رحيل جماعي من البنتاغون.. صحفيون يحتجون على خنق حرية الإعلام

رحيل جماعي من البنتاغون.. صحفيون يحتجون على خنق حرية الإعلام
لحظة مغادرة الصحفيين للبنتاغون

شهدت العاصمة الأمريكية واشنطن مشهداً غير مسبوق داخل أروقة وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، بعدما غادر عشرات الصحفيين المبنى احتجاجاً على سياسة إعلامية جديدة وصفت بأنها تهديد مباشر لحرية الصحافة واستقلاليتها. 

وتأتي هذه الخطوة وسط تصاعد التوتر بين وسائل الإعلام وإدارة الرئيس دونالد ترامب، في وقت تتزايد فيه الاتهامات للبيت الأبيض بمحاولة إحكام قبضته على المعلومة وتقييد دور الصحافة الرقابي.

غادر عشرات الصحفيين مبنى البنتاغون مساء الأربعاء، بعد أن سلموا بطاقاتهم الصحفية، في مشهد نادر يعكس حجم الغضب داخل الأوساط الإعلامية. 

وحددت وزارة الدفاع الأمريكية الساعة الرابعة مساء بتوقيت الساحل الشرقي موعداً نهائياً لمغادرة كل من رفض التوقيع على الوثيقة الجديدة التي فرضتها الإدارة.

المغادرة في صمت

انتشرت صناديق الملفات والكراسي وأجهزة النسخ والكتب القديمة في ممرات البنتاغون، بينما شوهد الصحفيون وهم يغادرون المبنى في صمت جماعي، وسط شعور بالأسى والإصرار على المبدأ. 

وغادر ما بين 40 و50 صحفياً المبنى دفعة واحدة، بعد أن رفضوا الرضوخ لما وصفوه بـ"سياسة تكميم الأفواه".

وقالت الصحفية نانسي يوسف، مراسلة مجلة ذا أتلانتيك، التي تعمل داخل البنتاغون منذ عام 2007، إن اللحظة كانت "مؤثرة وصعبة في آنٍ واحد"، مضيفة: "الأمر محزن، لكنني فخورة جداً بأننا كهيئة صحفية وقفنا صفاً واحداً ضد القيود المفروضة علينا".

قيود غير مسبوقة

فرضت وزارة الدفاع، بقيادة وزير الحرب بيت هيغسيث، سياسة جديدة تُلزم الصحفيين بالحصول على موافقة مسبقة قبل نشر أي معلومات تتعلق بالجيش، سواء كانت سرية أو غير سرية. 

واعتبرت الحكومة الأمريكية أن هذه الإجراءات "منطقية وضرورية لحماية الأمن القومي"، في حين رأت المؤسسات الإعلامية أنها انتهاك صارخ لمبادئ الديمقراطية الأمريكية.

وأكد محللون أن هذه القواعد الجديدة تمنح وزارة الدفاع سلطة واسعة على المحتوى الإعلامي، ما يعني تحويل الصحافة من سلطة رقابية إلى أداة تابعة للسلطة التنفيذية. 

ووصف الجنرال الأمريكي المتقاعد والمحلل في شبكة فوكس نيوز جاك كين هذه السياسة قائلاً: "ما يريدون فعله فعلياً هو تلقين الصحفيين ما يجب أن يقولوه وينشروه، وهذا ليس عملاً صحفياً حقيقياً".

موقف المؤسسات الإعلامية

أعلنت رابطة صحافة البنتاغون، التي تضم 101 عضواً يمثلون 56 وسيلة إعلامية، رفضها القاطع لهذه القواعد، معتبرةً أنها تتعارض مع الدستور الأمريكي وحرية التعبير. 

وأصدرت الرابطة بياناً وصفت فيه القرار بأنه "سابقة خطيرة تمس جوهر المهنة".

وحرصت مؤسسات إعلامية كبرى مثل أسوشييتد برس، ونيويورك تايمز، وفوكس نيوز ونيوزماكس على اتخاذ موقف موحد، بإخلاء مكاتبها داخل البنتاغون وعدم التوقيع على الوثيقة الجديدة، في خطوة تهدف إلى توحيد الصف الإعلامي في مواجهة محاولات التضييق الحكومي.

دعم رئاسي للقيود

وفي تصريح من البيت الأبيض، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب دعمه الكامل لوزير دفاعه، قائلاً: "أعتقد أنه يرى أن الصحافة تعرقل السلام العالمي.. الصحافة غير نزيهة للغاية". 

ويعكس هذا الموقف امتداداً لنهج ترامب في مواجهة وسائل الإعلام، إذ خاض العام الماضي نزاعات قضائية مع كبريات الصحف والشبكات الأمريكية، من بينها نيويورك تايمز ووول ستريت جورنال وإيه بي سي نيوز.

ويرى مراقبون أن هذه المواجهة بين البيت الأبيض ووسائل الإعلام تشكل منعطفاً خطيراً في علاقة السلطة بالصحافة في الولايات المتحدة، حيث باتت حرية التعبير نفسها ساحة معركة سياسية بين إدارة ترى في الإعلام خصماً، وصحفيين يعتبرون الدفاع عن الحقيقة واجباً وطنياً لا يحتمل التنازل.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية