إثر سقوط ضحايا.. "حقوق الإنسان" الكولومبية تطالب بحماية الأطفال في مناطق النزاع مع المتمردين
إثر سقوط ضحايا.. "حقوق الإنسان" الكولومبية تطالب بحماية الأطفال في مناطق النزاع مع المتمردين
دعت مفوضة حقوق الإنسان في كولومبيا، إيريس مارين، الرئيس جوستافو بيترو إلى تعليق الغارات الجوية التي تنفذها القوات المسلحة ضد الجماعات المتمردة، بعد أن أسفرت العمليات الأخيرة عن مقتل خمسة مراهقين على الأقل خلال شهري أكتوبر ونوفمبر.
مأساة القاصرين
في فيديو نشر يوم الاثنين، أكدت مارين أن فتاة مراهقة واحدة على الأقل قتلت في غارة استهدفت جماعة "فاراك-إي إم سي" في مقاطعة أراوكو الأسبوع الماضي، فيما لقي أربعة مراهقين آخرون حتفهم في غارة مماثلة خلال الأسبوع الأول من أكتوبر، بعد أن تم تجنيدهم قسراً من قبل الجماعة المسلحة، وفق وكالة الأنباء الألمانية.
وقالت مارين إن الحوادث تؤكد الحاجة الملحة لإعادة النظر في استراتيجيات الغارات الجوية على المتمردين، مشددة على أن حماية الأطفال يجب أن تكون أولوية قصوى، وأن سقوط القاصرين ضحايا الحرب يترك آثاراً نفسية واجتماعية طويلة الأمد على المجتمع بأسره.
وفي سياق متصل، كانت مارين قد كشفت يوم السبت عن وفاة سبعة قصر آخرين في غارة شنتها القوات الحكومية ضد الجماعة نفسها في مقاطعة جافيار جنوب البلاد، حيث تطلق الحكومة حملة عسكرية ضد زعيم متمرد معروف باسم نيستور جريجوريو فيرا أو "إيفان مورديسكو"، وبذلك يرتفع عدد القاصرين الذين قتلوا هذا العام في الغارات الجوية الحكومية إلى 12 مراهقاً.
الرد الحكومي والتحقيقات
وأعلنت النيابة العسكرية في كولومبيا فتح تحقيق رسمي في الغارة التي وقعت في جافيار لتحديد مدى امتثال القوات المسلحة للقانون الدولي الإنساني وحماية المدنيين خلال العمليات العسكرية.
وأكدت الحكومة الكولومبية يوم الاثنين مقتل المراهقين، لكنها رفضت تعليق الغارات الجوية، مؤكدة أن الأطفال وُضعوا في خطورة بسبب تجنيدهم القسري من قبل الجماعات المسلحة، وأن أي مسؤولية تقع على عاتق هذه الجماعات التي تنتهك القوانين الدولية بحق الأطفال.
وأضافت السلطات أن الحملات العسكرية تستهدف بالدرجة الأولى قيادات مسلحة معروفة وأن الحكومة تعمل وفق قواعد القانون الدولي، مع مراعاة الإجراءات اللازمة للحد من الأضرار الجانبية، لكنها شددت على أن مواجهة الجماعات المسلحة تتطلب استمرار العمليات العسكرية لحماية المدنيين الآخرين.
أبعاد حقوقية وإنسانية
يشير مراقبون إلى أن استخدام الغارات الجوية ضد مناطق يختلط فيها المدنيون والمقاتلون يشكل تحدياً كبيراً للقانون الدولي، إذ يمكن أن يؤدي إلى سقوط ضحايا غير مقصودين، خاصة الأطفال والمراهقين، ويعد التجنيد القسري من قبل الجماعات المسلحة أحد أخطر الانتهاكات التي تتطلب من الدولة اتخاذ تدابير إضافية لتجنب سقوط المدنيين ضحايا للصراع.
ووفق خبراء حقوقيين، فإن مقتل القاصرين يسلط الضوء على أزمة أوسع تشمل انتهاك حقوق الأطفال في مناطق النزاع، حيث يضطر العديد منهم إلى الانخراط في صراعات لاختيارهم، ويصبحون عرضة للموت أو الإعاقة الجسدية والنفسية.
ومن منظور إنساني، فإن هذه الحوادث تترك أثرًا بالغًا على العائلات والمجتمعات المحلية، وتزيد من شعور المواطنين بعدم الأمان وفقدان الثقة في الإجراءات الحكومية لحماية الأطفال خلال النزاعات المسلحة.
صراع ممتد منذ عقود
تواجه كولومبيا منذ عقود صراعاً مع جماعات متمردة عدة، أبرزها "فاراك-إي إم سي" والفصائل المسلحة الأخرى، التي اعتمدت خلال السنوات الأخيرة على تجنيد الأطفال والمراهقين للقتال ضمن صفوفها، وتعمل الحكومة الكولومبية منذ سنوات على مواجهة هذه الجماعات من خلال حملات عسكرية تشمل الغارات الجوية والعمليات البرية، إلا أن التعقيد في بيئة النزاع، وامتزاج المدنيين مع المقاتلين، يزيد من احتمالات سقوط ضحايا من غير المقاتلين.
ووفق تقارير حقوقية، فإن التجنيد القسري للأطفال ينتهك اتفاقيات الأمم المتحدة لحقوق الطفل، ويشكل جريمة حرب في إطار القانون الدولي، كما أن استهداف المناطق التي تتواجد فيها الفئات العمرية القاصرة يعقد من فرص بناء السلام المستدام ويحمل تداعيات نفسية واجتماعية كبيرة على المجتمع.
ويشير خبراء إلى أن هناك حاجة ماسة لتعزيز الضوابط وإعادة النظر في التكتيكات العسكرية، مع تبني بدائل أقل خطورة لحماية المدنيين، خاصة الأطفال، وضمان عدم سقوطهم ضحايا للصراع المسلح.











