رغم التقدم المحرز.. ذوو البشرة السمراء يواجهون تحديات مجتمعية في المغرب
رغم التقدم المحرز.. ذوو البشرة السمراء يواجهون تحديات مجتمعية في المغرب
احتفل العالم أمس الأحد، باليوم الدولي للمنحدرين من أصل إفريقي، والذي يحتفى به في 31 أغسطس من كل عام، وهي مناسبة سلّطت الضوء على ظواهر اجتماعية صامتة في المغرب، تتمثل في أشكال من العنصرية والتنمر التي تستهدف ذوي البشرة السوداء، سواء كانوا مواطنين أو مهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء.
تتجلى هذه الممارسات غالبًا في تفاصيل الحياة اليومية: كلمات جارحة مثل “العزي” أو “الحرطاني”، نكات متداولة، أو نظرات استعلائية، تحمل في طياتها صورًا نمطية جاهزة، رغم أن المغرب تاريخيًا ظل فضاءً للتنوع والانفتاح على جميع الأعراق والثقافات، بحسب ما ذكر موقع "هيسبريس" المغربي، اليوم الاثنين.
عنصرية صامتة ومعقدة
أوضح رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، عبد الإله الخضري، أن الواقع مركب، فعلى الرغم من وجود إطار دستوري يقر بالمساواة ويجرم التمييز، فإن المظاهر اليومية تفضح استمرار نسختين من العنصرية، نسخة صريحة تتجلى في نعوت مهينة أو إقصاء مباشر، وأخرى مستترة وأكثر شيوعًا، تتمثل في المزاح الجارح والعبارات الموروثة والإشارات الإعلامية.
واعتبر أن هذا الشكل الأخير من العنصرية أخطر لأنه يمثل ما يُعرف بـ“الاعتداءات الصغرى” التي تُطبع مع الإهانة وتجعلها غير مرئية قانونيًا، فيتردد الضحايا في التبليغ عنها، مما يولّد إحساسًا بـ“اللامساواة الصامتة”.
وحذّر الخضري من أن هذه الظاهرة قد تكون سببًا مباشرًا في الانزواء أو السلوك العدواني لدى البعض، مؤكداً أن مواجهتها تتطلب مسارًا متدرجًا ومتكاملًا يجمع بين التربية والحماية والقوانين الرادعة، مع إدماج التربية على المساواة في المناهج، ووضع مدونات سلوك لغوي في المدارس والإعلام والملاعب، إلى جانب تمثيل إيجابي للمغاربة ذوي البشرة السوداء في السياسات العمومية.
جذور تاريخية وصور مغلوطة
من جانبه، شدد الباحث في علم الاجتماع، الحسين العمري، على أن المغرب عرف تاريخيًا موجات هجرة من إفريقيا جنوب الصحراء أثْرت نسيجه الاجتماعي، مشيرًا إلى أن المكوّن الأسود شارك في غزو الجيوش المغربية لأوروبا وتقلّد بعضهم مناصب عسكرية وإدارية رفيعة.
وأكد العمري أن هذا الدور التاريخي يكسر أي تصور يُهمّش السود أو يقصيهم، لكن العنف الرمزي لا يزال قائمًا، من خلال نكات أو مواقف اجتماعية مثل رفض زواج الأسود بالبيضاء.
واعتبر أن هذه الممارسات مرتبطة بترسبات اجتماعية وصور نمطية مغلوطة يجب تصحيحها عبر إبراز المساهمات التاريخية والسياسية والاقتصادية للمغاربة ذوي البشرة السوداء.
نحو مقاربة شاملة للمساواة
يرى المهتمون أن مواجهة العنصرية في المغرب لن تتحقق عبر شعارات أو إجراءات معزولة، بل عبر حزمة متكاملة من التدابير تشمل التربية والإعلام وتفعيل القانون وإشراك المتضررين أنفسهم في صياغة الحلول.
فالكرامة، كما يؤكدون، يجب أن تصبح حقيقة معاشة لكل المواطنين بصرف النظر عن لون بشرتهم، لا مجرد وعود أو حملات ظرفية.