مسيرات صامتة في فرنسا تخليداً لذكرى مقتل تونسي في هجوم عنصري

مسيرات صامتة في فرنسا تخليداً لذكرى مقتل تونسي في هجوم عنصري
مسيرات في فرنسا تخليداً لذكرى التونسي هشام الميراوي

 

خرج نحو ألفي شخص، الأحد، في مسيرتين صامتتين في جنوب فرنسا، تخليداً لذكرى التونسي هشام الميراوي الذي قُتل في 31 مايو على يد جاره الفرنسي في هجوم اعتبرته السلطات "إرهابياً وعنصرياً"، في حادثة أعادت إلى الواجهة الجدل حول تصاعد خطاب الكراهية في البلاد.

مسيرة حاشدة 

سار نحو 1600 شخص، بحسب الشرطة، في مدينة بوجيه-سور-أرجان حيث وقعت الجريمة، انطلقوا من محل تصفيف الشعر الذي كان يعمل فيه الميراوي، وصولاً إلى مقر البلدية، وتقدّم المسيرة عدد من سكان المدينة وأصدقاء الضحية خلف لافتة بيضاء كُتب عليها بالأخضر: "ارقد في سلام يا هشام، صاحب القلب الطفولي الذي حضنته البلدة" وفق فرانس برس.

قال مجيد الليلي، موظف بلدي وأحد منظمي المسيرة، إن "المسيرة غير سياسية.. إنها لحظة تأمل وصمت"، وأضاف: "لا يجب أن تتكرر جريمة عنصرية كهذه على الأراضي الفرنسية، كفّوا عن الحديث عن الهجرة من شمال إفريقيا وكفّوا عن التركيز على المسلمين أو اليهود، دعونا نعد إلى مبادئ الجمهورية".

أطياف سياسية متنوعة

شهدت المسيرة مشاركة لافتة من شخصيات سياسية من مختلف التيارات، بينهم جولي لوشانتو، النائبة عن حزب "التجمّع الوطني" اليميني المتطرف، إلى جانب دومينيك سوبو، رئيس منظمة "SOS Racisme" المناهضة للعنصرية، ونواب من تيارات اليسار المتشدد.

ورأى مراقبون أن هذا التنوّع السياسي يعكس إدراكًا متزايدًا بأن جرائم الكراهية باتت تهديداً يمس النسيج الوطني في فرنسا، وأن المواقف المتطرفة لم تعد حكرًا على فئة دون أخرى.

مسيرة ثانية في مرسيليا

نُظمت في مدينة مرسيليا، التي تحتضن جالية مغاربية واسعة، مسيرة صامتة شارك فيها نحو 450 شخصًا وفقًا للشرطة.. ورفع المتظاهرون لافتة كتب عليها: "العنصرية تقتل مجدداً.. العدالة لهشام".

وشهدت المسيرة مشاركة جيران وأقارب للضحية، من بينهم رجل تركي أصيب خلال الهجوم، وابنة عم هشام الميراوي، منى الميراوي، التي قالت وهي تحاول حبس دموعها: "ما فعلوه حقير، نطالب بالعدالة"، وأضافت: "ليس لأننا لا نحمل الجنسية نفسها أو لا نؤمن بالدين نفسه يجب أن نُقتل. هذه جريمة كراهية صريحة".

جريمة صادمة.. وتفاصيل مروعة

وقعت الجريمة في 31 مايو عندما أطلق كريستوف ب.، البالغ من العمر 53 عامًا، النار على هشام الميراوي من داخل سيارته، بحسب ما أعلنت النيابة العامة المختصة بمكافحة الإرهاب، وكان الجاني قد نشر مقاطع فيديو ذات محتوى عنصري على حسابه في فيسبوك، قبل تنفيذ الهجوم وبعده.

وبحسب التحقيقات، اعترف الجاني بإطلاق النار لكنه أنكر الطابع العنصري للجريمة، رغم الأدلة الرقمية، ووجّه إليه قاضي التحقيق تهمة القتل الإرهابي بدافع عنصري، بعد احتجازه في السجن الاحتياطي الخميس الماضي.

هشام الميراوي ضحية جرائم الكراهية

ينحدر هشام الميراوي من أصول تونسية، وكان يعيش ويعمل في بوجيه-سور-أرجان كمصفف شعر معروف في الحي ومحبوب من الجيران، وصفه أصدقاؤه بأنه "هادئ ومحب للحياة"، وقالوا إنه لم يُظهر قط أي مشكلات مع أحد.

تُعد جريمة قتله مثالًا صارخًا على تنامي خطابات الكراهية والعنصرية في فرنسا، لا سيما ضد المهاجرين المسلمين والمواطنين من أصول مغاربية، كما أعادت الحادثة إلى الأذهان جرائم سابقة أثارت جدلًا واسعًا في البلاد، من بينها جريمة حرق الشاب نائل، وقتل المدرّس صامويل باتي، في ظل مناخ سياسي مشحون ومشهد إعلامي مستقطب.

طالبت منظمات حقوقية وأفراد من عائلة الضحية بفتح تحقيق شفاف وشامل، وأكدت منظمة SOS Racisme أن "تنامي الخطاب العنصري في الإعلام والسياسة لم يعد مجرد كلمات، بل أصبح محفزًا لجرائم قاتلة".



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية