نساء بين المقص والسوط.. صالونات التجميل تتحول لساحة مواجهة في أفغانستان

نساء بين المقص والسوط.. صالونات التجميل تتحول لساحة مواجهة في أفغانستان
طالبان تغلق صالونات التجميل في أفغانستان - أرشيف

في أحد أحياء كابول الضيقة، تغلق سارة، الستائر بإحكام قبل أن تستقبل زبونتها الموثوقة.. تحمل مقصها وكأنها تحمل سلاحها الأخير في وجه واقع يزداد قسوة. 

ومنذ أن فرضت طالبان قرارها الأخير بإغلاق حتى الصالونات السرية، لم يعد مجرد قصّ شعر أو تزيين وجه عملاً عادياً، بل أصبح مخاطرة قد تكلّفها حريتها، بحسب ما ذكرت وكالة "JINHA"، الأحد.

وقبل سنوات قليلة فقط، كانت صالونات التجميل النسائية في أفغانستان أشبه بمساحات صغيرة للحرية، حيث تتبادل النساء الأحاديث بعيداً عن أعين المجتمع والسلطات. 

وفي عام 2023، أصدرت طالبان قرارها بإغلاق 12 ألف صالون تجميل كان يعمل بها أكثر من 50 ألف امرأة، لتُغلق معها أبواب رزق آلاف العائلات.

لكن نساء كثيرات رفضن الاستسلام.. واصلن العمل في الخفاء، داخل غرف المنازل المغلقة، يستقبلن عددًا قليلاً من الزبائن الموثوقات، إلا أن وزارة "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" شددت قبضتها، محذّرة بأن كل من تجرؤ على الاستمرار ستواجه الاعتقال.

"لم يعد لنا مكان"

"الصالون لم يكن مجرد عمل، بل كان نافذتنا الوحيدة للحياة"، تقول نرجس، مصففة شعر سابقة، عبر تطبيق مراسلة مشفّر.. تضيف: "كنا نضحك، نتشارك القصص، نزيّن العرائس.. اليوم، حتى الضحكة أصبحت جريمة".

النساء اللاتي فقدن عملهن لا يخسرن دخلهن فقط، بل يخسرن شعورهن بالانتماء والقدرة على التعبير عن أنفسهن.. كثيرات أصبحن معزولات في منازلهن، في ظل سياسات طالبان التي منعت النساء من التعليم، والعمل، والتنقل دون محرم، وحتى دخول الحدائق أو المشاركة في الحياة الاجتماعية.

وتكشف القرارات المتتالية عن سياسة واضحة: إقصاء المرأة من المجال العام وتجريدها من أي فرصة للاستقلالية، فإغلاق الصالونات لا يضرب الاقتصاد النسوي فحسب، بل يقضي على آخر مساحة تتيح للنساء الأفغانيات الالتقاء والتواصل بحرية نسبية.

تقول ناشطة حقوقية مقيمة خارج أفغانستان: "تسعى طالبان لعزل النساء ليس فقط عن العمل والتعليم، بل حتى عن بعضهن البعض، إنهم يريدون مجتمعاً بلا أصوات نسائية".

مقصّات صامتة وأحلام معلّقة

بينما تواصل طالبان ملاحقة صالونات التجميل السرية، تقف آلاف النساء أمام واقع مظلم. بعضهن يخشين الاعتقال، وبعضهن فقدن مصدر رزق عائلاتهن الوحيد. 

لكن بين الخوف والإصرار، تبقى نساء مثل سارة يواجهن السؤال الصعب يومياً.. هل يظل المقص وسيلة للعيش.. أم يصبح سبباً للسجن؟



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية