مبادرة دبلوماسية للجم التصعيد.. دول أوروبية تلتقي بإيران في جنيف
مبادرة دبلوماسية للجم التصعيد.. دول أوروبية تلتقي بإيران في جنيف
يعقد وزراء خارجية فرنسا وبريطانيا وألمانيا ومسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي اجتماعاً رفيع المستوى، غداً الجمعة، مع نظيرهم الإيراني في جنيف، في محاولة لإحياء المفاوضات النووية ولجم التصعيد المتصاعد بين إسرائيل وإيران.
ويأتي اللقاء في ظل تحذيرات دولية من أن الضربات الإسرائيلية على منشآت نووية إيرانية قد تؤدي إلى انفجار إقليمي، وسط تهديدات متزايدة باتخاذ خطوات عسكرية ضد طهران.
وأكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، في بيان نشرته وكالة "إرنا" الرسمية، أن الاجتماع مع الدول الأوروبية يُعقد غداً الجمعة في جنيف، بالتنسيق مع ممثلي الاتحاد الأوروبي.
وأشار إلى أن بلاده مستعدة "للاستماع إلى الطروحات الأوروبية"، دون تقديم مزيد من التفاصيل عن بنود التفاوض المحتملة.
أقر دبلوماسيون أوروبيون بوجود المحادثات، وأشاروا إلى مشاركة وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، والبريطاني ديفيد لامي، والألماني يوهان فاديفول، إلى جانب مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، التي شدّدت أخيراً على أهمية الدبلوماسية كونها أداة لتفادي انفجار عسكري.
التخصيب والمخاوف من "القنبلة"
زادت المخاوف الغربية بعد أن أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران خصّبت اليورانيوم بنسبة 60%، وهي نسبة تقترب من العتبة الحرجة لصنع سلاح نووي (90%).
وتجاوزت طهران بذلك الحد المنصوص عليه في الاتفاق النووي لعام 2015، والذي حدد التخصيب عند 3.67% لأغراض سلمية.
وأعلنت إسرائيل أن ضرباتها المكثفة على المنشآت النووية الإيرانية تهدف إلى "منع الجمهورية الإسلامية من امتلاك سلاح نووي"، في حين ردّت طهران بإطلاق صواريخ وطائرات مسيّرة على أهداف إسرائيلية، ما دفع أطرافاً دولية إلى دق ناقوس الخطر من اتساع النزاع.
محادثات جانبية ومواقف غامضة
واصل وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي تحركاته بالتوازي مع المحادثات في جنيف، حيث أجرى في واشنطن لقاء مع نظيره الأمريكي ماركو روبيو، ناقشا خلاله الملف الإيراني، بحسب ما أعلنت وزارة الخارجية البريطانية.
ولم تُصدر واشنطن بعد موقفاً واضحاً حول المشاركة المباشرة في محادثات جنيف، خاصة في ظل تعقيدات الموقف الداخلي الأمريكي مع قرب الانتخابات الرئاسية.
وألمح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى إمكانية اللجوء إلى الخيار العسكري ضد إيران، قائلاً إن “التهديد النووي الإيراني لا يمكن التساهل معه”. ويخشى مراقبون أن التصعيد قد يستخدم ورقة ضغط انتخابي في الحملات الأمريكية.
الدفع باتجاه حل شامل
أطلق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مبادرة دبلوماسية جديدة تقضي بطرح "حل تفاوضي شامل" لإنهاء الحرب بين إسرائيل وإيران، وتخفيف التوتر في المنطقة.
وطلب ماكرون من وزير خارجيته بارو "إطلاق مبادرة بالتنسيق مع الشركاء الأوروبيين"، مؤكداً أن فرنسا "لن تدّخر جهداً في منع اندلاع حرب شاملة".
وأبدى بارو استعداد بلاده إلى جانب بريطانيا وألمانيا "للمشاركة في مفاوضات جادة تدفع إيران للتراجع عن برنامجيها النووي والبالستي بشكل دائم"، مشيراً إلى أن تلك الجهود تتطلب وقفاً فورياً لإطلاق النار بين إيران وإسرائيل.
عودة إلى الاتفاق النووي
تمسّكت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس بضرورة العودة إلى روح الاتفاق النووي المبرم عام 2015، الذي انسحبت منه واشنطن في عام 2018، مؤكدة أن “الدبلوماسية تظل السبيل الأنجع لضمان عدم امتلاك إيران لسلاح نووي”.
واجه الاتفاق الأصلي انتقادات إسرائيلية حادة واعتُبر ضعيفاً من قبل قوى أمريكية محافظة، لكن في ظل التصعيد الراهن، بات الأوروبيون يعدّون إعادة التفاوض ضرورة ملحّة لتجنّب السيناريو الأسوأ.
جمود سياسي عالمي
تشهد منطقة الشرق الأوسط واحدة من أكثر مراحلها حساسية منذ عقود، وسط اندلاع الحرب في غزة، وتوسّع الاشتباك الإيراني الإسرائيلي، وعودة ملف السلاح النووي الإيراني إلى صدارة المشهد الدولي.
وتزداد المخاوف من انزلاق الوضع نحو حرب مفتوحة تشمل أطرافاً إقليمية ودولية على غرار الولايات المتحدة، روسيا، وتركيا.
وفي ظل هذا التوتر، يبرز التحرك الأوروبي كمحاولة جادة -وإن متأخرة- لإنقاذ الاتفاق النووي وتثبيت وقف لإطلاق النار، وتخفيف حدة المواجهة بين إيران وإسرائيل التي تهدد بجرّ المنطقة إلى صراع لا يمكن احتواؤه بسهولة.