وسط أزمة تغذية.. سوء التغذية مسؤول عن 35% من الوفيات في إيران
وسط أزمة تغذية.. سوء التغذية مسؤول عن 35% من الوفيات في إيران
كشفت تقارير إيرانية عن تفاقم أزمة التغذية في البلاد إلى مستوى غير مسبوق، إذ أصبح سوء التغذية مسؤولاً عن نحو 35 في المئة من الوفيات السنوية في إيران، نتيجة الانهيار الاقتصادي وتراجع القدرة الشرائية وارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية.
وجاء في تقرير نشرته منصة "رويداد 24" الإيرانية، الاثنين، أن الأزمة لم تعد تقتصر على انخفاض استهلاك الألبان واللحوم، بل امتدت إلى ندرة الفواكه والخضار، ما أطلق ما وصفه الخبراء بـ"جرس الإنذار الصحي والاجتماعي"، في ظل تزايد الوفيات المرتبطة بالنقص الغذائي.
ونقل التقرير عن مدير مكتب تحسين تغذية المجتمع بوزارة الصحة، أحمد إسماعيل زاده، أن ما بين 400 إلى 420 ألف شخص يموتون سنوياً في إيران، فيما تُعزى 35 في المئة من هذه الوفيات إلى النقص الغذائي وسوء التغذية، وهو ما يعكس حجم الأزمة التي تضرب بنية المجتمع الصحية.
وأشار التقرير إلى أن انخفاض استهلاك البروتينات الحيوانية والفيتامينات والمعادن الأساسية أدّى إلى انتشار السمنة بين الأطفال والنساء الحوامل، وتزايد الأمراض المزمنة المرتبطة بالأنماط الغذائية الرديئة.
وذكرت تقديرات وزارة الصحة الإيرانية أن نحو 10 آلاف شخص يموتون سنوياً بسبب نقص أحماض "أوميغا-3" الدهنية، و10 آلاف آخرين نتيجة قلة استهلاك الفواكه والخضار، وقرابة 25 ألفاً بسبب نقص الحبوب الكاملة في النظام الغذائي، فيما يواجه 50 إلى 70 في المئة من السكان نقصاً حاداً في فيتامين D، ما يؤدي إلى ضعف المناعة وأمراض العظام.
انهيار القدرة الشرائية
وأوضح تقرير "رويداد 24" أن تقلبات أسعار المواد الغذائية والتضخم المستمر أدّيا إلى انخفاض حاد في استهلاك الألبان واللحوم، وهما من أهم مصادر البروتين، حيث لا يستهلك الإيرانيون اليوم سوى نصف الكمية الموصى بها صحياً. كما أصبحت المكملات الغذائية والفيتامينات باهظة الثمن وغير متاحة لغالبية المواطنين.
وبيّن التقرير أن المحافظات الفقيرة مثل بلوشستان وكرمان وهرمزغان تشهد أزمة غذائية أشد وطأة، حيث يواجه السكان نقصاً مزمناً في المواد الأساسية وتفشياً في الأمراض المرتبطة بسوء التغذية.
وأشار التقرير كذلك إلى أن الأزمة لا تنعكس فقط على معدلات الوفيات، بل تمتد إلى ارتفاع السمنة بين الأطفال، وتقزّم القامة في المناطق الفقيرة، وانتشار الأمراض المزمنة مثل السكري وارتفاع ضغط الدم، نتيجة الاعتماد على وجبات رخيصة تفتقر للعناصر الغذائية.
الفقر وتداعيات العقوبات
في السياق، حذّر رئيس اتحاد قدامى العمال، حسن صادقي، في 16 أكتوبر الجاري من ارتفاع نسبة الفقراء من 30 في المئة إلى نحو 45 في المئة خلال العام الجاري، متوقعاً أن "الطبقة المتوسطة في طريقها إلى الانهيار الكامل إذا استمر الوضع الاقتصادي الراهن".
وجاء هذا التحذير بالتزامن مع موجة تضخم جامح وصعود متسارع في أسعار العملات الأجنبية، خصوصاً بعد تفعيل آلية "الزناد" وعودة العقوبات الأممية، ما فاقم الضغوط على الأسواق الإيرانية وأدى إلى تآكل الأجور والقوة الشرائية للأسر.
وأعلن مركز الإحصاء الإيراني في تقريره الصادر بتاريخ 27 سبتمبر أن معدل التضخم السنوي بلغ 37.5 في المئة، فيما وصل التضخم النقطي إلى 45.3 في المئة، وسجل التضخم الشهري لشهر سبتمبر 3.8 في المئة، وهي نسب تُظهر هشاشة الوضع الاقتصادي.
خطر يهدد الأجيال القادمة
أكد الخبراء، في ختام التقرير، أن أزمة التغذية الحالية تمثل "قنبلة موقوتة" تهدد مستقبل الأجيال القادمة في إيران، إذ إن استمرار سوء التغذية ونقص الفيتامينات لدى الأطفال والنساء الحوامل سيؤدي إلى تداعيات طويلة المدى على الصحة العامة والنمو العقلي والجسدي.
وحذّر التقرير من أن انعدام الأمن الغذائي لم يعد ظاهرة اقتصادية فحسب، بل تحوّل إلى مشكلة إنسانية تمسّ جوهر البقاء والصحة العامة في البلاد، داعياً السلطات إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لضمان الأمن الغذائي وتخفيف الأعباء عن الأسر الفقيرة.