فجوة تمويلية مقلقة.. قروض السكن الأمريكية تكشف عن تمييز عرقي رغم القوانين
فجوة تمويلية مقلقة.. قروض السكن الأمريكية تكشف عن تمييز عرقي رغم القوانين
كشف تحليل نشرته صحيفة فاينانشال تايمز، عن استمرار التفاوت العرقي في سوق التمويل العقاري بالولايات المتحدة، إذ أظهرت البيانات أن المتقدمين من أصول إفريقية يواجهون احتمالية رفض طلباتهم للحصول على قروض عقارية بمعدل يزيد مرتين عن نظرائهم البيض، حتى مع تماثل مستويات الدخل والديون.
وبحسب ما ذكرته الصحيفة البريطانية، الاثنين، أظهرت النتائج أن اللاتينيين أكثر عرضة للرفض بنسبة 1.5 مرة، والآسيويين بنسبة 1.2 مرة مقارنة بالبيض.
واستند التحقيق إلى مراجعة 39.5 مليون طلب رهن عقاري بين عامي 2018 و2023، جُمعت بموجب "قانون الإفصاح عن الرهن العقاري" الذي أُقر عام 1975 بهدف إنهاء التمييز في سوق قروض الإسكان.
واستخدمت الصحيفة نموذجاً إحصائياً أخذ في الاعتبار الدخل المعلن، مستوى الديون، حجم القرض، ومكان السكن، لكنه لم يتضمن "الدرجات الائتمانية" لعدم إعلانها ضمن البيانات الرسمية.
دفاع المؤسسات المالية
أثارت نتائج التحقيق ردود فعل غاضبة من المؤسسات المالية الكبرى، إذ اعتبرت شركة "القرن 21 للرهن العقاري" أن التحليل "مضلل" في غياب درجات الائتمان، فيما وصف "البنك الوطني الأمريكي" البيانات بأنها "صورة غير كاملة".
أما "جي بي مورغان" و"روكيت للرهن العقاري" فاعتبرتا النتائج "معيبة ومشوهة". وأكدت جمعية مصرفيي الرهن العقاري أن القطاع ملتزم بتقديم القروض "بغض النظر عن العرق".
وسلّطت منظمة "التحالف الوطني للإسكان العادل" الضوء على أن ضعف الملفات الائتمانية للأقليات ينبع من سياسات الفصل العنصري التاريخي، التي جعلت الأحياء الأمريكية مقسمة عرقياً حتى اليوم.
وأوضحت أن الأحياء ذات الأغلبية غير البيضاء ما زالت تعتمد على أشكال بدائية للإقراض، مثل "مقرضي يوم الدفع" وصرافي الشيكات، ما يزيد من ضعف فرص السكان في بناء تاريخ ائتماني متين.
وقالت ليزا رايس، الرئيسة التنفيذية للتحالف، إن "الأقليات العرقية غير مرئية ائتمانياً، ولذا لديهم في المتوسط درجات ائتمانية أقل".
معطيات رسمية
أظهر تقرير لمجلس الاحتياطي الفيدرالي في 2022 أن المتقدمين الأفارقة واللاتينيين يميلون إلى الاعتماد بشكل أكبر على الديون، وأن متوسط درجاتهم الائتمانية يقل بنحو 40 نقطة عن متوسط درجات البيض، حيث يبلغ متوسط الدرجة الائتمانية في الولايات المتحدة 715 نقطة.
ويحذر المدافعون عن حقوق المستهلك من أن الفجوة مرشحة للاتساع مع سياسات التراجع عن مبادرات التنوع والشمول في عهد إدارة الرئيس دونالد ترامب، إذ ألغى بيل بولت، رئيس هيئة تنظيم الرهن العقاري المعيَّن من ترامب، "برامج الائتمان ذات الأغراض الخاصة"، التي صُممت لمساعدة الفئات التي واجهت تمييزاً تاريخياً على امتلاك المنازل.
واعتبرت رايس أن هذه الخطوات تمثل "انتكاسة خطيرة" لجهود رفع معدلات ملكية المنازل بين الأمريكيين من أصول إفريقية.
ويكشف هذا التحليل عن استمرار التمييز البنيوي في النظام المالي الأمريكي رغم مرور نصف قرن على سن القوانين المناهضة له.
وبينما تصر المؤسسات المالية على أن قراراتها "محايدة"، تشير البيانات إلى أن آثار الفصل العنصري التاريخي ما زالت تلقي بظلالها الثقيلة على فرص الأقليات في الوصول إلى أبسط مقومات الاستقرار: امتلاك منزل.