وسط تصاعد أزمة الفقر.. خطة إيرانية لحذف 15 مليون شخص من الإعانات

وسط تصاعد أزمة الفقر.. خطة إيرانية لحذف 15 مليون شخص من الإعانات
البرلمان الإيراني- أرشيف

كشف وزير العمل الإيراني أحمد ميدري، أمام البرلمان، أن الحكومة تعتزم حذف 15 مليون شخص من قائمة مستحقي الإعانات في إطار خطة لترشيد الدعم الحكومي، وذلك في ظل أزمة اقتصادية خانقة وتراجع حاد في الإيرادات نتيجة العقوبات الدولية المفروضة على طهران.

وجاءت تصريحات ميدري خلال جلسة خصصها البرلمان لمناقشة ملف الإعانات النقدية الذي يشكل عبئًا كبيرًا على ميزانية الدولة، في وقتٍ تتزايد فيه مؤشرات الفقر والبطالة وتراجع القدرة الشرائية لدى الإيرانيين، بحسب ما ذكرت شبكة "إيران إنترناشيونال"، اليوم الثلاثاء.

وأوضح ميدري في كلمته، أن إيران تضم فئة صغيرة من الأثرياء يمتلكون سيارات فاخرة، حيث قال إن في البلاد 4 أشخاص يملكون سيارات لامبورغيني، و181 مازيراتي، و3600 بورشه، و10 آلاف لاندروفر، إضافة إلى أكثر من 56 ألف سيارة من طراز "كرمان موتور" المحلي.

وأكد الوزير أن هذه الأرقام تُظهر وجود فجوة اجتماعية واقتصادية واسعة داخل المجتمع الإيراني، لكنها لا تعني أن البلاد تملك طبقة ثرية واسعة يمكن تحميلها عبء إلغاء الإعانات بالكامل، مشيرًا إلى أن مستوى المعيشة المتوسط في البلاد يختلف جذريًا من محافظة إلى أخرى.

وأضاف ميدري: "إذا قررت الحكومة والبرلمان حذف 27 مليون شخص من الإعانات، فسننفذ القرار، لكن اقتراحنا هو حذف 15 مليونًا فقط"، معتبرًا أن الخطوة تهدف إلى تخفيف الضغط المالي على الدولة دون الإضرار بالطبقات الفقيرة.

مشروع ترشيد الدعم

بدأ مشروع "ترشيد الدعم الحكومي" عام 2008 في عهد الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، وبدأ تطبيقه فعليًا في أواخر عام 2010.

وكان الهدف من الخطة تقليص الدعم الحكومي تدريجيًا عن السلع الأساسية مثل الوقود والكهرباء والمياه والمواد الغذائية، وتحويل جزء من الأموال الموفَّرة إلى المواطنين عبر إعانات نقدية مباشرة، بينما يُخصص الجزء الآخر للقروض والمشاريع التنموية.

وبحسب الإحصاءات الرسمية، فإن 77 مليون إيراني من أصل 83 مليون نسمة يتلقون إعانات نقدية، مقسّمين إلى فئتين: 30% يحصلون على 400 ألف تومان شهريًا، و60% يحصلون على 300 ألف تومان، بينما 10% فقط لا يتلقون أي دعم.

تفاقم الأزمة الاقتصادية

تواجه حكومة الرئيس مسعود بزشکیان صعوبة متزايدة في تمويل الإعانات، بعد انخفاض حاد في العائدات النفطية وتراجع النمو الاقتصادي بسبب استمرار العقوبات الأمريكية والأوروبية.

وذكرت المتحدثة باسم الحكومة فاطمة مهاجراني في 21 أكتوبر الجاري أن خط الفقر الشهري للفرد الواحد في عام 2024 تجاوز 6 ملايين تومان، أي بزيادة تقارب 2.5 مليون تومان على العام السابق.

وبناءً على هذه الأرقام، أشارت صحيفة "دنياي اقتصاد" إلى أن معدل الفقر ارتفع إلى 36%، وهو أعلى مستوى منذ أكثر من عقد، ما يعني أن ثلث سكان إيران عاجزون عن تأمين احتياجاتهم الأساسية.

تكلفة باهظة للإعانات

في تصريحات سابقة، قال حسن نوروزي، رئيس منظمة ترشيد الدعم الحكومي، في أغسطس الماضي إن تكلفة الإعانات تشكل 21% من إجمالي ميزانية الدولة هذا العام، مضيفًا أن الحكومة بدأت منذ سبتمبر في حذف الإعانات عن الشرائح الثلاث الأعلى دخلًا، أي نحو 18 مليون شخص.

وأشار إلى أن موازنة عام 2025 خصصت 315 ألف مليار تومان فقط للإعانات النقدية، أي أقل من نصف المبلغ المقرر في العام السابق، وهو ما يعكس العجز المالي الخطير الذي تعانيه الحكومة.

كما أقرّ بأن الحكومة لم تتمكن العام الماضي من تغطية كامل نفقات الإعانات، واضطرت إلى الاقتراض لتمويل جزء كبير منها.

بين التقشف والاضطرابات

ويحذر خبراء اقتصاديون في طهران من أن إلغاء الإعانات أو تقليصها بشكل واسع قد يؤدي إلى احتجاجات اجتماعية واسعة النطاق، خصوصًا في ظل ارتفاع أسعار السلع الأساسية وتدهور قيمة العملة المحلية.

ويرى المحللون أن الحكومة الإيرانية تجد نفسها أمام مأزق مزدوج: فهي من جهة عاجزة عن الاستمرار في نظام الدعم المكلف، ومن جهة أخرى تخشى أن يؤدي تقليصه إلى تفجر الغضب الشعبي في الشارع.

ويعتقد خبراء أن نجاح الحكومة في تنفيذ خطة الحذف التدريجي للإعانات يعتمد على قدرتها في تأمين بدائل اقتصادية فعالة للفئات الفقيرة، مثل تحسين فرص العمل وزيادة الإنتاج المحلي، وإلا فإن البلاد قد تشهد موجة احتجاجات جديدة على غرار احتجاجات الوقود في 2019.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية