يواجهون الشيخوخة بمفردهم.. النزوح وتفكك الأسرة يفاقمان معاناة كبار السن في سوريا

يواجهون الشيخوخة بمفردهم.. النزوح وتفكك الأسرة يفاقمان معاناة كبار السن في سوريا
مسن سوري يحتفل بالدولة الجديدة - أرشيف

تتعاظم معاناة آلاف كبار السن في سوريا مع اتساع موجات الهجرة والنزوح خلال السنوات الأخيرة، ما أدى إلى تفكك الأسر وترك المسنّين في عزلة قاسية داخل مدن وبلدات تشهد انهيارًا اجتماعيًا واقتصاديًا متواصلاً. 

ويجد كثير من الآباء والأمهات أنفسهم اليوم أمام شيخوخة بلا سند، بعد غياب الأبناء إلى دول الجوار أو أوروبا بحثًا عن العمل أو الهرب من التجنيد الإلزامي ومن تبعات الحرب المستمرة منذ أكثر من عقد، بحسب ما ذكرت وكالة "فرانس برس"، الاثنين.

سلسلة من التحديات

يواجه المسنون اليوم سلسلة من التحديات، الوحدة، والمرض، والفقر، وغياب الدعم، ويظهر ذلك بوضوح في حي الدريبة بمدينة جبلة، حيث يعيش أبو أحمد (55 عامًا) في غرفة صغيرة منذ سنوات بعد هجرة جميع أبنائه. 

ويعاني أبو أحمد، من آلام المفاصل وصعوبة الكلام والمشي، فيما يؤكد جيرانه أنه بالكاد يغادر منزله إلا بمساعدة شباب الحي.

ويعيش عبد الرحيم عدلة (65 عامًا) وضعًا مشابهًا في اللاذقية، بعد وفاة زوجته وسفر أولاده. 

ويقضي أيامه بين الصيد والمسجد، بينما يطول صمته داخل منزله لساعات طويلة، مرددًا خوفه الأكبر: “أخشى أن أموت وحدي ولا يشعر بي أحد”. 

ورغم اتصالات أبنائه المتباعدة، فإن شعور العجز يتضاعف مع الوقت، ولا تبدو العودة العائلية القريبة خيارًا واقعيًا.

حوالات لا تكفي

يعمّق الفقر المدقع مأساة كبار السن في سوريا، مع ارتفاع أسعار الدواء والعلاج وتدهور مؤسسات الرعاية الصحية، إذ يقف معظم المسنّين عاجزين عن دفع تكاليف متابعة الأمراض المزمنة، بينما أصبحت رواتب التقاعد رمزية وغير قادرة على تغطية الاحتياجات الأساسية، أما الحوالات التي يرسلها الأبناء من الخارج، فتتفاوت قيمتها وهي غير منتظمة، ما يجعلها دعمًا غير مستدام.

وتواجه نابغة طوقتلي (57 عامًا) وزوجها المدرس المتقاعد معركة يومية لتأمين أدوية الضغط وزيارات المستشفيات، وقد غادرت جميع بناتها إلى تركيا وأوروبا، لتبقى الأم في حالة عزلة لا تخفي مرارتها، مؤكدة أن المنزل “أصبح بلا روح” منذ سفر الأبناء.

وتتضاءل فرص الدعم لكبار السن في سوريا مع غياب مؤسسات رسمية فاعلة. فدور رعاية المسنين الموجودة قليلة العدد وتقدم خدمات متواضعة، في وقت ترفض غالبية الأسر إرسال كبارها إليها بسبب وصمة اجتماعية تُعدّ التخلي عن المسنّ عيبًا.

رعاية غير منتظمة

وتبذل الجمعيات الأهلية جهودًا متفرقة عبر زيارات منزلية وتوزيع سلال غذائية، لكنها تعتمد غالبًا على تبرعات موسمية غير مستقرة، ما يجعل الرعاية غير منتظمة ولا تلبي الاحتياجات المتزايدة يومًا بعد يوم.

ومع ضعف القطاع الصحي وتدهور الخدمات الاجتماعية، يجد كبار السن أنفسهم في مواجهة شيخوخة قاسية تفتقر لنظام حماية فعّال.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية