقلة بالخوف من المجهول وتضارب المصالح.

لم ينتظر دوبريندت، الذي تسلم مهام منصبه حديثًا، طويلًا ليعلن عن توجه حاد في سياسة بلاده، ففعّل فورًا رقابة حدودية مشددة وأمر بإعادة طالبي اللجوء، باستثناء الفئات الأكثر هشاشة، مثل النساء الحوامل والأطفال. 

خطوة أثارت قلق الجيران الأوروبيين، لكن جوهر الجدل لا يكمن فقط في الممارسة، بل في الفكرة ذاتها: ما هي "الدولة الآمنة" التي يمكن ترحيل اللاجئين إليها؟ وهل يمكن للأمان أن يُقاس بمعايير سياسية؟ أم أن الأمن نسبي، يتشكل في ضمير اللاجئ كما في قوانين الحماية الدولية؟

وفق المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإن "الدولة الآمنة" هي تلك التي توفر ضمانات قانونية وحقوقية تحمي اللاجئين من الاضطهاد أو الإعادة القسرية، وتملك نظامًا شفافًا وعادلًا لمعالجة طلبات اللجوء لكنها، كما تؤكد المنظمة، ليست قائمة موحدة تصلح للتعميم، إذ تختلف باختلاف السياق السياسي والحقوقي.

تستخدم بعض الدول الأوروبية مفهوم "الدولة الثالثة الآمنة" للإشارة إلى بلد يمكن لطالبي اللجوء أن يُعادوا إليه لأنه "كان بإمكانهم طلب الحماية فيه" قبل الوصول إلى أوروبا، إلا أن المفوضية تحذر من التساهل في هذا التوصيف، فحتى دول مثل تونس والمغرب وتركيا، التي تُطرح أحيانًا كوجهات بديلة، تفتقر إلى نظام لجوء متكامل يضمن احترام المعايير الدولية، بحسب تقارير صادرة عن "هيومن رايتس ووتش" ومنظمات مراقبة أوروبية.

في العمق، يتصادم مقترح الوزير الألماني مع مبدأ "عدم الإعادة القسرية" المنصوص عليه في المادة 33 من اتفاقية جنيف لعام 1951، والذي يحظر على الدول إعادة أي شخص إلى مكان قد يتعرض فيه للخطر أو الاضطهاد، وقد أعادت منظمات حقوقية التذكير بأن هذا المبدأ ليس ثانويًا أو قابلًا للمساومة، بل هو حجر الزاوية في نظام الحماية الدولي.

وجهة نظر القانون الدولي

التساؤل القانوني المحوري هو: هل يحق لدولة ما أن ترحل طالب لجوء إلى دولة ليست بلده الأصلي؟ الجواب من وجهة نظر القانون الدولي مشروط.. وهو نعم، إن توفرت معايير صارمة تتعلق بسلامة الدولة المستقبِلة وضمانها لحقوق الإنسان، لكن في الواقع، يندر أن تُستوفى هذه الشروط بالكامل، على سبيل المثال، المبادرة الإيطالية لترحيل اللاجئين إلى ألبانيا لا تزال معلقة بسبب طعون قضائية، بينما تخلّت بريطانيا نهائيًا عن خطة ترحيل اللاجئين إلى رواندا بعد صعود حكومة جديدة.

إن تحويل دول أخرى إلى "مناطق انتظار" لطالبي اللجوء، كحل وسط للهروب من مواجهة واقع النزاعات والهجرات المناخية والاقتصادية، لا يلبّي سوى الحاجة السياسية للتهدئة الداخلية في دول مثل ألمانيا والنمسا والدنمارك، لكنه لا يقدم حلًا مستدامًا أو إنسانيًا، وبحسب بيانات (يوروستات)، فقد انخفضت طلبات اللجوء في ألمانيا بنسبة 35% في الأشهر الأربعة الأولى من عام 2025 مقارنةً بنفس الفترة من العام السابق، ما اعتبره دوبريندت مؤشرًا على “نجاح سياسة الردع”، لكن هل الردع يعني الأمان؟ وهل الانخفاض ناتج عن استقرار الأوضاع في بلدان المنشأ أم عن تفاقم المخاطر في طريق اللجوء؟

هنا تتجلى المفارقة: بينما يُحتفى بتراجع أرقام اللاجئين كنجاح سياسي، تصرخ منظمات الإغاثة من تضاعف حالات الاختفاء والانتهاكات في الممرات الحدودية، وفي تقرير حديث أصدرته منظمة "سي ووتش"، أُشير إلى أن أكثر من 3000 شخص لقوا حتفهم أو فُقدوا في البحر المتوسط خلال عام 2024، وهو أعلى رقم منذ 2017.

