أزمة اجتماعية متفاقمة.. تحذيرات من تصاعد العنف الأسري في إيران
أزمة اجتماعية متفاقمة.. تحذيرات من تصاعد العنف الأسري في إيران
كشفت المديرة التنفيذية لمؤسسة بيت الأمان آتنا، زهرا افتخاري زاده، أنّ أكثر من 63 امرأة في إيران قُتلن منذ مطلع العام الجاري على يد رجال من أسرهن أو من الدائرة المقربة منهن، في مؤشر جديد على تصاعد العنف الأسري وتزايد ما يُعرف بـ"جرائم الشرف" في البلاد.
وذكرت صحيفة "هم میهن" الإيرانية، الاثنين، أنّ تصريحات افتخاري زاده جاءت خلال اجتماع نظمته جمعية علماء الاجتماع الإيرانيين بعنوان “تفكيك ظاهرة قتل النساء في إيران؛ مع إحياء ذكرى زهرا قائمي” الموظفة بجامعة طهران التي قُتلت على يد زوجها، عُقد السبت في كلية العلوم الاجتماعية بجامعة طهران.
وخلال الاجتماع، أوضحت افتخاري زاده أنّه لا توجد في إيران جهة رسمية متخصصة بجمع أو إعلان الإحصاءات الخاصة بجرائم قتل النساء، مؤكدة أنّ المعطيات الحالية "غير رسمية وشفوية"، وأنه من الضروري التعامل معها بهامش تقديري واسع لتكوين صورة أكثر دقة عن الواقع.
وأشارت إلى أنّ شهر أغسطس الماضي وحده شهد مقتل خمس نساء في مدينة شادغان بمحافظة خوزستان، ما يعكس خطورة الظاهرة واتساع رقعتها الجغرافية.
جذور ثقافية واقتصادية
وربطت افتخاري زاده تزايد هذه الجرائم بمنظومة من العوامل البنيوية، منها "الهيمنة الذكورية، والمبررات المرتبطة بالشرف، وضغوط الأوضاع الاقتصادية، وغياب الحماية القانونية للنساء، والصمت الاجتماعي إزاء الجرائم، وثقافة الصبر القسري المفروضة على النساء"، إلى جانب "تقصير المؤسسات الرسمية في الوقاية والتدخل المبكر لمنع تصاعد العنف".
وشدّدت المسؤولة الإيرانية على ضرورة سنّ تشريعات تُحقق المساواة بين الجنسين، وتوسيع شبكة البيوت الآمنة في المدن الإيرانية لحماية النساء المعرضات للعنف، مؤكدة أن "هذه الجرائم نتيجة مباشرة لتقاعس مؤسسات الدولة المعنية عن أداء واجبها".
وفي مداخلتها خلال الاجتماع، قالت الأمينة العامة لجمعية علماء الاجتماع الإيرانيين، شيرين أحمد نيا، إنّ جرائم قتل النساء ليست "حوادث فردية"، بل انعكاس مباشر لما وصفته بـ"البنى الثقافية والمعايير الجندرية غير المتكافئة التي تشرعن العنف ضد النساء".
أما الباحثة الاجتماعية ندا كلبهاري، فرأت أنّ الرجال أنفسهم "ضحايا في هذه الدائرة المغلقة للعنف"، لأنهم -كما قالت- "حين يرتكبون هذه الجرائم، يعيدون إنتاج منظومة القهر والعنف التي تدمّرهم نفسيًا واجتماعيًا بدورهم".
ارتفاع مقلق للعنف
وكانت صحيفة اعتماد الإيرانية قد نشرت في 19 أكتوبر الجاري تقريرًا أشارت فيه إلى مقتل أكثر من عشر نساء في الأسابيع الثلاثة الماضية في محافظات مختلفة، بينها أذربيجان الغربية وطهران وكردستان وبلوشستان وهمدان، مؤكدة أن معظم هذه الجرائم ارتُكبت بدافع ما يُسمّى بـ"الشرف".
وأشار التقرير إلى أنّ معدلات قتل النساء شهدت ارتفاعًا غير مسبوق خلال السنوات الأخيرة، في ظل غياب سياسات حكومية فعّالة لمكافحة هذه الظاهرة، وتأخر البرلمان في إقرار قانون شامل لمناهضة العنف ضد النساء.
وفي تقرير صادر في 26 سبتمبر الماضي، حذّرت المقرّرة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في إيران، ماي ساتو، من تفاقم جرائم قتل النساء، مؤكدة أنّ "غياب قانون يجرّم العنف الأسري والاغتصاب الزوجي يخلق بيئة خصبة لاستمرار الانتهاكات ضد النساء".
قلق شعبي متصاعد
ورغم تصاعد التحذيرات المحلية والدولية، لم تُبدِ السلطات الإيرانية حتى الآن أي تحرّك ملموس لمواجهة الأزمة التي أثارت قلقا مجتمعيا.
ويؤكد ناشطون أنّ استمرار الصمت الرسمي يكرّس الإفلات من العقاب، ويحوّل العنف ضد النساء إلى سلوك اجتماعي مُبرَّر تحت ذرائع ثقافية ودينية، ما يهدد بتفكك النسيج الاجتماعي ويقوّض فرص تحقيق العدالة والمساواة في المجتمع الإيراني.











