تقرير دولي: التضليل المناخي يعرقل الحلول ويزيد تفاقم الأزمة

تقرير دولي: التضليل المناخي يعرقل الحلول ويزيد تفاقم الأزمة
أزمة تغير المناخ

 

حذّر تقرير دولي جديد من أن المعلومات المضللة بشأن أزمة المناخ تُفاقم الوضع وتُعرقل الحلول العاجلة، في ظل جهود منظمة من شركات الوقود الأحفوري، وسياسيين يمينيين، وروبوتات رقمية تستهدف تشويه الحقائق.

مراجعة علمية لـ 300 دراسة

وذكرت صحيفة "الغارديان" البريطانية في تقرير لها الخميس أن اللجنة الدولية المعنية ببيئة المعلومات (IPIE) أجرت مراجعة منهجية لأكثر من 300 دراسة علمية، كشفت فيها أن إنكار التغير المناخي تطور إلى استراتيجية خفية أكثر خطورة، تستهدف الحلول لا الحقائق فقط، مثل التشكيك في فعالية الطاقة المتجددة أو ادعاء تسببها في أزمات الطاقة.

وقال الدكتور كلاوس جنسن من جامعة كوبنهاغن، أحد قادة الدراسة: “إذا لم تكن لدينا المعلومات الصحيحة، كيف سننتخب السياسيين الصائبين؟ وكيف سنصنع السياسات المناخية؟.. بدون تصحيح مسار المعلومات المستقبل مظلم”.

وأضاف جنسن: "المشكلة ليست فقط في الأكاذيب، بل في المؤسسات التي تنشرها، وتلك التي تصمت عنها. لا وقت للارتباك، أمامنا أقل من خمس سنوات لنقلب المعادلة".

الأكاذيب تنتشر بسرعة تفوق العلم

أشار التقرير إلى دور متزايد للروبوتات الرقمية والمُتصيدين في نشر الأكاذيب، وتضخيم الرسائل المشككة في التغير المناخي أو المستهزئة من السياسات الخضراء، لافتاً إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت ميدانًا مركزيًا لتضليل الرأي العام، مما دفع منظمة اليونسكو إلى التحذير من مدى الانتشار الواسع للتضليل البيئي على المنصات الرقمية.

الأمم المتحدة: “التحريف المناخي” جريمة

ودعت إليسا مورغيرا، المقررة الخاصة لحقوق الإنسان وتغير المناخ إلى تجريم التضليل البيئي، ووصفت ما تفعله شركات الوقود الأحفوري بأنه “خداع مستمر منذ عقود”، داعية إلى إزالة تأثيرها من الأنظمة الإعلامية.

في السياق نفسه، حثّ الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، على حظر الإعلانات التي تروّج لصورة زائفة عن هذه الشركات، واصفًا إياها بـ“عرّابي فوضى المناخ”.

من “إنكار المناخ” إلى “تزييف الحلول”

رصد التقرير تطورًا في نمط التضليل، من إنكار وجود تغير مناخي، إلى تشويه الحلول المقترحة مثل الطاقة الشمسية والرياح والتنقل النظيف، كما أشار إلى استخدام الدعاية الخضراء الزائفة من قِبل بعض الشركات التي تحاول تبييض سمعتها.

قال التقرير: “التحول الماكر في التكتيكات جعل المعلومات المُضللة أكثر تأثيرًا، لأنها تضرب في صميم القرارات السياسية والشعبية”.

تضليل منهجي تقوده جهات صناعية ويمين سياسي

أشار التقرير إلى ممارسات “خداع مزدوج” من شركات الوقود الأحفوري، إذ تنكر مسؤوليتها في الأزمة من جهة، وتقدم نفسها كمستدامة بيئيًا من جهة أخرى.

كما حذر التقرير من دور الأحزاب اليمينية الشعبوية، مثل حزب “البديل من أجل ألمانيا” (AfD) و“فوكس” الإسباني و“التجمع الوطني” الفرنسي، التي تتبنّى إنكارًا ممنهجًا لعلم المناخ وتروج لنظريات مؤامرة، مثل أن حرائق كاليفورنيا مفتعلة لهدم أنفاق الاتجار بالبشر.

المبادرات الأممية تتصاعد

في مؤتمر بون المناخي، ستقود البرازيل، المستضيفة المرتقبة لقمة COP30، تحالفًا دوليًا لدعم مبادرة “سلامة المعلومات المناخية”، بمشاركة فرنسا وبريطانيا وتشيلي والمغرب ودول أخرى، في مواجهة سيل الأكاذيب الإلكترونية.

يقترح التقرير حزمة من الإجراءات، تشمل: تنظيم المحتوى على منصات التواصل كما يفعل الاتحاد الأوروبي حاليًا، وإلزام الشركات بالإفصاح الدقيق عن الانبعاثات، وكذلك ملاحقة قضائية لمروجي التضليل، إضافة إلى تحسين التثقيف المناخي.

منذ عقود، استخدمت صناعة الوقود الأحفوري استراتيجيات إعلامية شبيهة بحملات شركات التبغ، لترسيخ الشك العام حول العلم، لكن اليوم، الإنكار العلني تراجع، وظهر شكل جديد من التضليل ممثلا في الشك في نجاعة الحلول، والتحريض على التردد، والتقليل من شأن التهديدات.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية