اللاجئون الأفغان في 2025.. موجة ترحيل جماعي وحقوق مهدورة

اللاجئون الأفغان في 2025.. موجة ترحيل جماعي وحقوق مهدورة
عودة النازحين الأفغان

أفاد نائب المتحدث باسم حكومة طالبان في أفغانستان، الملا حمد الله فطرت، بأن أكثر من 2200 لاجئ أفغاني تم ترحيلهم من إيران وباكستان في يوم واحد فقط، حيث أعيدت 450 أسرة، تضم 2254 شخصاً، إلى وطنهم عبر معابر متعددة، وفق تقرير المفوضية العليا لمعالجة قضايا المهاجرين، الذي نشر على حسابه في موقع "إكس" بحسب ما ذكرته وكالة باجوك الأفغانية للأنباء اليوم الأربعاء.

وبينت الإحصاءات أن جزءاً من العائدين حصل على مساعدات إضافية لدعم إعادة التوطين، في وقت يواصل فيه آلاف الأفغان مواجهة تحديات اقتصادية وأمنية كبيرة.

عودة جماعية تحت ضغط الظروف

شهدت الأشهر الأخيرة من عام 2025 عمليات ترحيل جماعية للاجئين الأفغان من إيران وباكستان، حيث أظهرت الإحصاءات أن يوم الثلاثاء الماضي وحده شهد إعادة 2254 شخصاً إلى أفغانستان، بينهم 450 أسرة، وأشار الملا فطرت إلى أن العائدين دخلوا البلاد عبر معابر رئيسية تشمل إسلام قلعة في هيرات، وبولي أبريشام في نمروز، وسبين بولداك في قندهار، وبهرامشا في هلمند، وتورخام في ننكارهار، مؤكداً أن الحكومة تولت إعادة توطين 199 أسرة في مناطقهم الأصلية، بينما حصلت 417 أسرة أخرى على مساعدات إضافية لتأمين حد أدنى من الاحتياجات الأساسية.

ويعكس هذا الحجم الكبير من العودة الجماعية الضغط المستمر على اللاجئين في دول الجوار، حيث تتأثر حياتهم اليومية بمحدودية فرص العمل، ونقص الخدمات الأساسية، وصعوبات التسجيل القانوني، إضافة إلى القيود المفروضة على حرية الحركة في بعض المناطق الحدودية.

الجانب الحقوقي والإنساني

ترتبط عودة اللاجئين الأفغان بقضايا حقوقية وإنسانية معقدة، حيث يؤكد خبراء حقوق الإنسان أن الترحيل الجماعي دون ضمانات مناسبة يشكل انتهاكاً للمعايير الدولية المتعلقة بحق اللجوء والحماية، وينص القانون الدولي على أن اللاجئ لا يجوز ترحيله إلى بلد قد يواجه فيه خطر التهديد أو التعرض للاضطهاد، وهو ما يثير مخاوف بشأن سلامة العائدين وحقهم في الحياة الكريمة.

كما يلفت المسؤولون إلى أن عمليات الترحيل تتزامن مع ظروف اقتصادية صعبة في أفغانستان، تشمل نقص الغذاء والمياه والخدمات الصحية، ما يجعل العائدين أكثر هشاشة أمام الأزمات، وأكدت المفوضية العليا للاجئين أن توفير المأوى المناسب، والدعم المالي، وخدمات التعليم والرعاية الصحية، يمثل شرطاً أساسياً لضمان إعادة التوطين الآمنة.

أعداد العائدين وتوزيعهم الجغرافي

خلال عام 2025، تم تسجيل آلاف عمليات العودة، فقد سبقت عودة يوم الثلاثاء عملية إعادة 2827 مهاجراً أفغانياً من إيران وباكستان، ليعكس ذلك نمطاً مستمراً من إعادة التوطين الجماعي، وتشير الإحصاءات إلى أن توزيع اللاجئين العائدين يتركز في مناطق متعددة مثل هيرات ونمروز وقندهار وهلمند وننكارهار، ما يضع ضغوطاً متزايدة على البنية التحتية المحلية والخدمات الأساسية.

وتعكس هذه الأرقام حجم التحديات أمام الحكومة الأفغانية والمجتمع الدولي، إذ تتطلب متابعة دقيقة لضمان توفير الخدمات الأساسية، بما في ذلك السكن، والتعليم، والرعاية الصحية، إضافة إلى برامج دعم نفسي واجتماعي للحد من تأثيرات النزوح الطويل على الأطفال والنساء وكبار السن.

تحديات إعادة التوطين والأمن الغذائي

يرتبط ملف العودة بمخاطر أمنية وغذائية كبيرة، حيث يعاني بعض العائدين من فقدان ممتلكاتهم ومصادر رزقهم، خاصة في المناطق الريفية المتضررة من الجفاف ونقص الموارد، ويؤكد خبراء أن إعادة اللاجئين دون خطط شاملة للتنمية المحلية قد يؤدي إلى زيادة معدلات الفقر والهشاشة، ويجعلهم عرضة للصدمات الاقتصادية والموسمية، فضلاً عن الأزمات الإنسانية الناتجة عن النزاعات المسلحة.

ويشدد المسؤولون على ضرورة دعم برامج إعادة التوطين بمشاريع صغيرة وتدريب مهني لتأهيل العائدين لسوق العمل المحلي، بالإضافة إلى توزيع المساعدات الغذائية الطارئة لتخفيف الضغط عن الأسر الأكثر ضعفاً.

النساء والأطفال الأكثر تأثراً

تشير التقارير الحقوقية إلى أن النساء والأطفال يشكلون الفئات الأكثر عرضة لمخاطر العودة الجماعية، حيث يواجهون صعوبات في الحصول على التعليم، والرعاية الصحية، والحماية من الاستغلال والعنف، كما يعاني الأطفال العائدون من آثار نفسية طويلة الأمد نتيجة التجارب الصعبة أثناء اللجوء والتهجير، بما في ذلك فقدان أحد الوالدين أو تعرضهم لمخاطر الحدود والنزاعات.

وتركز المنظمات الإنسانية على برامج حماية الأطفال والنساء، وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي، لضمان دمجهم بشكل آمن في المجتمع المحلي، ومنع استمرار دورات العنف والفقر التي شهدها اللاجئون خلال سنوات اللجوء.

موقف المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية

أكدت المفوضية العليا للاجئين ومنظمات دولية أخرى ضرورة توفير الدعم الكامل للحكومة الأفغانية في إعادة توطين اللاجئين، بما يشمل الموارد المالية، والخدمات الأساسية، والحماية القانونية، ويشير المسؤولون إلى أن أي تراجع في دعم المجتمع الدولي قد يفاقم الوضع الإنساني، ويزيد من معدلات النزوح الداخلي والهجرة غير النظامية إلى دول الجوار وأوروبا.

وتؤكد هذه المؤسسات أن العودة الجماعية يجب أن تكون طوعية، ومدعومة بخطط واضحة، وتراعي الحقوق الأساسية للاجئين، بما في ذلك الحق في الحماية والحياة الكريمة، دون فرض سياسات ترحيل قسرية قد تعرضهم للخطر.

تاريخياً، شهدت أفغانستان موجات نزوح متكررة بسبب النزاعات المسلحة والحروب الداخلية منذ السبعينيات، كما هرب آلاف المواطنين إلى إيران وباكستان، وبحسب المفوضية العليا للاجئين، لا يزال نحو ثلاثة ملايين أفغاني يعيشون كلاجئين في دول الجوار، يعانون من قيود اقتصادية واجتماعية وقانونية، وتستمر حركة العودة الجماعية منذ 2021 عقب انسحاب القوات الدولية، لكنها تواجه تحديات كبيرة، تشمل الفقر، ونقص الخدمات الأساسية، وغياب آليات حماية كافية، إضافة إلى التأثيرات المناخية والجفاف الذي يفاقم الأزمة الإنسانية.

كما تؤكد المنظمات الحقوقية أن أي عملية إعادة توطين يجب أن تراعي التوزيع العادل للموارد، وضمان عدم وقوع تمييز بين اللاجئين العائدين، وحماية الفئات الضعيفة، خصوصاً النساء والأطفال وكبار السن.

تشير أرقام العودة الجماعية للاجئين الأفغان في عام 2025 إلى حجم التحديات الإنسانية والحقوقية التي تواجههم، حيث لا تقتصر المخاطر على فقدان الموارد المعيشية فقط، بل تشمل الحقوق الأساسية في الحماية، والتعليم، والصحة، وتؤكد التقارير الحقوقية أن معالجة هذه القضية تتطلب تكاملاً بين الحكومة الأفغانية والمجتمع الدولي، لضمان إعادة توطين آمنة وفعالة، تحمي العائدين من الانتهاكات، وتمكّنهم من بناء حياة كريمة ومستقرة في وطنهم.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية