باريس ترحب بإفراج إيران عن سائح فرنسي وتطالب بإطلاق سراح اثنين آخرين

باريس ترحب بإفراج إيران عن سائح فرنسي وتطالب بإطلاق سراح اثنين آخرين
لينارت مونتريلوس

أعلنت السلطات الفرنسية، عودة السائح الفرنسي – الألماني، لينارت مونتريلوس، إلى بلاده بعد إطلاق سراحه من السجون الإيرانية، حيث كان محتجزًا منذ يونيو الماضي بتهمة "التجسس" خلال فترة الحرب بين إيران وإسرائيل، في قضية أثارت جدلًا واسعًا حول سياسة طهران في التعامل مع الأجانب.

وأكدت وكالة الأنباء الفرنسية "فرانس برس"، الجمعة، نقلاً عن تصريحات رسمية للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ترحيبه بالإفراج عن مونتريلوس، مشيرًا في الوقت ذاته إلى ضرورة الإفراج الفوري عن مواطنين فرنسيين آخرين لا يزالان رهن الاعتقال في إيران.

وكتب ماكرون على منصة “إكس”: “أخيرًا، أُطلق سراح مواطننا لينارت مونتريلوس، كان مسجونًا في إيران منذ يونيو، وتشارك أمتنا فرحة هذه الحرية وفرح عائلته”.

من جانبه، أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو أن الجهود الدبلوماسية التي بذلتها باريس عبر سفارتها في طهران أسفرت عن إعادة مونتريلوس إلى فرنسا، وكتب: "من خلال إعادته إلى وطنه، أثبت موظفو الخارجية والسفارة مجددًا شرف مهمتهم في حماية المواطنين الفرنسيين في أي مكان في العالم".

تفاصيل الاعتقال والتبرئة

ذكرت التقارير أن مونتريلوس، البالغ من العمر 18 عامًا ويحمل الجنسيتين الفرنسية والألمانية، كان يقوم برحلة على دراجته الهوائية داخل الأراضي الإيرانية عندما فُقد الاتصال به منتصف يونيو الماضي. 

وبعد أسابيع من البحث، أعلنت السلطات الإيرانية اعتقاله بتهمة "التجسس"، وهي تهمة كثيرًا ما تُوجَّه للأجانب في إيران خلال فترات التوتر السياسي والعسكري.

وأشارت وكالة "ميزان" للأنباء التابعة للسلطة القضائية الإيرانية إلى أن المحكمة الثورية في مدينة بندر عباس أصدرت حكمًا ببراءة المتهم بعد مراجعة شاملة للملف، رغم ظروف الحرب الخاصة التي رافقت فترة اعتقاله. 

وأوضح رئيس قضاة محافظة هرمزغان مجتبى قهرماني أن المحكمة أخذت في الاعتبار "الشكوك القانونية المحيطة بالجريمة المزعومة"، مؤكدًا أن الحكم لا يزال قابلًا للاستئناف من قبل النيابة العامة.

توتر بين طهران وباريس

شهدت العلاقات الإيرانية-الفرنسية خلال السنوات الأخيرة توترًا ملاحظًا بسبب قضايا متعلقة باعتقال مواطنين فرنسيين في إيران، حيث وصفت باريس تلك الاعتقالات بأنها "ذات دوافع سياسية" واعتبرتها جزءًا مما يُعرف بـ"دبلوماسية الرهائن" التي تتبعها طهران في التعامل مع الغرب، وهو اتهام ترفضه السلطات الإيرانية بشكل قاطع.

ويقبع حاليًا في السجون الإيرانية كل من سيسيل كولر وجاك باريس، وهما ناشطان نقابيان اعتُقلا في ربيع عام 2022 بعد لقائهما مجموعة من المعلمين والنشطاء العماليين في طهران.

وكتب الرئيس ماكرون في تغريدة أخرى على منصة "إكس": "لا يزال سيسيل كولر وجاك باريس مسجونين تعسفًا في إيران في ظروف غير إنسانية. يجب إطلاق سراحهما على الفور، ولن تتخلى فرنسا عن أي من أبنائها".

جهود واتفاق محتمل

أوضحت مصادر سياسية فرنسية أن الإفراج عن مونتريلوس جاء بعد لقاء جمع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بنظيره الإيراني مسعود بيزشكيان على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك خلال شهر سبتمبر الماضي، حيث ناقش الجانبان قضية السجناء من الطرفين.

وأشار بيزشكيان في رسالة نشرها على "إكس" عقب اللقاء إلى وجود اتفاق مبدئي مع باريس على "حل قضية السجناء بين الجانبين"، ما فتح الباب أمام تسوية دبلوماسية أوسع بين البلدين.

وفي السياق ذاته، صرّح وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في سبتمبر الماضي بأن هناك إمكانية لتبادل السجناء بين طهران وباريس، مشيرًا إلى احتمال الإفراج عن المواطنة الإيرانية مهديه أسفندياري المسجونة في فرنسا بتهمة دعم حركة "حماس"، مقابل إطلاق سراح مواطنين فرنسيين في إيران.

تراجع في التصعيد القضائي

جاء إطلاق سراح الشاب الفرنسي الألماني بعد يوم واحد فقط من إعلان محكمة العدل الدولية أن فرنسا سحبت شكواها المقدّمة ضد إيران بشأن احتجاز ثلاثة مواطنين فرنسيين، وهو ما اعتبره مراقبون خطوة في إطار "تليين العلاقات" بين البلدين بعد أشهر من التوترات السياسية والإعلامية.

ويرى محللون أن هذه التطورات تشير إلى مساعٍ دبلوماسية هادئة بين باريس وطهران لإعادة قنوات التواصل وتخفيف حدة الخلافات، خاصة بعد تصاعد التوترات الإقليمية عقب الحرب بين إيران وإسرائيل.

ورغم الإفراج عن لينارت مونتريلوس، فلا تزال قضية اعتقال الأجانب في إيران تثير انتقادات حقوقية واسعة. إذ تؤكد منظمات دولية أن طهران تستخدم هذا الأسلوب وسيلة ضغط سياسية في مفاوضاتها مع الدول الغربية.

ويُعد إطلاق سراح الشاب الفرنسي الألماني رسالة رمزية من النظام الإيراني تُظهر استعداده لفتح صفحة جديدة مع باريس، لكنها في الوقت نفسه تذكيرٌ بواقع سياسي متوتر لا تزال فيه الحرية رهينة للتجاذبات الإقليمية والدبلوماسية.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية