وسط استمرار المعارك.. تصاعد النزوح والمعاناة الإنسانية في كردفان ودارفور

وسط استمرار المعارك.. تصاعد النزوح والمعاناة الإنسانية في كردفان ودارفور
نزوح في السودان- أرشيف

اشتدت خلال الأيام الأخيرة حدة المواجهات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في ولايات كردفان الثلاث -شمالها وغربها وجنوبها- وسط تصاعد خطير في أعمال العنف التي يشهدها الإقليم منذ اندلاع النزاع المسلح بين الطرفين في منتصف أبريل 2023، ما أدى إلى موجات نزوح متزايدة ومعاناة إنسانية غير مسبوقة.

وأكدت منظمة الهجرة الدولية في بيان صدر أمس الأحد، أن فرقها الميدانية المختصة برصد حركة النزوح وثّقت مغادرة 230 شخصاً من منطقة المزروب الواقعة غرب مدينة بارا في شمال كردفان، يوم الخميس الماضي، بسبب تدهور الأوضاع الأمنية.

وأوضح البيان أن النازحين توجّهوا إلى مناطق متفرقة داخل غرب بارا، لكن تلك المناطق نفسها "لا تزال تشهد توتراً وتقلباً مستمراً في الوضع الميداني"، ما ينذر بموجة نزوح جديدة إذا استمرت الاشتباكات على وتيرتها الحالية.

موجة نزوح جديدة 

وفي بيان منفصل، كشفت المنظمة أن نحو 1500 شخص اضطروا إلى الفرار من منطقة أبو قمرة في ولاية شمال دارفور في اليوم نفسه، نتيجة تفاقم انعدام الأمن واستمرار المعارك المسلحة.

ويأتي ذلك في ظل تواصل حصار مدينة الفاشر الذي تفرضه قوات الدعم السريع منذ أشهر، ما أدى إلى انهيار شبه كامل في الأوضاع الإنسانية، وتدهور الخدمات الأساسية داخل المدينة التي كانت تُعدّ آخر معقل رئيسي للجيش في شمال دارفور.

وكشفت تقارير محلية عن وفاة ما لا يقل عن 171 طفلاً و58 من كبار السن في مدينة الفاشر منذ نهاية شهر أغسطس آب الماضي، نتيجة الجوع الحاد ونقص الغذاء الناجمين عن الحصار المفروض على المدينة.

وأكدت منظمات إنسانية أن المساعدات الغذائية والطبية ما زالت غير قادرة على الوصول إلى آلاف المدنيين المحاصرين داخل المدينة، وسط استمرار انقطاع الإمدادات وغياب تام للممرات الآمنة.

ومنذ بدء الحصار، ارتفع عدد الضحايا المدنيين إلى 675 قتيلاً و1464 مصاباً، وفقاً لتقارير ميدانية، بينما تصف المنظمات الحقوقية الوضع في الفاشر بأنه "كارثي وغير إنساني"، محذرة من مجاعة جماعية وشيكة ما لم يُرفع الحصار بشكل فوري وتُفتح ممرات إنسانية آمنة.

تحذيرات من كارثة

دعت منظمات الأمم المتحدة والهيئات الإنسانية الدولية المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل من أجل وقف التصعيد العسكري ورفع الحصار عن المناطق المدنية في دارفور وكردفان، مشيرة إلى أن استمرار تدهور الوضع الأمني يهدد بموجة نزوح جماعي جديدة نحو ولايات مجاورة وحتى خارج حدود السودان.

ورجّح مراقبون أن يؤدي اتساع رقعة المعارك إلى انهيار كامل للجهود الدبلوماسية الرامية إلى وقف إطلاق النار، خصوصاً مع فشل المحادثات السابقة في تحقيق أي تقدم ملموس بسبب تعنت الطرفين وتمسك كل منهما بمواقفه الميدانية.

وفي ظل هذه التطورات، تواجه كردفان ودارفور واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخ السودان الحديث، حيث يجتمع العنف، والحصار، والمجاعة في مشهد يختزل حجم المعاناة التي يعيشها ملايين المدنيين في غياب حل سياسي يلوح في الأفق.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية