بين الإكراه والسوق السوداء.. تركمانستان تسعى لتصبح "أول دولة خالية من التبغ"
بين الإكراه والسوق السوداء.. تركمانستان تسعى لتصبح "أول دولة خالية من التبغ"
منذ مراهقته، اعتاد كان بك مراد خودجاييف أن يختبئ من والديه ليدخن، واليوم، وبعد خمسين عاماً، لا يزال يخفي سيجارته، لكن هذه المرة عن أنظار شرطة تركمانستان التي كثّفت حملتها ضد التبغ، متعهدة بتحويل البلاد إلى "أول دولة خالية من التدخين" بحلول نهاية العام.
يقول العامل المتقاعد البالغ 64 عاماً: “أدخن داخل شقتي. أما في الخارج فأبحث عن أماكن بعيدة عن كاميرات المراقبة، مثل الأزقة أو خلف الأشجار، لأتجنب الغرامة”.
ويضيف: "سبق أن دفعت غرامة، ومنذ ذلك الحين أحاول ألا يتم رصدي"، بحسب ما ذكرت وكالة "فرانس برس"، اليوم الأربعاء.
منذ أن أطلق الرئيس السابق قربانقلي بردي محمدوف، الطبيب الذي رفع شعار "الحياة الصحية"، هدف القضاء على التدخين عام 2022، شددت السلطات إجراءاتها بشكل لافت.
فقد حظرت التدخين في معظم الأماكن العامة، وفرضت رسوماً جمركية مرتفعة، وقيوداً على الاستيراد لا تتجاوز عبوتين للفرد، كما ضاعفت الغرامات التي قد تصل إلى 200 مانات.
نسبة المدخنين لا تتعدى 4%
ورغم أن منظمة الصحة العالمية تشير إلى أن نسبة المدخنين في تركمانستان لا تتعدى 4%، فإن السلطات تسعى إلى إعلان "النصر الكامل" على التبغ خلال أشهر.
لكن الواقع يكشف صورة أكثر تعقيداً، فمع ندرة السجائر في المتاجر الرسمية، ظهرت أكشاك سرية تبيع منتجات مستوردة من دول مجاورة بأسعار باهظة، إذ يمكن أن تستهلك علبة واحدة ما يقارب 11% من متوسط الراتب الشهري.
ويؤكد شاب يبلغ 21 عاماً أنه يبيع السجائر "بالمفردة" لأن كثيرين لا يستطيعون شراء علبة كاملة.
مراكز لتقديم الاستشارات
إلى جانب الغرامات، أطلقت وزارة الصحة مراكز لتقديم الاستشارات المجانية لمساعدة المدخنين على الإقلاع، لكن الحملة تعتمد بشكل أساسي على الإكراه.
ويروي إلياس بياشيموف، رجل أعمال شاب، أنه قرر التوقف بعد أن غُرّم بينما كان يدخن في سيارته الخاصة. ويقول: "أخبرني الشرطي أن السيارة ملكي، لكن الموقف مكان عام."
في المقابل، لا يخفي بعض السكان شكوكهم بشأن قدرة السلطات على تحقيق هدفها. يقول عامل ستيني: "لن تختفي السجائر، لكنها ستصبح أغلى بكثير، وستتوسع السوق السوداء".
وتوافقه بائعة أربعينية بقولها: "ستبقى السجائر موجودة، لكن من سيشتريها بأسعار خيالية؟ النتيجة أن التدخين سيتراجع بشكل تلقائي".
غموض مصير التجربة
وبينما تسجل الحملة تقدماً ملحوظاً، يلف الغموض مصير هذه التجربة في بلد يتسم بالسرية، حيث يصعب التحقق من الأرقام والمعلومات.
ومع أن تركمانستان لم تعلن بعد نجاحها في "تحرير البلاد من التبغ"، فإنها مضت خطوة أبعد، بإطلاق خطة جديدة لمكافحة استهلاك الكحول بحلول عام 2028.