الحوار الأوروبي حول الهجرة أصبح شبيهًا بشد الحبل بين سيادتين؛ سيادة الحدود من جهة، وسيادة الضمير من جهة أخرى، حيث يسعى الاتحاد الأوروبي لإيجاد معادلة تحفظ له السيطرة على تدفقات الهجرة، وفي الوقت ذاته لا تطيح بمكانته الأخلاقية كحصن للقيم الليبرالية. لكن الحقيقة أن هذا التوازن هش، ويكاد ينهار تحت وطأة التجاذبات الداخلية.

خلاف بين دول الاتحاد

الخلاف بين دول الاتحاد بشأن مقترحات المفوضية الأوروبية، التي تسمح برفض طلبات اللجوء المقدمة من أشخاص مرّوا عبر دول ثالثة "آمنة"، لا يعكس فقط تفاوتات سياسية، بل يفضح هشاشة مفهوم "الوحدة" الأوروبية حين يتعلق الأمر بالقيم الجوهرية، فبينما تؤيد دول مثل فرنسا والنمسا والتشيك هذا النهج، تعارضه بقوة بلدان أخرى كإسبانيا والبرتغال والسويد، مستندة إلى التزامها الصارم بالقانون الدولي.

في عام 2023، بلغ عدد طلبات اللجوء المقدمة في دول الاتحاد الأوروبي نحو 1.14 مليون طلب، بزيادة قدرها 18% مقارنة بعام 2022، وفقًا لبيانات المكتب الأوروبي للإحصاء (يوروستات)، وتتصدر ألمانيا قائمة الدول المستقبلة، حيث تلقت وحدها أكثر من 351 ألف طلب لجوء، ما يعادل نحو 30% من إجمالي الطلبات داخل الاتحاد.

لكن رغم هذه الأرقام، فإن نسبة من حصلوا على الحماية الدولية لم تتجاوز 42% من مجموع المتقدمين، ما يعني أن أكثر من نصف طالبي اللجوء معرضون للترحيل أو الرفض، وهنا تتفجر الأسئلة الأخلاقية: ما مصير اللاجئ الذي يُعاد إلى دولة ليست له؟ من يتحمل مسؤولية أي انتهاك قد يتعرض له؟ وما الضمانات التي يمكن تقديمها لعائلات مشتتة وقلقة في بلاد النزاع؟

أوروبا اليوم أمام منعطف تاريخي يعيد طرح أسئلة تأسيسية عن هوية القارة، عن مدى استعدادها لاحترام تعهداتها في ظل ما تسميه “الضغوط الواقعية”، وهل يصبح اللاجئ مجرد رقم يُعاد توجيهه خارج الحدود، أم يبقى إنسانًا تَحمِلُ مأساته صوتًا يفرض على القانون أن يُصغي لا أن يُعيد التوجيه فقط؟

في هذا السياق، تؤكد المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أن الحل لا يكمن في الترحيل، بل في تعزيز التعاون التنموي مع دول المنشأ، وتوسيع قنوات الهجرة الشرعية، وتقديم مساعدات إنسانية حقيقية في مناطق الأزمات، بدلًا من تحويل العبء إلى أطراف غير مستعدة، كما دعت المنظمات إلى اعتماد نظام توزيع عادل لطالبي اللجوء بين الدول الأوروبية، بما يكفل التوازن والمسؤولية الجماعية.

ورغم تعدد الأصوات المنادية بالتغيير، فإن الواقع يظهر أن أكثر من 90 ألف شخص تم ترحيلهم قسرًا من دول الاتحاد الأوروبي في عام 2023 وحده، وفقًا لتقرير الوكالة الأوروبية للحدود وخفر السواحل (فرونتكس). وغالبًا ما يتم ترحيل اللاجئين إلى بلدان تعاني من هشاشة سياسية أو اقتصادية، أو إلى "دول ثالثة" لم تُختبر قدرتها الفعلية على ضمان حقوق الإنسان.

المشهد العام يوحي بأن أوروبا تتجه نحو إعادة تعريف سياستها الحدودية ليس فقط تقنيًا، بل مفهوميًا. حيث لم تعد حدودها مجرد خطوط جغرافية، بل باتت تُرسم وفق قيم سياسية متغيرة ومصالح ظرفية، وفي هذا السياق، يحذر المراقبون من أن استخدام "الدول الآمنة" كحل وسط سيؤدي إلى انزلاق أخلاقي قد يصعب الرجوع عنه، ويفتح الباب لمزيد من الانتهاكات بحق الفئات الأضعف.

وتؤكد منظمة العفو الدولية أن نحو 53% من الدول المصنفة "آمنة" من قبل بعض الحكومات الأوروبية، مثل تونس والمغرب وألبانيا، سجلت انتهاكات ممنهجة ضد حرية التعبير أو تعرض اللاجئين للعنف أو الاحتجاز التعسفي، ما يجعل من هذا التصنيف أداة سياسية أكثر منه معيارًا موضوعيًا.

على أرض الواقع، تزداد الضغوط على الحكومات الأوروبية من اليمين الشعبوي الذي يرى في وجود اللاجئين تهديدًا ثقافيًا وأمنيًا، ومن الشارع الذي يشعر بالإرهاق من أزمات متتالية. ففي استطلاع أجراه البرلمان الأوروبي نهاية 2023، أعرب 58% من الأوروبيين عن قلقهم من "عدم قدرة الاتحاد على التحكم في حدود الهجرة"، في حين أبدى 41% تخوفهم من "تأثير الهجرة على الهوية الوطنية".

لكنّ الحلول المرتجلة قد تؤدي إلى كوارث إنسانية جديدة، تُضاف إلى سجلٍ مثقلٍ أصلاً بدماء المهاجرين ومآسي الناجين، ففي عام 2023 فقط، توفي أكثر من 3,105 مهاجرين أثناء محاولتهم عبور البحر المتوسط، بحسب المنظمة الدولية للهجرة (IOM)، وهي أعلى حصيلة تُسجل منذ عام 2017.

الدولة الآمنة

في وقتٍ تتزايد فيه التحديات المرتبطة بالهجرة واللجوء في المنطقة، ألقى الدكتور عبد المنعم الحر، رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان في ليبيا، الضوء على مفهوم "الدولة الآمنة" من منظور القانون الدولي الإنساني، مؤكداً أن هذا المفهوم لا يُقاس بمستوى الرفاهية أو التقدم الذي تحققه الدولة، بل بمدى ما تشكله من تهديد –مباشر أو غير مباشر– على حياة طالب اللجوء.

وأوضح الدكتور الحر، في تصريحات خاصة لـ"جسور بوست"، أن الدولة تُعد آمنة إذا لم تشكّل خطرًا على حياة اللاجئ أو تهدد حريته بأي شكل من أشكال الاضطهاد، سواء كان ذلك عرقيًا أو دينيًا أو سياسيًا، كما شدد على ضرورة التمييز بين طالب اللجوء الذي يفرّ من بلده طلبًا للأمان، وبين المهاجر غير الشرعي الذي ينتقل لأسباب اقتصادية أو اجتماعية، معتبراً أن خلط المفهومين يؤدي إلى إشكالات قانونية وإنسانية خطيرة.

وأكد أن إعادة طالب اللجوء إلى البلد الذي فرّ منه تُعدّ انتهاكًا صريحًا لمبدأ "عدم الإعادة القسرية"، أحد المبادئ الراسخة في القانون الدولي، والذي يحظر ترحيل الأفراد إلى أماكن قد يواجهون فيها خطرًا حقيقيًا على حياتهم أو حريتهم.

وفي ما يخص الوضع الليبي، أشار الدكتور الحر إلى أن ليبيا لم تصادق على اتفاقية عام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين، ما يضع علامات استفهام قانونية حول عمل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين داخل الأراضي الليبية، خاصة بعد إلغاء مذكرة التفاهم مع السلطات في عام 2010، وأوضح أن ليبيا تُعد محطة عبور رئيسية للاجئين نحو أوروبا، مما يجعل من الضروري أن تُفعّل المفوضية دورها في إعادة توطين هؤلاء الأشخاص في دول ثالثة موقعة على الاتفاقية، وتضمن لهم الحماية الكاملة.

وأضاف: "إعادة اللاجئين إلى بلدانهم الأصلية لا يمكن أن تكون خيارًا قانونيًا أو أخلاقيًا في ظل غياب الضمانات المتعلقة بحقوق الإنسان"، مؤكداً أن الدول المستقبِلة للاجئين ملزمة، بحكم توقيعها على الاتفاقيات الدولية، بتأمين الحماية القانونية والاجتماعية الكاملة لهم، لا سيما في ظل هشاشتهم النفسية والمعيشية.

وتطرّق الدكتور الحر إلى الإشكالية الكبرى التي تواجهها الدول الأوروبية في تحقيق التوازن بين حماية حدودها وسيادتها من جهة، واحترام حقوق الإنسان من جهة أخرى، ورأى أن هذه الدول، رغم تمتعها بحق ممارسة السيادة على أراضيها، مطالبة بالالتزام بالمبادئ الكونية التي أقرّتها الأمم المتحدة، ليس فقط بوصفها التزامات قانونية، بل باعتبارها جزءًا من منظومتها القيمية والسياسية، وختم بالقول إن التوفيق بين مقتضيات الأمن القومي وضرورات الحماية الإنسانية ليس خيارًا، بل ضرورة تمليها التحديات العالمية المعقدة.

ترحيل اللاجئين بين وهم "الدول الآمنة" ومخاطر الانتهاكات

قال الدكتور أيمن زهري، أستاذ الهجرة والسياسات الدولية في الجامعة الأمريكية ببيروت، والحاصل على درجة الدكتوراه في دراسات الهجرة من جامعة ساسيكس، والمستشار لدى الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، إن مفهوم "الدول الآمنة" الذي يُستخدم كأساس قانوني وسياسي في ترحيل طالبي اللجوء من دول أوروبا، هو مفهوم إشكالي بطبيعته، ويثير تساؤلات عميقة حول مدى التزام الدول المضيفة بالمعايير الحقوقية الدولية.

وأوضح في تصريحات ل"جسور بوست"، أن ما يُقصَد بالدول الآمنة، بحسب السياسات الأوروبية السائدة، هي تلك البلدان التي لا تشهد نزاعات مسلحة واسعة النطاق أو انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، والتي يُفترض أنها قادرة على توفير الحد الأدنى من الحماية القانونية والمعيشية للأشخاص المرحَّلين إليها. غير أن هذا التصنيف، في نظره، يبقى نسبيًا، لأن مفهوم "الأمان" لا يمكن حصره في غياب القتال أو الحرب فحسب، بل يجب أن يشمل أيضًا قدرة الدولة على احترام حقوق طالبي اللجوء، وحمايتهم من الإعادة القسرية إلى بلدانهم الأصلية، وهو ما يُعدّ مبدأ أساسيًا في القانون الدولي، وبالتحديد في اتفاقية جنيف لعام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين.

وفيما يتعلق بالشق القانوني لمسألة الترحيل، أشار الدكتور زهري إلى أن بعض الدول الأوروبية تعتمد على اتفاقات ثنائية أو ترتيبات إقليمية لترحيل طالبي اللجوء إلى ما يُسمّى بـ"دول ثالثة آمنة". ومع أن هذا الإجراء قد يبدو قانونيًا من الناحية الشكلية، فإنه مشروط بمجموعة من الضمانات الأساسية، وعلى رأسها عدم تعريض المرحّلين لأي خطر من أشكال الاضطهاد، أو إعادتهم إلى بلدانهم الأصلية التي فرّوا منها. ومع ذلك، فإن هذه الممارسات لا تمر دون طعن واعتراض، بل كثيرًا ما تكون محل نزاع أمام المحاكم الأوروبية، خصوصًا عندما يتم تنفيذ عمليات الترحيل بشكل جماعي، ودون فحص دقيق للظروف الفردية لكل طالب لجوء، وهو ما يُعد خرقًا جوهريًا للمعايير القانونية والإنسانية المعتمدة.

وتطرّق زهري إلى المخاطر الواقعية التي قد يتعرض لها اللاجئون بعد ترحيلهم، مؤكدًا أن كثيرًا من "الدول الآمنة" التي تُستخدم كوجهات للترحيل، تفتقر فعليًا إلى أنظمة لجوء فعالة أو شفافة، ما يجعل اللاجئين عرضة للانتهاكات، ويفقدهم الحماية القانونية والرقابة الدولية. وأشار إلى أن هذه الظروف قد تؤدي في بعض الحالات إلى إعادتهم القسرية إلى بلدانهم الأصلية، وهو ما يُعتبر انتهاكًا مباشرًا للقانون الدولي، فضلًا عن الظروف المعيشية القاسية، وغياب الرعاية الصحية والخدمات الأساسية، وهو ما يزيد من هشاشة أوضاعهم الإنسانية والاجتماعية.

أما في ما يخص التوازن المطلوب بين حماية الحدود واحترام حقوق الإنسان، فقد اعتبر الدكتور زهري أن هذا التوازن لا ينبغي أن يكون وهميًا أو تنازليًا، بل يجب أن يُبنى على أساس من التعاون الدولي المسؤول. وأكد على ضرورة تعزيز التنسيق مع دول المصدر والعبور، ولكن دون تحويل هذه الدول إلى "مخازن بشرية" يُكدّس فيها اللاجئون بعيدًا عن الأنظار والرقابة. ودعا في هذا السياق إلى ضرورة توفير إجراءات لجوء عادلة وفعالة وسريعة، تراعي الكرامة الإنسانية والخصوصيات الفردية لكل حالة، وتشمل إشراك المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية في مراقبة تنفيذ هذه السياسات، وضمان التزامها بالمعايير الدولية.

وختم زهري تصريحه بالتأكيد على أن حماية الحدود لا تتناقض مع حماية الحقوق، بل إن غياب العدالة في التعامل مع اللاجئين لا يُضعف فقط مكانة الدول على الساحة الدولية، بل يقوّض أيضًا منظومة القيم التي تدّعي حمايتها. وأضاف أن إعادة بناء الثقة بين الدول والمجتمعات المهاجرة يبدأ من احترام إنسانية الإنسان، لا من ترحيله إلى المجهول.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية